الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أسعار السكر العالمية تسجل أعلى مستوياتها منذ 30 عاماً

أسعار السكر العالمية تسجل أعلى مستوياتها منذ 30 عاماً
24 أكتوبر 2009 23:07
حين قال جوناثان دريك رئيس قسم سلعة السكر في شركة “كارجيل” لبعض أصدقائه ومعارفه في مطلع هذا العام إن أسعار السكر قد تبلغ ثلاثة أمثالها خلال عدة أشهر كان رد فعلهم خليطاً من الإنكار والشك. غير أنهم جميعاً أخذوا الأمر على محمل الجد نظراً لمكانته المرموقة في عالم التجارة وإلمامه الواسع بمجريات الأسواق. وخلال محادثات خاصة مع غيره من المسؤولين التنفيذيين في أقسام سلعة السكر، حذر دريك من احتمال بلوغ سعر السكر 40 سنتاً للرطل (ما يعادل دولارا أميركيا للكيلو أو 3.7 درهم إماراتي للكيلو) وهو ما كان يعتبر تكهناً مغالا فيه لسلعة كان سعرها آنذاك 15 سنتاً. ويقول دريك “نحن بصدد إعادة تسعير السكر مثلما أعدنا تسعير زيت الطعام وفي هذه العملية عادة ما تبالغ الأسواق في تقلبات الأسعار”. تكهنات دريك تفسر لنا سلوك أكبر شركة تجارة سلع زراعية وهي “كارجيل”، وقيامها بتحقيق المكاسب من أكبر موجة زيادة في أسعار السكر يشهدها العالم. ورغم عدم بلوغ سعر السكر حتى الآن مستويات 40 سنتاً إلا أنه زاد أكثر من الضعف من شهر يناير ليسجل أكبر ارتفاع خلال 28 عاماً إلى 25 سنتاً للرطل. عاصفة الأسعار لم تكن “كارجيل” الشركة الوحيدة الساعية إلى رفع أسعار السكر، حيث إن شركتي “كزارنيكوف” شركة تجارة السكر المتمركزة في لندن و”جليتكور كانتا” تتحدثان أيضاً عن زيادة الأسعار، ولكن يبدو أن “كارجيل” قد تفوقت على منافسيها. ويقول جوناثان كينجسمان الذي كان قد بدأ عمله التجاري في “كارجيل” ويرأس حالياً شركته الاستشارية في مجال السكر “إن ما يميز (كارجيل) عن باقي منافسيها أن لديها القدرة على تأييد تحليلاتها بمركزها الراسخ في السوق”. ويذكر أن ارتفاع أسعار السكر يعزى إلى نقص كبير في المعروض منه في الأسواق لتدني أحجام المحاصيل الزراعية في البرازيل والهند أكبر منتجين للسكر في العالم. إذ يقول دريك إن الوضع أسوأ كثيراً من عامي 1973-1974 أو عامي 1980-1981، مشيراً إلى فترتين سابقتين حدث خلالهما نقص كبير وارتفاع شديد في أسعار السكر. ويضيف قائلاً إنه لا مفر من رفع أسعار السكر ربما إلى 40 سنتاً للرطل مثلما حدث في الأزمات السابقة ولكن المصاعب هذه المرة أكثر تعقيداً وأشد. ذلك أن دريك أدرك هذه المصاعب من قبل. فخلال مؤتمر “كينجسمان؛ للسكر في دبي خلال شهر فبراير الماضي توقع دريك “بداية عاصفة مستحكمة” تعود في المقام الأول إلى تدني الإنتاج في الهند. وبحلول مؤتمر السكر السنوي الذي عقد في نيويورك في شهر مايو الماضي، كان الوضع يزداد تدهوراً بسبب أن الطقس وأزمة الائتمان قد عصفا أيضاً بمستويات المحصول. ويقول دريك إنه بات جلياً له آنذاك أن الأوضاع تدهورت أيضاً في مناطق أخرى مثل المكسيك وروسيا وباكستان. ورغم الركود العالمي إلا أن “كارجيل” كانت متفائلة من حيث زيادة الطلب على السكر أيضاً. ففي فبراير الماضي كان دريك