لم تعد الشركات الهندية العاملة في مجال خدمات تعهيد تكنولوجيا المعلومات في عقود من الباطن تكتفي بتقديم خدماتها لكبار الشركات خارج الهند فقط من (وراء الكواليس) وأضحت تطمح حالياً في الفوز المباشر بعقود من الظاهر. واعتادت شركات معلوماتية للتعهيد في الهند لسنين على القيام بدور البديل الرخيص للمنافسين الأميركيين والأوروبيين للقيام بمهام تشمل برامج الكمبيوتر والصيانة وتطوير قواعد البيانات. وكانت تلك الشركات ترضى وتقبل بأي أعمال تكلفها بها شركات عالمية مثل سيتي جروب وبي تي جروب.
غير أنه نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية من جهة وتزايد المنافسة في صناعة خدمات المعلوماتية عالمياً من جهة أخرى لم تعد تلك الشركات الهندية تحقق ما كانت تحققه من نمو عائدات وصل الى 30 في المائة سنوياً.
ولذلك تتسابق الآن شركات هندية مثل انفوسيس تكنولوجيز ليمتد ووايربو ليمتد لتوسيع ما تقدمه من خدمات والتنافس على أعمال أعلى من حيث المستوى التي ترسى عادة على شكات منافسة أكبر منها انترناشيونال بيزنس ماشينز (IBM) وهيوليت - باكارد (HP) واكسنتشير ليمتد.
الحوسبة السحابية
وتبذل تلك الشركات الهندية مساعيها بكل جدية للفوز بأعمال ميدانية منها إدارة أقسام تكنولوجيا المعلومات كاملة في الشركات وشبكاتها ومكاتبها المساعدة، وتعتزم إدارة مراكز بيانات خارجية وهي خطوة تتيح لها توسيع نشاطاتها في عصر الحوسبة السحابية (Cloud Computing) الجديد والذي يتم فيه استيعاب جميع برامج الشركة الهامة من منطقة نائية. وتحاول أن تضم جميع خدماتها في حزم تعهيد كاملة للعملاء.
وإن نجحت الشركات الهندية في الخوض في هذه الأعمال المتطورة الحديثة خلال السنوات القليلة المقبلة فربما تشهد صناعة خدمات التكنولوجيا في الهند (البالغ حجمها 58.8 مليار دولار سنويا وإحدى ركائز النهضة الاقتصادية في الدولة) مستقبلاً أكثر إشراقاً وإلا فسوف تظل تعمل من الباطن في أنشطة مساعدة تقدمها لشركات معلوماتية أكثر تقدماً في الغرب.
وقال سيدهارث باي أحد مديري تي بي إل TPL شركة استشارات التعهيد المتمركزة في هيوستن: “لم يبلغ الهنود بعد مستوى القمة في تلك الأعمال المتطورة وإذا أرادوا مجدداً تحقيق نمو 30 في المائة لابد لهم أن يطوروا أعمالهم وأنشطتهم”.
وسبق للشكات الهندية أن سعت لسنوات لتجاوز نهج التعهيد النائي المتواضع غير أنها الآن محاطة بمزيد من الضغوط التي تضطرها الى التغيير. ذلك أن نمو عقود التصدير السنوية لخدمات التكنولوجيا الهندية تراجعت الى 16 في المائة في السنة المالية المنتهية في مارس، بل وتتوقع مجموعة “ناسكوم” أن يتراوح النمو بين 4 و7 في المائة فقط هذه السنة المالية.
كما أن الزبائن على الصعيد العالمي يقلصون خطط توسعات تكنولوجيا المعلومات ويفرضون شروطاً متشددة على شركات التعهيد لخفض أسعارها.
منافسة خارجية
وما يزيد الأمر صعوبة على الشركات الهندية التنافس المتزايد لشركات التعهيد المتمركزة في الولايات المتحدة التي عززت تواجدها في الهند ونشوء منافسين في أماكن خارجية أرخص مثل الفلبين وفيتنام.
ولكي يكون في مقدور الشركات الهندية أن تنافس للفوز بمشروعات كبرى مثل تلك العقود التي أبرمتها آي بي إم مع شركات ضخمة مثل كوانتس ايروايز وجي بي مورجان تشيس اندكو يقول بعض المحللين إنه ينبغي على الشركات الهندية أن تعين مزيداً من الخبراء ذوي الدراية العميقة بمجالات معنية في الاتصالات الهاتفية والأدوية ومشتقات الائتمان ويجب أن تكون متأهبة لتطوير طريقة عملها.
المصاعب
عادة ما تكون صفقات تعهيد البنية التحتية الكبرى مصحوبة بنفقات ومخاطرات لا تروق للشركات الهندية.
حيث يجب أن يكون التجار موافقين على شراء معدات للملاء والتنسيق مع موظفيها وأن تكون مسؤولة عن موثوقية مراكز البيانات النائية على مدار الساعة.
ولا تحسب أسعار هذه الصفقات عن طريق حساب ساعات الشغل فحسب، لكن يمكن أن تشمل مشاركة الإيرادات التي لا يكسب فيها المتعهد إلا إذا زادت أعمال العميل، ويمكن أن تكون هوامش الربح أدنى في حدود 15 الى 20 في المائة بدلاً من 20 في المائة الى 30 في المائة التي اعتادت الشركات الهندية على تحقيقها في مجال برامج الكمبيوتر.
ويقول اميتاب تشودري، أحد كبار التنفيذيين في انفوسيس، إن الاضطلاع بجميع أعمال تقنية المعلومات لشركة ما ليس بالأمر السهل، فأسلوب الإدارة وطريقة التسعيرة مختلفان اختلافاً كبيراً.
بوادر التقدم
هناك بعض الموشرات الى تقدم ملموس حيث قامت وابرو (ثالث أكبر شركة خدمات تكنولوجيا معلومات في الهند من حيث المبيعات بعد تاتا للخدمات الاستشارية وإنفوسيس) بإبرام عقد العام الماضي مع أوريجين اينرجي المتمركزة في أستراليا لتطوير عمليات أنشطة التجزئة بالشركة. كما فازت اتش سي إل تكنولوجيز ليمتد رابع أكبر شركة هندية بعقد سبع سنوات مع ريدرز دايجست اسوسيشن انلو الذي لن تقوم الشركة بمعالجة تطبيقات البرامج فقط، ولكن أيضاً الاضطلاع بالبنية التحتية لشبكة الشركة.
عن “وول ستريت جورنال”
عدد اليوم
