الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

التمسك بالقديم بين التراجيدي والكوميدي

التمسك بالقديم بين التراجيدي والكوميدي
15 أغسطس 2008 00:05
العرض الرابع في برنامج ''مهرجان دبي لمسرح الشباب'' كان مسرحية ''زمان اليوم'' لفرقة مسرح دبي الشعبي، وهو من تأليف الكاتب الشاب جاسم الخراز، وإخراج حمد الحمادي، وقام بالإشراف على العمل الكاتب والفنان سالم الحتاوي· وفي العمل ممثلان رئيسيان هما زوجان، يقوم بدور الزوج الفنان عيسى كايد، وبدور الزوجة الفنانة بدور، إضافة إلى خمسة أدوار ثانوية· فتحت الستارة على ديكور بيت قديم متشقق، ويبدو آيلا للسقوط، ومقعد خشبي قديم أيضا، والزوج ''خلفان'' النائم في حالة كابوس وهلوسة حول الشركة التي تريد شراء البيت لهدمه كي يمر مكانه مترو الأنفاق، وهو يرفض العرض الذي ينطوي على منحه فيللا بدلا من بيته الذي يشعر بالارتباط الحميم به، وإذ يصحو يدخل في حوارات مع زوجته التي ترغب في قبول العرض، فهي تواقة لتغيير هذا البيت والانتقال إلى الفيللا، بينما هو رافض تماما ومستعد للدفاع عن بيته بالبندقية القديمة التي يحتفظ بها فيما لو فكر أحد بإجباره على ترك بيته· يتصاعد الصراع بين الزوجين في مشاهد درامية تجمع الحس التراجيدي والكوميدي، وتجمع الأحاسيس العاطفية الحميمة والخصام، وتتداخل القضايا والهموم، فما بين لحظات تذكر الماضي الجميل بأداء رومانسي شفاف، وما بين الصفعة التي وجهها الزوج لزوجته، وخروجها الغاضب من البيت، ثم عودتها، تجري الكثير من المواقف والمشاهد الدرامية المشغولة بأناة وعناية، وإن غابت عن الكثير منها المؤثرات الضوئية والصوتية· يركز المؤلف على شعور المرأة بأن زوجها يحب البيت أكثر منها، ويغضب الزوج من كون زوجته تغار من البيت، فيستمر الجدل بينهما في هذه الدائرة هبوطا وصعودا، أخذا وردا، يتقاربان حينا، ويتباعدان أحيانا، ويمكن للمتلقي أن يحدد أنه كلما حدث التقارب الحميم بين الزوجين تدخل عنصر خارجي ليفسد هذا التقارب، فمرة يكون هذا العنصر هو مندوب الشركة التي تريد شراء البيت، ومرة يكون الآسيوي الذي يعمل خادما في البيت· يعتبر هذا العرض ليس الوحيد الذي يتعرض للعلاقة بين الحداثة والمعاصرة، لكنه ربما يمتلك أدوات مختلفة ومتميزة، فمن حيث التمثيل قدم الممثلان الرئيسيان أداء متميزا، واستخدمت الممثلة كل إمكاناتها لتؤدي دور الزوجة الحنون والساعية للتقارب مع زوجها باستمرار، وكان الممثل ناجحا وخصوصا في الموقف الذي خرجت فيه الزوجة من البيت، فجلس يبكي تساعده بقعة الضوء الحزين التي سلطها المخرج عليه، لكن أداءه لم يكن كله موفقا إذ شابته نبرة خطابية عالية في بعض المشاهد· نرى في المشهد الأخير، وبعد عودة الزوجة الغاضبة، ومحاولة استرضاء الزوج، مشهدا يتذكر فيه الزوجان عرسهما، فيرتدي عباءته وترتدي هي ملابس العروس وقناعها، ثم فجأة يتحولان إلى تمثالين، ليبدو الزي الشعبي هذا ''فرجة'' للسياح ولوسائل الإعلام التي تتوافد للتصوير والكتابة، في مشهد بدا من أجمل مشاهد المسرحية، سواء في أداء الممثل والممثلة اللذين كانا مقنعين في ''التحجر''، أو في الإضاءة التي تم تسليطها عليهما· حفلت الندوة التطبيقية التي أدارها يحيى الحاج بالقضايا والتساؤلات، لكن الغالب فيها كان توجيه المديح إلى فريق العمل، حيث جرت الإشادة بفكرة رمزية البيت بما يمثله من ذاكرة للإنسان في ظل التحولات وضرورة الحفاظ على الموروث، ورفض الاقتلاع ومواجهة محاولات تدمير الهوية· وأشار البعض إلى افتقاد النص والعمل إلى رموز كان يمكن أن تجعله أغنى· وتحدث البعض عن إغراق العمل بالواقعية الحرفية في تناول القضية، واتفق كثيرون على بساطة التمثيل والأداء الجميل للممثلين، بينما توقف البعض عند غياب الماكياج الخارجي وحضور الماكياج الداخلي، وكذلك تحدث بعض المتداخلين عن توازنات ناجحة في إيقاع العمل وانتقاله من البطيء إلى السريع ثم العودة للبطيء وهكذا·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©