متمسكاً برأيه أن سوق السكر لم تكن قد شهدت تراجعاً في الطلب طوال العقدين الماضيين وهو يبرر ذلك بأن العالم كان يقلل من مخزونه خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة وهو وضع يختلف عن تراجع الاستهلاك. وبالطبع فالتكهن بهذه التطورات يعني ازدهار نشاط “كارجيل” في مجال سلعة السكر. ولكن السؤال الآن هو هل سيكون في مقدور “كارجيل” أن تقود السوق. وفي الوقت الحالي يبدو أن كارجيل تتعمد زيادة أسعار السكر، حيث يفيد دريك بأنه لم يترتب على الأسعار الحالية تقليص الطلب بالقدر الكافي. ويتفق معه في هذا الرأي شركات أخرى منها كزارنيكوف. فيضان وجفاف وتسببت رياح موسمية جافة نتيجة ظاهرة النينيو في إتلاف محصول قصب السكر في الهند (ثاني أكبر منتج للسكر في العالم بعد البرازيل) وربما ينخفض إنتاج السكر إلى 15 مليون طن عامي 2009-2010 بنسبة تزيد على 40 في المئة من المحصول السنوي. وفي البرازيل حدث العكس حيث تسببت ظاهرة النينيو في سقوط أمطار في موسم كان جافاً في الأحوال العادية في دولة تصدر 60 في المئة من السكر العالمي. ذلك أن الجو الممطر قلل من عدد الأيام التي يتمكن فيها الفلاحون من تقطيع القصب كما قلل أيضاً من نسبة السكروز التي تستخلصها مصانع تكرير السكر الأمر الذي تسبب في تقليص إنتاج السكر. وينتظر أن تنتج المنطقة الجنوبية الوسطى في البرازيل 29.4 مليون طن سكر في العام لغاية شهر مارس 2010 أقل بنسبة 5.6 في المئة من توقعاتها في بداية الموسم في أبريل. يذكر هنا أن دولاً أخرى مثل المكسيك وباكستان إلى العراق والصين ستضطر إلى زيادة وارداتها من السكر بسبب نقص المعروض. وتقول مؤسسة “بانج” التجارية المتمركزة في الولايات المتحدة إن سعر السكر قد يصل إلى 27-29 سنتاً بين شهري ديسمبر ومايو، بينما يقول حسين علي الدين رئيس بحوث السلع في “مورجان ستانلي” أن السعر قد يزيد 20 في المئة عن المستويات الحالية إلى نحو 30 سنتاً في مطلع 2010 نظراً لانخفاض المخزون العالمي إلى أدنى مستوى له منذ عام 1973. غير أنه لا يوجد إجماع على هذا الرأي فبعض المؤسسات التجارية تعتقد أن أسعار السكر قد بلغت ذروتها فعلاً. ويحتجون بأن هيكلة السوق الحالية مع ارتفاع الأسعار المباشرة عن أسعار العقود الآجلة ستشجع تايلاند ثاني أكبر مصدر سكر في العالم على تبكير مبيعاتهـا في النصف الأول من عام 2010 بينمـا تقنع المستورديـن مثل الهند أو باكستان أو المكسيك بتأجيل الشراء إلى النصف الثاني. في السياق ذاته، تقلل سوكر إيه دانريه المؤسسة الفرنسية المنافسة الأولى لشركة كارجيل من احتمالات رفع أسعار السكر محتجة بأن محصول البرازيل من السكر سيبدأ في مارس 2010 ومن المنتظر أن يحقق رقماً قياسياً جديداً. غير أن دريك الذي يعمل في “كارجيل” منذ التحق بها كخريج متدرب في لندن عام 1985 يبدو أنه واثق من رأيه القائل بأن أسعار السكر ستزيد ويستهين برأي منافسيه ويقول إن زيادة سعر السكر أمر بديهي وحتمي لأنه “أحلى” سلعة يهواها الجميع! عن «فايننانشيال تايمز»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©