الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«كاتانيا» الإيطالية تستطلع التعاون الأكاديمي مع مؤسسات التعليم بالدولة

«كاتانيا» الإيطالية تستطلع التعاون الأكاديمي مع مؤسسات التعليم بالدولة
10 يونيو 2017 14:31
طه حسيب (أبوظبي) في إطار تدشين التعاون الأكاديمي بين جامعة «كاتانيا» الإيطالية والجامعات الإماراتية، زار د. «سالفيتور كوستنتينو»، عميد كلية الزراعة والأغذية والبيئة بالجامعة عدداً من مؤسسات التعليم العالي في الدولة. ويرى «كوستنتينو» أن الكلية لديها برامج ماجستير ودكتوراه، ويقول: تلقينا طلبات من طلاب إماراتيين يرغبون في الالتحاق ببرامجنا الخاصة بالزراعة والأمن الغذائي والبيئة، التي من خلالها يتم تدريس أحدث المساقات التعليمية. وأشار«كوستنتينو» إلى أنه خلال زيارته لأبوظبي تابع أنشطة الطلاب الإماراتيين، وتوصل إلى حقيقة مفادها أنه يمكننا تقديم المساعدة في الأبحاث والتطوير، التي تخدم بدورها عملية إنتاج الغذاء و تضمن الاستغلال الأمثل للمياه. واستطرد قائلاً: أدركنا أن الإمارات تستورد قدراً كبيراً من الغذاء، وإن كانت بعض المزارع بدأت إنتاج الغذاء الطازج محلياً منذ بضعة أعوام، وهو أمر مهم جداً، لأن إنتاج الغذاء الطازج محلياً ووجوده في الأسواق ضروري من أجل الصحة العامة. وحسب «كوستنتينو»، فإنه من أجل زيادة الإنتاج الزراعي، لابد من دراسة أفضل الوسائل التكنولوجية لاستغلال المياه على النحو الأمثل، وبما يضمن نتائج جيدة وفق أسس الاقتصاد الزراعي. ونوّه إلى أن الطلاب الإماراتيين المنضوين في برامج الدكتوراه بجامعة «كاتانيا» قدموا له فكرة عامة عن واقع الزراعة في بلادهم. ويقول: أدركتُ أنه بالإمكان تقديم المساعدة والخبرة اللازمة في هذاالمجال الحيوي، ومن ثم قررنا في كلية الزراعة والأغذية بالجامعة القدوم إلى الإمارات، ومعاينة الأمور على أرض الواقع. وأشار «كوستنتينو» إلى أنه أجرى لقاءات بعدد من الجامعات في الإمارات، وأن كلية الزراعة تسعى إلى توقيع اتفاق يتضمن تبادل الطلاب والأساتذة، بهدف تعزيز التعاون الأكاديمي بين جامعة «كاتانيا» والمؤسسات التعليمية في الإمارات. وضمن هذا الإطار يقول «كوستنتينو»: بدأنا بجامعة الإمارات العربية المتحدة، وبالتحديد كلية الزراعة، والتقينا بعميد الكلية ونائبه، ونحن بصدد إبرام اتفاقية، يمكن بموجبها تبادل الطلاب والأساتذة. ولفت «كوستنتينو» الانتباه إلى أن جامعة «كاتانيا» تقع في وسط منطقة البحر المتوسط، وهو ما يعني أنها في منطقة شبه جافة، تحاكي تقريباً المنطقة هنا، ويقول: «يمكننا عرض تجربتنا، ولا سيما في استخدام المياه في الزراعة، والزراعة العضوية، خاصة أن المنطقة التي تتواجد فيها الجامعة، بها واحدة من أعلى معدلات المزارع العضوية في أوروبا، ولدينا خبرة كبيرة في هذا المجال. وكذلك في علوم الغذاء، ولاسيما عمليات ما بعد الحصاد، والأمن الغذائي. ولدينا خبرات أيضاً في الحفاظ على البيئة، مثل إعادة استغلال المياه وكذلك طرح الحلول الممكنة لمشكلات التربة». ولدى «كوستنتينو» قناعة بأن إنتاج الغذاء محلياً أمر استراتيجي، ولابد من الحفاظ عليه، كونه أمر يتعلق بالأمن القومي. ويرى أنه على رغم التحديات التي تواجه الإنتاج الزراعي، خاصة ما يتعلق بالجفاف وصعوبة إدارة التربة، إضافة إلى تداعيات التغير المناخي، فإنه يمكن بالبحوث تحسين الأوضاع تدريجياً في إطار علمي ومنهجي. ويرى «كوستنتينو» أنه من المهم أن تستمر المؤسسات الحكومية المعنية بالزراعة في تقديم