الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«عقد من التراث» يرصد فصولاً من التاريخ في مشاهد حية

«عقد من التراث» يرصد فصولاً من التاريخ في مشاهد حية
7 ابريل 2012
تعيش إمارة الشارقة هذه الأيام طقوساً احتفالية تراثية، تعيد من خلالها إحياء زمن الماضي الجميل وكل ما يعكسه من أوجه الحضارة والثقافة والتراث، لتفتح نوافذ على تاريخ الإمارات، وتكشف كنوزاً مادية ومعنوية من الموروثات الشعبية، فتحتفي مع الأهالي بحدث دوري تتجدد أفراحه سنوياً، حيث تبدأ فعاليات مهرجان “أيام الشارقة التراثية” في دورته العاشرة، مستهلة أنشطتها وبرامجها المتنوعة بشعار يلخص مرور “عقد من التراث” على انطلاقتها.

للمزيد من الصور اضغط هنا

حراك ثقافي
يشكل هذا العرس التراثي اللافت بكل ما يحمله من مشاهد الأصالة والتحضر، تظاهرة شعبية جماهيرية وحيوية، إذ تعيش المدينة وعلى مدار أسبوعين كاملين حراكاً ثقافياً وحضارياً متجدداً، تشارك به مختلف فئات المجتمع ومن شتى الجنسيات والأعمار، لتتفاعل مع أنشطته وبرامجه. إلى ذلك، تقول الإعلامية حليمة الملا “تحتضن قرية التراث في هذا الوقت من كل عام مراحل زمنية مختزلة من عمر المنطقة، وتروي بين جناباتها فصولاً مقتطفة من الماضي، مظهرة جملة من التفاصيل الحياتية والمعيشية القديمة للمجتمعات الخليجية، حيث تظهر بجلاء قيم العادات والتقاليد، وسمات الأصالة والتحضر الذي كانت تطبع أهل الإمارات والمناطق المجاورة لها، من خلال استعراض لمشاهد حية وملموسة لكل ما هو متعلق بالتراث، من المهن القديمة والحرف اليدوية مع أنماط مختلفة من الفلكلور التراثي والفنون الشعبية المتوارثة عبر السنين”.
وتتابع “لا شك أن مناسبة مرور عقد كامل على انطلاقة أيام الشارقة التراثية، وما حققته خلاله من إنجازات ونجاحات متتالية على مستوى التنظيم والإعداد والتنوع، فرض على المنظمين إجراء تغيرات ومستجدات متعددة لاحظها كجمهور بشكل جلي، حيث أخذت معظم الفعاليات منحى أكثر جدية وأعمق فكراً، كما كان هنالك تركيز أكبر في هذه المرة على النواحي الثقافية والندوات الهادفة وحلقات النقاش التي تدور في إطار المحافظة على التراث المادي والأدبي للإمارات، فترصده شعراً ونثراً وحكاية ومقالاً، مع ثراء واضح في تنويع المصادر وشخصيات المحاضرين الموزعين بين المقاهي الأدبية التابعة للقرية، كمقهى البارجيل ومقهى الدريشة واللذين يحفلان يوميا بمحاضرات قيمة وجلسات بحث وفكر تهتم بتفاصيل إرثنا التراثي الكبير”، مشيرة إلى أن التراث في مضمونه العام يمثل ذاكرة أمة وحضارة شعب، وهو يشمل كل النواحي المعيشية والإنسانية والثقافية والدينية التي اختبرتها المجتمعات عبر العصور، ويدلل على أنماط حياة الأفراد حسب جغرافية المكان ومرحلة الزمان. وتصف الملا وجود الأجنحة العربية والخليجية المختلفة ضمن نطاق برامج مهرجان “عقد من التراث” الجديدة، بأنها لفتة إيجابية وإضافة مهمة على مجمل الفعاليات، مؤكدة دور هذه الأروقة الثقافية في إثراء المكان، ونقل جمهور الحضور معها إلى مختلف البلدان، للتعرف على ما تحمله كل دولة من خصوصية تراثية تمثل شعوبها، حيث يكشف كل رواق عن هوية مجتمعه ومنطقته، مبينا تفاصيل تميزه، وتطبع عادات سكانه وأسلوب حياتهم لناحية المأكل والملبس والحرفة والأدوات، بل وحتى المفردات والمسميات، مما يقدم للزوار مادة معلوماتية دسمة من التاريخ والحضارة.
