الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سباق» ضد الهجرة غير الشرعية في بريطانيا

7 ابريل 2013 00:36
أنتوني فايولا بريطانيا لم تصطبغ الهزيمة أبداً بلون النصر كما كانت عليه بالنسبة لحزب الاستقلال البريطاني في بلدة «إيستلي» البريطانية، فبعد شغور مقعد المدينة في مجلس العموم البريطاني على خلفية سجن صاحبه من حزب الأحرار الديمقراطيين، بتهم جنائية، نظمت المدينة القريبة من القناة الإنجليزية، والتي تعاني من تداعيات الأزمة الاقتصادية، انتخابات لاختيار ممثلها في البرلمان. وهكذا قرر حزب الاستقلال المناهض للمهاجرين خوض غمار السباق، حيث أقام مقراً له بالقرب من مطعم كباب تركي وكاد يظفر بمقعده الأول في مجلس العموم البريطاني بعدما احتل المرتبة الثانية بهامش طفيف. هذا الأداء الذي يعتبر الأفضل له في الانتخابات العامة، سلط الأضواء الكاشفة على حركة سياسية تنتمي إلى موجة من السياسات المعادية للمهاجرين بدأت تتصاعد في عموم أوروبا، وبدت نتائج انتخابات 28 فبراير الماضي ومعها نتائج استطلاعات الرأي التي تشير إلى تنامي شعبية حزب الاستقلال، وكأنها قد أرعبت الأحزاب السياسية الثلاثة التقليدية في بريطانيا. فرداً على صعود حزب الاستقلال، شرع فجأة حزبا المحافظين والأحرار الليبراليين في التسابق للاقتراب أكثر من جمهور حزب الاستقلال واستمالته، متعهدين بتشديد سياسة الهجرة وتبني مواقف أكثر حزماً تجاهها. كما أن قدرة حزب الاستقلال على إطلاق هذا السباق السياسي، حتى دون الفوز بمقعد برلماني، إنما يشير إلى ما يمكن للقوى المناهضة للمهاجرين في أوروبا أن تقوم به في تحديد الأجندة السياسية في بلدان تعاني من عواقب الأزمة الاقتصادية. ومن المواضيع الأساسية التي يركز عليها البرنامج السياسي لحزب الاستقلال وتكشف توجهاته، دعوته لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لمنع تدفق المهاجرين. وتكتسي المخاوف إزاء تدفق المهاجرين أهمية أكبر في بلدان مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا، بالنظر إلى استعداد هذه الدول لاستقبال أعداد جديدة من مهاجري البلدان الفقيرة داخل الاتحاد الأوروبي، وهما أساساً رومانيا وبلغاريا اللتان يستعد مواطنوهما للاستفادة من دخول باقي الدول الأوروبية بحلول الأول من يناير المقبل، وذلك بموجب معاهدة انضمامها إلى الاتحاد. وبسبب الانشغالات الحقيقية من «سرقة» حزب الاستقلال للناخبين من اليمين السياسي، أعلن رئيس الوزراء المحافظ، ديفيد كاميرون، الأسبوع الماضي خطة للحد من استفادة المهاجرين القادمين حديثاً إلى بريطانيا من الامتيازات الاجتماعية، كما أعلنت الحكومة إعادة تشكيل وكالة الحدود البريطانية للتعامل بسرعة وصرامة مع المهاجرين غير الشرعيين. وحتى لا يكون لحزب المحافظين قصب السبق، بادر نائب رئيس الوزراء، نيك كليج، والمشارك في الائتلاف الحكومي من حزب الأحرار الديمقراطيين إلى إعلان خطته للحد من الهجرة غير القانونية، فقد تعهد كليج في خطاب ألقاه بعد أقل من ثلاثة أسابيع على انتخابات بلدة إيستلي بإرغام الزوار من بلدان أجنبية معروفة بمخالفة مواطنيها لقوانين الإقامة والتأشيرة، بوضع تأمين قيمته 1500 دولار لا يُسترد إلا بعد مغادرة المعنيين لبريطانيا. وفي الوقت نفسه سارع زعيم المعارضة العمالي، إيد ميليباند، إلى الاعتراف بالسياسات اللينة التي اتبعها حزبه تجاه المهاجرين إبان فترة حكمه بين عامي 1997 و2010. ورغم أن الخطوات الأخيرة التي أعلنت عنها الأحزاب السياسية ليست جديدة على بريطانيا، بالنظر إلى توجه السياسيين منذ سنوات للحد من الهجرة، إلا أنها الأقسى من نوعها التي يتم الحديث عنها حتى الآن. وعن هذا الموضوع يقول «كيث فاز»، وهو برلماني من حزب العمال، «لا شك أن تأثير حزب الاستقلال يمكن لمسه في النقاش حول قضية الهجرة، وذلك بسبب رفض الأحزاب السياسية التطرق إلى الموضوع من قبل. وعلينا الآن وقف الهجرة غير الشرعية، لكن دون أن يؤدي ذلك إلى نوع من السباق كرد فعل على تنامي شعبية حزب الاستقلال». وبالنظر إلى الأزمة الاقتصادية وسياسة التقشف التي دخلت عامها الرابع في أوروبا، تسجل هذه الأخيرة معدلات قياسية في نسبة البطالة ما سمح ببعض القوى السياسية غير المتوقعة بالتجذر في المجتمع، لكن مع ذلك يبقى حزب الاستقلال اليميني في بريطانيا معتدلا مقارنة بأحزاب أخرى ذات طابع نازي، مثل «الفجر الجديد» في اليونان. وقد أُسس حزب الاستقلال في تسعينيات القرن الماضي من قبل سياسيين بريطانيين رفضوا انضمام بلدهم إلى معاهدة ماستريخت المؤسسة للاتحاد الأوروبي، واليوم يقود الحزب السياسي المثير للجدل، نيجل فاراج الذي رغم حملته ضد الاتحاد الأوروبي ودعوته للانسحاب منه، فضّل الاقتران بزوجته الألمانية. وخلافاً لحزب «الجبهة الوطنية» في فرنسا، يتجنب حزب الاستقلال بقيادة فاراج الهجوم على المهاجرين المسلمين، كونه سيكون هجوماً ذا طابع ديني أو عرقي، بل يمتح الحزب أفكاره من مدرسة فكرية كانت دائماً تعتمل تحت السطح في بريطانيا تقول بأن البلد مختلف ثقافياً عن أوروبا ولا علاقة له بذلك العالم الغرائبي على الجانب الآخر من القناة. هذه الأفكار انتعشت أكثر بعد تدفق مئات الآلاف من الأوروبيين، وبخاصة من شرق أوروبا، على بريطانيا خلال العقدين الماضيين مستفيدين من سياسة الحدود المفتوحة للاتحاد الأوروبي للبحث عن العمل والاستقرار في بريطانيا. ورغم تراجع عدد المهاجرين إلى بريطانيا، لاسيما من خارج الاتحاد الأوروبي، بسبب القيود التي فرضتها حكومة كاميرون منذ عام 2010، إلا أن فاراج يريد استغلال الأجواء الانعزالية في بريطانيا لاتخاذ إجراءات راديكالية. فبضغط من حزب المحافظين وتصاعد المشاعر المستاءة من الاتحاد الأوروبي لدى الرأي العام، تعهد كاميرون بتنظيم استفتاء مفصلي حول بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2017. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©