الدعم للمزارعين، ليس فقط من الناحية المالية، ولكن أيضاً في الجوانب التقنية، لكي يتمكنوا من تحقيق دخل كافي والاستمرار في الإنتاج، وهذا بالتوازي مع فرض الضوابط والمعايير على الواردات الزراعية أمر مهم جداً للحفاظ على الصحة العامة. ومن جانبه أثنى «شيريبينو ليوناردي» الأستاذ في كلية الزراعة والأغذية والبيئة بجامعة «كاتانيا» الإيطالية- والذي رافق «كوستنتينو» في جولته- على الاهتمام الواضح بالاستدامة والطاقة المتجددة وما يتعلق بحماية البيئة في الإمارات، وضمن هذا الإطار يقول: قد قمنا خلال يومين بجولة في بعض المزارع بالدولة، وبعضها نشط جدا. وعندما نتحدث عن أهمية الاستدامة والبيئة والطاقة المتجددة في الإمارات،لابد من التطرق لاستضافة الدولة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»، ما يؤكد الاهتمام بمستقبل الطاقة وأفقها والاستثمارات الممكنة في مصادر الطاقة المتجددة. «ليوناردي» أبدى إعجابه بمدينة «مصدر» و«آيرينا»، كونها تتعلق بالمستقبل الذي يرتكز على الغذاء والبيئة والاستدامة والطاقة المتجددة، وأكد إن الطاقة واستغلال الموارد وصحة المستهلكين، هي من القضايا شديدة الأهمية. ويقول: «إن آيرينا نموذج يحتذى به، وقد شاهدنا أيضاً نموذجاً آخر في إنتاج الخضراوات، وأتصور أن التعاون وجمع الخبرات والإمكانات والمعرفة من الممكن أن يؤدي إلى إنجازات أكبر في هذا المجال بدولة الإمارات. وبالطبع، لابد من إجراء مزيد من الدراسات على هذا القطاع في الدولة، وبعض الأبحاث المتخصصة، والحقول التجريبية». نظرة تفاؤلية للزراعة وعن فرص زيادة الإنتاج الزراعي المحلي الذي يراعي أسس الاستدامة ويهدف إلى تخفيض فاتورة الواردات الزراعية، يقول«ليوناردي»: «أتصور أن الجانب الاقتصادي للإنتاج الزراعي معقد، لكن لابد من النظر إلى المستقبل، وما ستكون عليه الأوضاع في غضون الأعوام العشرة أو العشرين المقبلة. وبالطبع، هناك بعض الأشهر، مثل يوليو وأغسطس، التي لا تكون ملائمة للزراعة، بسبب ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، لكن الأشهر الأخرى ملائمة جداً، ونثق بشكل كبير في أن معدلات الإنتاج الزراعي ستزداد بصورة مطردة في المستقبل. وتدريجياً من الممكن تخفيض فاتورة الواردات الزراعية، خصوصاً مع زيادة الإنتاج بشكل كبير». سلامة المستهلِك أولاً وعلق «ليوناردي» على قرار السلطات الإماراتية الذي اتخذته خلال الآونة الأخيرة ويقضي بوقف واردات بعض الخضروات من عدد من الدول، بسبب عدم توافقها مع المعايير الخاصة باستخدام المبيدات، قائلاً:«أتفق بشكل كامل مع قرار حظر استيراد الخضراوات التي لا تفي بالمتطلبات والمعايير الصحية، من بعض الدول، ذلك لأن سلامة وصحة المستهلك وتلبية احتياجاته هي الهدف النهائي من عمليات الاستيراد، ولابد من التأكد من اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للحفاظ على صحة المستهلك». ويرى أن هذه القواعد مطبقة بالفعل في أوروبا. ولابد من تعزيز معايير الجودة وتطبيقها بصورة كاملة. وعلاوة على ذلك، يجب أيضاً تطبيق هذه المعايير على الإنتاج المحلي والمستورد، على نحو يضمن سلامة المستهلك. الإنتاج المحلي يضمن الأمن الغذائي وعن أهمية تحقيق الأمن الغذائي في ظل الاضطرابات والصراعات السياسية التي تجتاح عدداً من دول المنطقة، وكيفية التعامل مع الأمن الغذائي في حالات الطوارئ، يرى «ليوناردي» أنه ينبغي زيادة الإنتاج المحلي لتحقيق الأمن الغذائي، وأنه في ظل بعض الظروف الطارئة يمكن من الناحية