الحضارة والهوية
من جهته، يقول علي المطروشي، مدير متحف عجمان إن أيام الشارقة التراثية موسم لعودة إحياء التراث يعبر عن الأصالة والحضارة والهوية الوطنية لسكان الإمارات، فيتعزز من خلاله دور الماضي في رسم الحاضر وطموح المستقبل، ومن خلال هذا المهرجان تترجم حيثيات حقبتين من أهم الحقب الزمنية التي مرت على الدولة، لتظهر طبيعة حياة الإنسان الإماراتي قبل وبعد اكتشاف النفط، كما تشكل بفعالياتها ظاهرة حضارية وثقافية موجهه لعموم المجتمع، كونها تقدم أنشطة فكرية وأدبية متنوعة ومتجددة على الدوام، فتكتب وثائق تراثية مهمة، وتقرأ بها مراحل مفصلية مختلفة من تاريخ المنطقة الإنساني”.
ويضيف “للشارقة ميزة لا ينافسها عليها أحد، فكل مؤسسيها كانوا من المثقفين والشعراء والباحثين، ففيها بنيت أول مدرسة شبه نظامية في الدولة وهي “مدرسة تيمية المحمودية”، في مطلع القرن التاسع عشر، ومنها انطلقت أول صحافة مكتوبة علي يد إبراهيم المدفع مؤسس صحيفة “صوت العصافير” في العشرينيات، وقد كانت أول مدينة حاضنة للتعليم الحديث في العام 1953، كما كانت أول إمارة دخلت فيها المرأة حقل التعليم، وظهر منها أول مؤرخ إماراتي، وهو الشيخ عبدالله المطوع في العام 1958، لذا فالشارقة تزهو بأعياد متتاليات للثقافة والحضارة والتراث، مستعيدة أمجاد الماضي وقيم الأولين وموروثهم الشعبي على مر الأزمان”.
ويعبر سالم المزروعي، أحد زوار قرية التراث، عن تفاعله مع الحدث فيقول “لهذا المكان خصوصية وميزة، فهو يعبر عن قيمة وهوية الوطن وأهله، ومع مرور كل دورة تتجدد الفعاليات والمشاهد التراثية التي تسرد مسيرة الأجداد، ونحن كمواطنين نثمن هذه البادرة الكريمة التي تنظمها إدارة التراث في الشارقة، والتي تخولنا لخوض تجربة رائدة في استكشاف ماضي المنطقة العريق، لتمد جسورا من التواصل بين مختلف الأجيال، وتختصر من خلالها الفترات الزمنية وتذوب كل المسافات، فنتعرف على أوجه متعددة من عادات وتقاليد مجتمعنا المحافظ، ونطلع على صوره المعيشية في تجسيد حي لبيئات مختلفة من مناطق الإمارات البرية والجبلية والساحلية والزراعية، وأنا شخصياً أحرص على زيارة هذا المهرجان في كل عام بصحبة أسرتي وأولادي الصغار، لأعرفهم على تاريخ وحضارة بلدهم فأغرز في نفوسهم روح الانتماء”.
ويقول زائر آخر لأيام الشارقة التراثية، وهو أحمد سالم “نترقب هذا الحدث الشائق في منتصف كل ربيع، وهو يأتي متزامناً مع العطل المدرسية للطلاب، فيمثل فرصة جيدة لزيارة العائلات مع أبنائهم، إذ يوفر العديد من المعلومات التاريخية عن الإمارات وبعض البلدان الأخرى، كما نسترجع من خلاله ذكريات جميلة وأياما عشناها في قرانا القديمة، مع بيوتنا المتلاصقة وفرجاننا الضيقة، حين كنا ننعم ببساطة العيش ونتمتع بدفء الجار، ونتقاسم رغيف الخبز مع القاصي والداني، تنير ليالينا الفوانيس، وتفترش أرضياتنا البسط والحصران، نجتمع لنأكل بمحبة على السرود، ثم نتسامر مع دلال القهوة واستكانات الشاي، لا يسلينا غير سرد الحكايات وقصص الجن والأنس التي توارثناها عبر الأجيال”.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©