الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ســاروق الحديــد».. سِحر الصحراء وسرُّها

«ســاروق الحديــد».. سِحر الصحراء وسرُّها
27 يوليو 2016 20:54
الحُلم؛ في اليقظة الوجودية للحياة يجسد عادةً روح المكان التي تقتضي السعة الكلية لحضور الإنسان على الأرض، حضوراً يتجاوز فيه ككائن وكحيّ متحرك في الفضاء، إلى مشارك في التجلي والتكوين، ورصف التجارب الإنسانية البدائية والمتقدمة، والحرث الأفقي في اتجاه بيئة التصنيع والتركيب والخلق، ليأتي الحرث العمودي عميقاً للأسفل، مترامي الأطراف، في أعماق الرمل والحديد، فالأخير.. سر اللمحة الأولى للحَالم الكبير، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، من اكتشف في الاتجاهات المختلفة للمكان كائنات متخفية، متكدسة في تحركاتها العفوية بين أمواج الصحراء، ليستجيب بقلبه وروحه، لمناداة الطبيعة، وسؤال الحضارة، من أعلى سماء مدينة دبي. في أوج انشغالاته برسم المعجزة، لاحظ سموّه «خبث الحديد»، واستنبط من اتجاه الكثبان أن للركن الجنوبي الشرقي من صحراء الربع الخالي في الجزيرة العربية، وتحديداً في جنوب مدينة دبي، بمسافة 70 كم، وعن منطقة الفقع بمسافة 40 كم تقريبا، وبمساحة حدودية تُقدر بـ 6.2 كليو متر مربع، عالماً لم يُكتشف بعد، ليَطلق سحر شغفه ورغبته الصادقة في البناء المعرفي والثقافي، ويبدأ التنقيب الحضاري، لموقع يمثل أغنى المواقع الأثرية في الجزيرة العربية، بحسب الباحثين الآثاريين، وهو موقع «ساروق الحديد»، حدث ذلك العام 2002، برؤية وعناية ثاقبة لصاحب السمو حاكم دبي، ضمن إحدى جولاته الجوية بالطائرة المروحية، لتبدأ مساعيه الدائمة في تحويل الحُلم إلى رؤى، مستكملاً حدس الإنسان اليقظ في إدراكه سِحر حياة الصحراء وسرها! «ساروق الحديد»، يحمل مدلولاً حضارياً مهماً، ويرسم توجهاً وتحركاً استراتيجياً، حول آليات بناء تكوين المحتوى الثقافي للمكتشفات التاريخية ودورها في تتويج الهدف الأسمى لتحقيق التواصل الإنساني العالمي بين الحضارات؛ فبعد سنوات من التنقيب المستمر في الموقع، وصل عدد المكتشفات إلى نحو 13 ألف و500 قطعة أثرية، بمعدل 1000 إلى 1500 قطعة مكتشفة، سنوياً، تم تسجيلها وتوثيقها في المراجع الرسمية لإدارة التراث العمراني والآثار في بلدية دبي، وشاهدها بشكل مباشر المهتمون والباحثون والزوار، في متحف «ساروق الحديد»، في حي الشندغة التاريخي، حيث تم اختيار منزل الشيخ جمعة آل مكتوم المشيد العام 1928م، ليكون مقراً للمتحف، الذي افتتح في يوليو الحالي، برعاية وحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ضمن المشروع المتكامل لرؤية سموه لتحويل منطقة الشندغة التاريخية، إلى أكبر متحف مفتوح، يتضمن حوالي 50 متحفاً، حيث انطلقت عجلة التنافس لاختيار أفضل التصاميم، المعدة للمتاحف، المتوقع إنجازها نهاية العام 2018 وبداية 2019، بالتوازي مع الظاهرة التنموية الأهم: إكسبو 2020، وتستهدف المتاحف بيان الطبيعة المحلية وتنوعها في البيئة البحرية والصحراوية والجبلية. الحالة الملغزة والغموض المدهش حول مكتشفات موقع ساروق الحديد، تقود شغف البحث إلى متاهات من المعرفة المتعددة، غير المنفصلة عن أهم المواقع الأثرية في دولة الإمارات العربية المتحدة، من موقع