الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوف ترى!

سوف ترى!
7 ابريل 2012
قالت لي سلوى في ثقة: - «لا تقلق بتاتا من حفل الزفاف.. سترى كيف أبدو.. سأكون بالضبط مثل الأميرات». نظرت لشعرها المنكوش وأنفها العملاق اللامع وأسنانها الصفراء.. لا أعيب على أي وجه طبعا، فقط أنا لا أفهم المعجزة التي ستصير بها مثل الأميرات. من حق أي إنسان أن يكون قبيحا، لكن ليس من حقه أن يؤكد أنه سيكون رائع الجمال.. على كل حال رأيتها في ذلك الزفاف، فاندهشت.. هي هي لم تتغير.. إذن على أي أساس كانت تتحدث؟.. ومن أين جاءت بهذا التفاؤل كله؟ إن ثقة بعض الناس بمجرى الأمور تثير دهشتي أحيانًا.. يعدونك ويعدونك حتى تحسب أن الأمر منته، وتحسب من العيب أن تسأل أكثر.. ثم يتبين أنهم لا يعرفون قدراتهم على الإطلاق.. تعلم الرئيس المصري جمال عبد الناصر هذا الدرس بالطريقة الصعبة عام 1967، حيث كلما سأل وزير الحربية عبد الحكيم عامر عن مدى استعداده لصد الهجمة الإسرائيلية القادمة، قال عامر وهو يشير لعنقه: رقبتي!!.. وهي إيماءة معناها أنه يعد بحياته.. عندما تسلى الطيران الإسرائيلي على الجيش المصري كله في 5 يونيو 1967 تأكد عبد الناصر أن عبد الحكيم عامر كان يقصد أن رقبته ستطير لو حدث هجوم إسرائيلي.. من ضمن نماذج هذه الثقة الزائدة ما قرأته عن فيلم الأخوين الأميركيين كوين، وهما عبقريان اعتادا عمل ما يريدان.. كان اسم الفيلم القادم لهما «احرق بعد القراءة». قال الأخ إيثان كوين: ما العلاقة بين عميل مخابرات مركزية مخمور وسي دي وجمنيزيوم وفتاة تحب الملاكمة؟ هذا ما سوف تعرفه عندما تشاهد الفيلم! رأيت الفيلم فعرفت كم هم عباقرة.. الفيلم يدور فعلاً عن عميل مخابرات مركزية مخمور وجمنيزيوم وسي دي وفتاة تحب الملاكمة.. لكن لا يوجد أي رابط تقريبا..!.. لم يحلا المشكلة. من أين جاءا بهذه الثقة إذن؟ أما ما قرأته عن فيلم «فان هلسنج»، فهو أكثر طرافة.. يقول مؤلف السيناريو العبقري إنه واجه مشكلة أن يجمع بين دراكيولا وفرانكشتاين والرجل الذئب في قصة واحدة.. بالطبع سوف يشعر المشاهد بالتلفيق.. هكذا راح يفكر ويفكر.. قضى عدة أشهر يفكر.. ثم توصل للحل.. سوف يزور فان هلسنج قلعة دراكيولا في ترانسلفانيا.. هنا يكتشف أن هناك من يجري تجارب فرانكشتاين في القبو، وهنا يهاجم رجل ذئب الضاحية!.. فعلاً عبقري!.. لا يوجد أي افتعال! لقد حل المشكلة.. الكلام الفارغ نفسه قرأته على لسان مخرج أميركي قرر أن يعيد تقديم فيلم «سايكو» الخالد لهتشكوك.. لماذا تفعل هذا يا بني؟.. إن فيلم هتشكوك قد استكمل عوامل النجاح والكل يحبه فلماذا تعيد اختراع العجلة؟.. لكن المخرج المتحمس كتب يقول إن هتشكوك لم يفهم المعدن الأصيل للرعب.. هذا المعدن هو ما سيحاول اقتناصه في تقديمه لفيلم سايكو. ربما تكون قد رأيت الفيلم.. لم يقدم الرجل أي شيء جديد سوى أنه أعاد فيلم هتشكوك لقطة بلقطة.. حتى زوايا الكاميرا قلدها.. حتى الموسيقى أعاد استخدامها.. حتى الإضاءة! إذن ما هو ذلك الشيطان الذي سيطر عليه وهو يدلي بتلك التصريحات الواثقة؟ «سوف ترى»... العبارة الشهيرة التي تثير جنوني، خصوصًا عندما يأتي الوقت فأكتشف أني لم أر أي شيء.. أتمنى لو يفهم الإنسان قدراته أكثر. من السهل فعلاً أن أؤكد لك أنك سترى المعجزات لو أنني لعبت غدًا مع الفريق القومي. والأدهى أن أصدق نفسي فلا أكذب.. لكن ماذا عن لحظة الحقيقة؟.. د. أحمد خالد توفيق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©