الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«كروش» بالغة الاستدارة

«كروش» بالغة الاستدارة
7 ابريل 2012
بدون أي فخر، وبلا ذرة اعتزاز، فقد شهدت دزينة السنوات المنصرمة من هذا القرن انضمامي المؤزر الى فئة أصحاب الكروش العرب، الذين يصلون الى 45 مليون كرش عربي عداً ونقداً، من بين نصف مليار متكرش في العالم أجمع، وبذلك تكون عشيرتي أكبر وأثقل عشيرة وعزوة في العالم العربي. ولعل الفضل الأول في هذا التكرش اللاإرادي يعود الى أني عملت سابقاً، في موقع إليكتروني عربي مسؤولاً عن الكتابات الساخرة، ما أقعدني طريح الكرسي أمام شاشة الكمبيوتر للعديد من الساعات يومياً، فبدأت بتخزين المواد الأولية اللازمة لتصنيع الكرش. وقد تركت العمل هناك بعد عام تقريباً، لكن الكرش استمر في النمو واكتساب حيز أكبر في هذا العالم. ولا تزال الكتابات الأدبية تحت تأثير القصور الذاتي، وتعتبر الكرش رمزاً للاستغلال والجشع والثراء الفاحش، مع أن هذه الترميزات قد اختلفت، لا بل انعكست مع بداية تشكل كرشي المبجل الفائق الاحترام والاحتراف، الذي يمكن اعتباره بداية النهاية لانعكاس الرمز، وهذا ما أتمنى أن يتنبه له كتاب القصة القصيرة والرواية الجدد، ناهيك عن رسامي الكريكاتير ومن لف لفهم. انعكاس الرمز، عبارة معقدة وثقيلة على الكتابة الساخرة، ولا أعرف اذا كانت مستخدمة نقدياً فقد ابتكرتها للتو، لكنها واقعية تماماً، إذ أن المستغلين والجشعين والأثرياء في عالمنا، صاروا يمارسون الرياضة ويلتزمون بالحميات، ويتعاطون الأدوية والأعشاب التي تحافظ على رشاقتهم، وهكذا حافظوا على صفاتهم المتوحشة، لكنهم تخلصوا من الكرش نهائياً، وما عاد الكرش ينفع كترميز لهم. أما الفئات ذات الدخل المحدود- مثل حكايتي- فإنها حافظت مرغمة على تكرشها، لأنها لا تمتلك الوقت ولا المال للتخلص من الكرش وملحقاته، فهي دوماً منهمكة في الركض وراء رغيف الخبز المستدير كالعجلة، الراكض أمامها كالعجل المصاب بجنون البقر. لذلك أقنعنا أنفسنا، نحن المتكرشين أدناه، بأننا نحتل حيزاً أكبر ونسهم في تحرير العالم من المستغلين الحقيقيين، ذوي القامات الممشوقة والكروش المحروقة. إضافة الى أننا نعشق الفكاهة والضحك، ولا نحمل الأشياء على محمل الجد، إلا على طاولات الطعام، وهذا حق طبيعي لنا، لن نفرط فيه، رضي من رضي، وغضب من غضب. وعلى ذكر الطعام، فإن أراذل الطعام هي التي تؤسس للكرش وليس أطايبه، والإفراط في تعاطي النشويات، مثل الفول والخبز والعدس، تؤدي الى ترهل الكرش، وليس أكل اللحم والمرتديلات والدجاج والسمك. ونظرة إحصائية عادلة الى نسبة المتكرشين في العالم العربي، ستكتشف أن أكثر أصحاب الكروش يتركزون في المناطق الأكثر فقراً. صحيح أنك لا تفرق بيننا – من بعيد- وبين أنبوبة الغاز، وصحيح أننا نعاني ونلهث تعباً ونحن نمشي، وأننا نجد صعوبات جمة في ركوب السيارة، وصعوبات في النزول منها، وصحيح أننا نحرج أنفسنا ونحن نرى ونسمع أزرار القمصان والدشاديش وهي تتطاير من أمامنا عند الضغط المفاجئ... وصحيح وصحيح وصحيح. إلا أن كل هذا لن يردعنا، فنحن العشيرة الأكبر، بينما أنتم الذين لم تمنحكم الطبيعة نعمة التكرش، تتقافزون مثل الكناغر وتتناطحون وتتحاربون وتقتلون بعضكم بعضا. هل شاهدتم عسكرياً متكرشاً، أو إرهابياً بالغ السمنة، أو نشالاً يتدلى كرشه أمامه ..لا.. وألف لا؟؟؟ يحتاج القتال والذبح والقتل، وتحتاج السرقة والنشل والخيانة، الى خفة الحركة التي نفتقدها، لذلك فإننا من المحصنين ضد هذه الممارسات التي تسيء الى إنسانية الإنسان، نحن كائنات متدحرجة مرحة لطيفة.. معاً من أجل كروش أكبر واثقل!! يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©