أم النار في العاصمة أبوظبي، إلى موقع مليحة في إمارة الشارقة، مروراً بموقع الدور في إمارة أم القيوين، ووصولاً إلى موقع شمل التاريخي في إمارة رأس الخيمة. والساحر في جولة رحلة الاكتشاف الأثري في موقع ساروق الحديد، هو النقلة الجذرية لمكنونات الصحراء، وإطلاق المخيلة لأعماق دفينة، تتضمن تجسيداً كلياً للتنوع البشري والحيواني والنباتي والعقائدي والصناعي، ما يؤكد أبعاد الإرث الإنساني للمنطقة المحلية، وأسرار انفتاحها، منذ آلاف السنين، فموقع ساروق الحديد، لا يقدم جملةً من الغزارة المادية على مستوى التصنيع الأثري، و إنما يرجح من جديد، كفة القبول المذهل لتطور الحياة البشرية، وعفوية التبادل الطبيعي بين مكونات الطبيعة نفسها، فتحت تلك الرمال الكثيفة الضخمة المتجلية، حياة واسعة، مليئة بنظريات الماء والشجر. حتى الآن؛ لم تكتشف المقابر، في الموقع، باعتبارها أهم مُكتشف في علم الآثار، ومن المعروف أن الطبقة العليا من مقابر القصيص ترجع إلى العصر الحديدي، ولكن مقبرة القصيص بعيدة جداً عن الموقع، لذلك ربطها بساروق الحديد ليس وارداً حالياً. وجّل ما يعيشه الآثاريون وفرق الإنتاج البحثي للموقع، هو حركتهم الخفيفة والرقيقة باحترافية تامة لمواجهة أمواج الرمل، وحصدهم لتنبؤات جديدة، ومن جهة أخرى فإن رمال موقع ساروق الحديد تزحف يومياً بشكل لا إرادي، وتزيح مزيداً من وجوه القطع الأثرية، معلنةً استسلامها التام للانكشاف، ولكنها لم تجب تماماً عن تلك التساؤلات الجوهرية حتى هذه اللحظة: من هم أناس (شعب) ساروق الحديد؟ ماذا كانوا يعبدون؟ ما هي ملامح ألبستهم؟ كيف كانوا يعيشون؟ ما هي أشكال بيوتهم؟ هل لديهم أغانٍ خاصة؟ أشكال الفرح والمعاناة، كيف كانت تبدو؟ الحياة الاجتماعية والتجارية والاقتصادية، يا تُرى، على ماذا تأسست؟ هل كانت هناك أشجار وينابيع من الماء العذب في جوف هذه الصحراء؟ التصنيع.. يشكل ذروة حالة المكتشفات في ساروق الحديد، هل هي مدينة صناعية؟، فهناك أفران ومناطق لصنع الفحم واستخراجه. يتفق المجتمع البحثي أن معدل الـ 5 % إلى 10 % من نسبة المساحة المكتشفة لا تفي غرض الإجابة الكلية، ونحتاج إلى وقت وتأني أكثر كمتابعين ومهتمين للثقافة الحضارية، وما سيحدث طوال رحلة الكشف هو الاستثمار وبشكل متناه وساحر للموقع الأثري في بناء مئات «النظريات العلمية»، وهنا تكمن المتعة المعرفية. ثراء هائل لا يتوقف المهندس رشاد محمد بوخش، المدير التنفيذي لإدارة التراث العمراني والآثار في بلدية دبي، عن تأكيد الأهمية الحضارية، وجماليات الاكتشاف في موقع ساروق الحديد، متحدثاً باهتمام مدهش، ومتابعة حثيثة لأبعاد الغنى المهول في «ساروق الحديد»، وما شكله من تغير لمفهوم العصر الحديدي في شبه الجزيرة العربية، قائلاً: «هناك هوية، ومدينة صناعية، وحياة متكاملة، معرفتها عن قرب، ستعزز معرفتنا بالمكانة الحضارية لدولة الإمارات، كمرتكز للتواصل الإنساني»، مضيفاً أنه بحسب رأي الآثاريين، فإن الموقع يعتبر من أغنى وأكبر المواقع في الجزيرة العربية، فالغنى يتجلى بغنى القطع المكتشفة نفسها، حيث شملت مشغولات من الذهب والأصداف وغيرها، مؤكداً أنهم خلال السنتين والثلاث القادمة يتوقعون اكتشافات أكثر ستغير مجرى البحث الكلي، فلا يزال الاكتشاف ودليل