التقنية إنتاج الغذاء محلياً حتى في الأشهر التي تكون فيها دراجات الحرارة مرتفعة بشكل كبير مثل يونيو ويوليو وأغسطس. غير أن تكلفة ذلك الإنتاج ستكون كبيرة. لذا، لا يمكن تطبيق ذلك في الأوقات كافة. فمن الناحية التكنولوجية يمكن الإنتاج في أوقات الطوارئ، بيد أن الأفضل هو متابعة الأساليب المستدامة، ولاسيما من الناحية الاقتصادية. وينبغي دراسة مثل هذه الأمور تدريجياً، في أوقات محددة. الزراعة في الخارج! وحول شراء أراض جديدة في دول بها وفرة في الأراضي الزراعية واستغلالها لإنتاج محاصيل يمكن الاعتماد عليها في دول الخليج، أكد البروفوسور «ليوناردي» أن هذه الاستراتيجية معمول بها بالفعل، وهي ناجحة، فبعض الدول تشتري أراضي خصبة في أفريقيا لزراعتها عندما لا يكون الإنتاج المحلي كافياً، ومع ذلك لابد من الأخذ في الحسبان العوامل التي تؤثر على هذه الاستراتيجية، مثل تكلفة الشحن وسرعته. كما أن هذه الاستراتيجية يمكن الاعتماد عليها في أنواع محددة من المحاصيل الزراعية. وعن وسائل تعزيز التعاون المشترك بين جامعة «كاتانيا» والجامعات في دولة الإمارات، ووضع نماذج يمكن تطبيقها على نطاق أوسع تهدف إلى تحقيق الاستدامة، يقول «ليوناردي»: «عندما نتحدث عن التعاون، فلابد أولاً أن أوضح أن هناك أوجه شبه بين الإمارات وإيطاليا على صعيد المحاصيل والثقافة الغذائية والمناخ، لذا نرغب في تعزيز التعاون مع الجامعات الإماراتية. ويحتاج الأمر- من وجهة نظره- إلى ما هو أكثر من التعاون الأكاديمي، إذ أنه لا يمكن تبني نموذج بعيد عن احتياجات الدولة، ومن ثم علينا البناء على النماذج القائمة بالفعل، وبعضها جيد جداً، وتدريجياً يمكننا إجراء عمليات تطوير، ويمكن زراعة حقول تجريبية، تُطبق فيها كافة معايير الاستدامة وتحقيق سلامة وأمن الغذاء، مع الأخذ في الحسبان كافة الأولويات التي من شأنها التأثير على المنتجات الزراعية في المستقبل. ترشيد استهلاك المياه وعن نقص المياه وتأثيره على المستقبل الزراعي، وضرورة ترشيد المياه بشكل عام، حتى المياه الجوفية، يقول»ليوناردي«إن أمن المياه له أهمية كبيرة ليس هنا فحسب، ولكن أيضاً في كثير مناطق العالم، لذا لابد من استخدام أساليب تقنية وزراعية من شأنها تقليص استهلاك المياه وترشيده، وهذا يتسق مع فكرة الاستدامة في مصادر المياه. وأشار إلى أن هناك طرقاً زراعية يمكن من خلالها تقليص استخدام المياه إلى الحد الأدنى. غير أنه في بعض الحالات، يتوجب تحديد الأولويات من حيث أهمية الحفاظ على المياه، والبحث عن حلول زراعية أخرى مثل الزراعة في الخارج، واستيراد المحاصيل الزراعية التي لا يمكن إنتاجها محلياً. بمعني ما هي المحصايل التي تحظى بأولوية في الإنتاج، ومدى استهلاكها للمياه. وفي الحقيقة، يمكن الاستغناء- حسب»ليوناردي«- عن المحاصيل التي تستخدم كميات كبيرة من المياه كبعض الأنواع المستخدمة كأعلاف للماشية، من أجل توفير المياه في إنتاج المحاصيل الغذائية للإنسان، ومن ثم تقليل الاعتماد على الواردات، ومن أجل ضمان الأمن الغذائي على الصعيد الاستراتيجي. ويشار إلى أن أبوظبي قررت وقف إنتاج علف الرودس الذي يستهلك كميات كبيرة من المياه ويتسبب في ملوحة التربة، واستبداله بأنواع أخرى أقل استهلاكا ً للمياه. تجهيز كوادر محلية وعودة إلى التعاون الأكاديمي المرتقب بين كلية الزراعة في جامعة «كاتانيا» والمؤسسات التعليمية الإماراتية، حيث يقول د. «سالفيتور كوستنتينو»، عميد كلية الزراعة والأغذية والبيئة بجامعة «كاتانيا»: عقدنا