حضور البشر مقتصراً على المدينة الصناعية، وقد تم التوصل إلى «معسكر جيش»، ومن المتوقع أن تتوصل فرق التنقيب إلى اكتشافات مهمة، وأدلة لسكان موقع ساروق الحديد، من لا تزال تحمل وجهة نظر (نظرية)، يعملون على تأكيد مدى صحتها، بالتنقيب والبحث العلمي، فالوصول إلى المباني سيمهد لتسجيل الموقع في منظمة اليونسكو، ويفتح فضاءات بحثية مكثفة في مجالات علوم الدراسات الجغرافية، وعلم الأنثروبولوجيا، ودراسة النباتات والحيوانات، التي تشمل معايير اختيار فرق التنقيب العالمية من عدة دول منها: أستراليا وألمانيا وإيطاليا وسويسرا والأردن وأمريكا وإسبانيا، إلى جانب فرق التنقيب المحلية. ويوضح رشاد بوخش أنهم يسمحون بزيارة الموقع للمهتمين والباحثين، واضعين نماذج مستقبلية لمشروع «إقامة قرية» نموذجية في موقع ساروق الحديد تمثل ديناميكية متحركة للمكان، توضح طبيعة الإنتاجات الحياتية المتنوعة له. وقال في هذا الصدد: «لم ننقب سوى 5? من المخزون الثري للموقع ذي المساحة الكبيرة، تخيلوا ما يمكن أن نستدرجه للحياة مجدداً بعد الانتهاء بنسبة تصل إلى 90? من نتائج البحث». واعتبر بوخش أن الموضوع يحمل بين طياته تحركاً خلاقاً لعلم الآثار نفسه في دولة الإمارات، خاصةً أنه خلال عملهم على موقع ساروق الحديد تم إشراك العديد من الباحثين ومنقبي الآثار الإماراتيين والمقيمين المتخصصين، والدارسين في مجالات الدراسات العليا، منشطاً فعل دائرة المنتج التاريخي، موسعاً آفاق المنطقة الجغرافية المحلية، ومجدداً سياق السياحة الأثرية. وفيما يخص إمكان الاحتفاء بعمليات ترميم في موقع ساروق الحديد، أوضح بوخش أن عملية الترميم تعتمد على إبقاء الأثر، واشتراط الحفاظ على الأثر، على ما هو عليه، حالياً يمكن النظر إلى إمكان ترميم الآبار المكتشفة والأفران. التسلسل الزمني قدمت إدارة التراث العمراني والآثار في بلدية دبي نتائج أولية لمبحث «تفصيلي» و«مبدئي» لآخر التصورات والنظريات، لـ«الاتحاد الثقافي»، أشرف على تقديمه فريق العمل ومُنتج الحالة الأثرية للموقع في بلدية دبي، الذي تضمن نخبة من المسؤولين والمشرفين الإداريين والأخصائيين وعلماء الآثار أبرزهم: رشاد بوخش المدير التنفيذي لإدارة التراث العمراني والآثار في بلدية دبي، وشيخة العبار رئيس قسم التنمية التراثية بإدارة التراث العمراني، والدكتور منصور بريك رضوان، أخصائي آثار رئيسي، في إدارة التراث العمراني، وحسن زين، أخصائي آثار في بلدية دبي، ود.حسين قنديل، خبير آثار في بلدية دبي، ود.شارلوت كيبل مدير ميداني جامعة نيو انغلند، وتيم هيل عالم آثار جامعة نيو انغلند، وبيدرو الباراسين، عالم آثار، معهد سانسيرا للآثار، وجيمس روبرتس، أخصائي حيوانات جامعة نيو انغلند، ونهاد هنداوي مرمم آثار في بلدية دبي، ورايلي جينسن، رسامة آثار جامعة نيو انغلند، ونور الهدى السخني، مرمم آثار في بلدية دبي، وأسماء الجودر، مرمم آثار في بلدية دبي، وغيرهم، حيث احتوت النتائج أهم العصور الزمنية التي مر عليها موقع ساروق الحديد، إضافة إلى أهم المكتشفات الأثرية وتصنيفاتها، وارتباط الموقع بالحضارات الأخرى، متوجهين إلى إجابات تحليلية وتكوين نظريات مبدئية لبعض الأسئلة المطروحة حول عمليات التنقيب والمكتشفات الأثرية ومستقبل الموقع، كمركز إنساني وحضاري. وتظهر التفاصيل أن ساروق الحديد مرّ بفترة العصر الحجري القديم الأعلى (حوالي 10000 - 7500 ق.م)، حيث تم الكشف عن العديد من أدوات العصر الحجري المتمثلة في فؤوس يدوية «Hand axes»، ومكاشط مسننة «Denticulate Scrapers»، وبعض الأدوات الأخرى التي تؤكد أن المنطقة كان مناخها يختلف عما كانت عليه في العصور اللاحقة، وتحديداً في المناطق المحيطة بموقع «ساروق الحديد»، ليمر بعدها بالعصر الحجري الحديث المتأخر (6000 -3200 ق.م )، والذي أسفرت أعمال المسح الأثري عنه في العثور على كم هائل من الأدوات والأسلحة الصوانية «Flint objects»، والتي ترجع إلى العصر الحجري الحديث في المناطق الجنوبية الغربية والشمالية الشرقية من موقع «ساروق الحديد» الأثري، منها رؤوس سهام مختلفة الأشكال والأحجام وشفرات دقيقة «Blades» ومخارز «Bores» ومكاشط ونصال «Flakes» مهذبة بطريقة متقنة، وعدد من القطع الصوانية «النواة» «Cores» والتي كانت تقطع منها الأدوات الصوانية، وبالوصول إلى العصر البرونزي، تم اكتشف فترتين زمنيتين من هذا العصر في الموقع، أولاً: فترة أم النار (3000 - 2000 ق.م) عبر تأكيد تاريخي باستخدام «كربون14»، ووجود بعض مواقد للنيران تدل على نشاط سكاني متقطع في ساروق الحديد. أما الفترة الثانية فهي «فترة وادي سوق» (2000- 1600 ق.م ) تمثلت بالعثور على مواقد للنيران كانت تستخدم للطهي محفورة في الأرضية الجصية، مقدمةً استدلالاً على وجود نشاط صناعي وسكاني. كما مرّ ساروق الحديد بفترة العصر البرونزي والعصر الحديدي ( 1600- 1300 ق.م)، وتبرز طبقة غنية بالعظام الحيوانية تم العثور عليها، أن الموقع كان مسكوناً في نهاية عصر فترة «وادي سوق» وبداية العصر الحديدي. فالأخير شمل مرحلتين هما: العصر الحديدي الأول (1300- 700 ق.م)، حيث شهد الموقع أوج ازدهاره الصناعي والحضاري، والعصر الحديدي المتأخر ( 700 - 300 ق.م)، عبر استمرارية النشاطات الصناعية للمعادن في الموقع، ولكن ليس بصورة كبيرة، بل على مراحل متقطعة. وجسد العثور على العديد من كسرات الفخار المزجج، وبعض الأواني الفخارية الكاملة منتشرة على السطح، دليلاً على معاصرة الموقع لـ«العصور الإسلامية المتأخرة». شملت أهم الآثار في الموقع (الصناعات المعدنية) وتتضمن: - أولاً (الأسلحة): «سيوف حديدية وبرونزية - خناجر - نصال فؤوس - رماح - رؤوس سهام». - ثانياً (الأواني) ومنها: «أوانٍ بمصب طويل ربما كانت تستخدم في الصناعة - كؤوس صغيرة - أكواب مختلفة الأحجام والأشكال - طاسات كبيرة - موازين - مشابك - سنانير صيد للسمك مختلفة الأحجام - مكاشط». - ثالثاً (الفخار): منها أوانٍ كبيرة للتخزين ربما الحبوب المزينة بالأفاعي - جرار صغيرة - جرار ذات مقابض عديدة وأواني ذات مصب اشتهر ظهورها في العصور التاريخية البعض منها مزين بألوان مختلفة - إلى جانب العديد من الأواني المستوردة وكانت الأواني تصنع إما يدوياً وإما على عجلة الفخراني. - رابعاً (الحلي والأصداف): تميز الحلي في ساروق الحديد بتنوعه سواء في الشكل أو المواد المستخدمة ومنه: أساور من المعادن البعض منها مزخرف - خواتم من البرونز والنحاس - خلاخيل من البرونز، وإن كان البعض منها ثقيل جداً مما كان هناك رأي آخر يقول إنها ربما كانت