اجتماعات مع عدد من الجامعات هنا في الإمارات، ونسعى إلى ترسيخ التعاون على الصعيد الأكاديمي في برامج التبادل الطلابي، وخصوصاً طلبة الماجستير والدكتوراه، بهدف تشكيل برامج دراسية للمراحل المختلفة، من شأنها تخريج متخصصين يلبون الطلب المحلي على كوادر لديها خبرة في مجالات الزراعة والأمن الغذائي والقضايا البيئية. ويأمل «كوستنتينو» في تأسيس مركز للأبحاث، بمقدوره إجراء أبحاث ميدانية زراعية في الإمارات، لتوفير المعلومات والأبحاث اللازمة للجامعات. ومن المهم بالنسبة لـ«كوستنتينو» التركيز على مسألة التبادل الطلابي، من خلال ابتعاث طلاب من الإمارات إلى إيطاليا، واستقدام طلاب إيطاليين إلى الإمارات، وهو الجانب الأكاديمي الرئيس، الذي نسعى إلى تحقيقه، أملاً في أن ينقل الطلاب الخبرات الضرورية عند عودتهم. ويقول «كوستنتينو»: نسعى إلى أن تكون الأبحاث هنا على الأرض، لا سيما أن إنتاج الغذاء هو قضية عالمية، ولابد من التعاون بين الدول في هذا المجال، وهو ما أكد عليه معرض «إكسبو» في ميلانو عام 2015. وبالطبع، يمكننا المساعدة في توطين قطاع الأبحاث الزراعية، من خلال إعداد كوادر مواطنة مؤهلة في هذا المجال. جاهزية للتعاون وبخصوص توجيه التعاون مع الجهات الحكومية من أجل تطبيق الخبرة العلمية على أرض الواقع، يقول «كوستنتينو»: نحن متأهبون للتعاون مع كافة الجهات الحكومية، ولدينا خبرات وأساتذة في كافة المجالات، ونسعى للتعاون من أجل توفير الغذاء للجميع. ولدىه قناعة بأنه لابد من التفاعل مع المزارعين أنفسهم لأنهم في الميدان، ويجب الإنصات إلى طلباتهم، ومتابعتهم، وحل مشكلاتهم، ومن ثم تدريبهم على التقنيات الحديثة، بهدف زيادة الإنتاج بكميات وفيرة وجودة عالية. ويرى«كوستنتينو» أنه من الممكن أيضاً إرسال مزارعين إلى «كاتانيا» من أجل تدريبهم، غير أن ذلك يتطلب إبرام اتفاقية مع السلطات المعنية في دولة الإمارات. وعن عن دور التكنولوجيا في حل المشكلات التي تواجه القطاع الزراعي في الإمارات، أكد «كوستنتينو» أن التكنولوجيا في الوقت الراهن أصبحت مؤثرة وفاعلة بشكل كبير. ونرى تطور كبير، نرى نماذجه، في مدينة «مصدر» على صعيد استخدام التكنولوجيا في تحقيق الاستدامة، وينطبق ذلك أيضاً على الطاقة المتجددة؛ ومن ثم يمكننا استغلال التكنولوجيا أيضاً في قطاع الزراعة. وهناك حلول يمكن تطبيقها، ولا ينبغي تطبيق نماذج معينة من الخارج على الوضع في الإمارات، وإنما من الضروري تفعيل الابتكار المحلي الذي يلائم البيئة الإماراتية. ومن الممكن الإنطلاق من الإمارات للنهوض بقطاع الزراعة من خلال تطبيق التكنولوجيا الحديثة، في المنطقة بأسرها. ولدى «كوستنتينو» عميد كلية الزراعة والأغذية والبيئة بجامعة «كاتانيا» رؤية في مجال الأمن الغذائي تتمثل في إنه -واقعياً- لا يمكن لأية دولة تحقيق الأمن الغذائي بنسبة مائة في المئة لأن هناك متغيرات وعوامل كثيرة تؤثر على القطاع الزراعي، وعلى الغذاء بشكل عام. ولكن ما يمكن القيام به هو استغلال الخبرات وإجراء دراسة ميدانية لواقع الزراعة المحلية، وتقديم النصح بشأن أفضل المحاصيل الملائمة. واستخدام أساليب جديدة في توفير استهلاك المياه، وتحقيق أقصى استفادة منها. والمؤكد أن الجانب البحثي لا يمكن للمزارعين القيام به، ومن ثم نسعى إلى إجراء أبحاث لمعرفة المحاصيل التي تتلاءم مع المناخ والتربة في الإمارات، وهو أمر من الممكن أن يستغرق بعض الوقت، ويخضع للتجربة.  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©