تستخدم لتزين أرجل الجمال، عقود من حبات خرز من أحجار كريمة وشبه كريمة، مثل العقيق الأحمر والأبيض واليشب والأماتيست والخزف واللازورد والكريستال الطبيعي والأحجار المختلفة، مثل الرخام والالبستر والفخار مثل دلايات من الحجر الصابوني. - خامساً (الذهب): تم الكشف عن المئات من القطع الذهبية في ساروق الحديد تعكس براعة الصائغ في ساروق الحديد، ومنها حبات خرز دقيقة الصناعة وخواتم رائعة التفاصيل ونموذج لثعبان صغير من الذهب وقطعة عليها «رسم الغزال»، إلى جانب الكشف عن العديد من الخيوط الذهبية التي كانت تصنع منها هذه القطع، وكذلك العديد من القطع على هيئة «قرني ثور»، ربما كانت تستخدم لتزيين الشعر. - سادساً (الصدف): اختلف استخدام الأصداف في ساروق الحديد وأغلبها كان للزينة، والعديد منها مزخرف بدقة ومنها زخارف نباتية وهندسية والنجمة السداسية، وربما كانت تعلق على الملابس، والبعض الآخر كان يستخدم كدلايات عقود للزينة، كما أن البعض كان يستخدم كأوان صغيرة لوضع الألوان بها. وسابعاً (الأختام): تم الكشف عن 39 ختماً في ساروق الحديد مصنعة من مواد مختلفة (حجر صابوني - خزف - صدف - حجر طيني - عقيق - حجر الثعبان - ذهب) ومنها أختام أسطوانية من بلاد الرافدين، وأختام على هيئة جعل من مصر القديمة، وأختام تحل تأثيرات من حضارة دلمون. هل قدسوا الأفاعي؟ يشير الكشف عن كميات كبيرة من نماذج للأفاعي بمختلفة الأنواع ما يدل على أن الثعبان كان يُقدس في موقع ساروق الحديد، وربما كانت تقام له بعض الطقوس، كما يشير الكشف عن كمية كبيرة من الأواني المحطمة عن عمد، وكذلك بعض رؤوس السهام المثنية، ما يعني إمكان قيام سكان ساروق الحديد ببعض الطقوس الدينية، وهي عادة موجودة في حضارات أخرى، كما تم الكشف عن تماثيل بشرية صغيرة تم تشكيلها من قطع معدنية ربما كانت تستخدم لمعتقدات دينية خاصة بهم. وأوضح د. حسين قنديل، خبير آثاري في بلدية دبي، أن رموز الأفاعي في الموقع تمثل قطعاً مهمة ولافتة، ليس لها مثيل لندرتها في المخزون الأثري لدولة الإمارات، حيث نجد الأفاعي في الأواني المزخرفة، والخناجر البرونزية، كما أنها تحضر بدقة وجمالية على المقابض، وجميعها توحي بتقديس أهل المنطقة لها، خاصة أن الأفاعي وجدت في الكثير من الحضارات في مصر والهند واليونان. تقنيات يستخدم الخبراء في موقع ساروق الحديد تقنيات متعددة لمساعدتهم في تأريخ ووصف ووضع تصور للمكتشفات التي عثر عليها وفهمها بشكل دقيق، ومن هذه التقنيات: تقنيات التأريخ العلمي وتشتمل على: التأريخ بالكربون 14، والتأريخ بواسطة التألق الحراري، والذي يستطيع علماء الآثار من خلاله قياس تغير الإشعاع في القطعة لتقدير عمرها. وتحليل عظام الحيوانات يقدم معلومات حول نوعية المناخ والبيئة آنذاك. والمسح الجيوفيزيائي، الذي لا يتضمن فقط أعمال الحفر للأعمال الأثرية الميدانية، وإنما يدعم مجموعة من التقنيات مثل رادار الاختراق الأرضي، يعطي علماء الآثار فكرة عن السمات الطبيعية والأتربة الكامنة في باطن الأرض قبل البدء بالحفر. إضافة إلى تحليل البيئة القديمة، والتحليل النباتي الأثري، ودراسة الفخار، وترميم القطع الذي يساعد في تحديد المعلومات التحليلية الجوهرية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©