الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موقف نحسد عليه

موقف نحسد عليه
18 ابريل 2014 21:33
مُنذ نعومة مخالبنا نعتاد على ممارسة الرياضة، في الحارات كنا نلعب (احيا رفيق)، وهي لعبة تعتمد على الركض، ثم الركض، والتملص من الرفيق من أجل إحياء الرفيق الآخر، والعودة باللعبة إلى مرحلة البداية حتى تتخدَّر أرجلنا، فنعود إلى بيوتنا مرغمين، ثم نعود لنكمل دروس الركض والاختباء في لعبة (طميّة العلبة) والـ (طقّي واجري) و(أولك يا ....). في البيت نتعلم فن المناورة والرقص الإيقاعي حينما نتعلم فن التهرب من الشباشب المتطايرة باتجاهنا عن طريق لي الجسد بأشكال فنية تعاند معظم قوانين الفيزياء والرياضيات والفن التكعيبي، ولو رآنا أبو الجاذبية (نيوتن) لكان أكل التفاحة ثم نام ... بلا قوانين بلا هم. في المدرسة نتعلم القفز فوق الحواجز، ويتكئ أحدنا على يدي رفيقه حتى يتجاوز سور المدرسة ويهرب للتدخين، أو حتى لمجرد الهرب والإحساس بنكهة الحرية خلال فترة الدوام الرسمي. ثم نسجل في الجامعة، وهناك نتعلم فن الماراثون، الذي نمارسه يوميا خلال الجري وراء الباصات، ونلحقها حتى نصل إلى باب الجامعة، فندخل إلى المحاضرة .. وننام. ويستمر الجري بعد التخرج، لكن ظروف العمل التي لا ترحم تجعلنا نتعلم فنون الشعبطة أيضاً، والتعلق بأي شيء يتحرّك حتى نصل في الوقت غير المناسب، فنسجل وصولنا، ونرتمي على كرسي المكتب، بكامل رشاقتنا. أما إذا جاءتنا رشّة ماء من السماء، فإننا نشرع أولاً في تعلم البالية بالقفز بين المطبَّات، ولا بأس ببعض الدروس في التزحلق فوق الماء وممارسة الركمجة، كما يسمونها (من ركوب الموج). كل هذه الفنون ندخرها من أجل الهجوم والدفاع، ومواجهة الحاقدين من عشاق النادي الآخر .. برشلونة أم ريال مدريد، حسب موقعنا من الإعراب .... مع أننا في الواقع لا مكان لنا في الإعراب. (2) بالتأكيد، فإن الكثيرين منا تعرضوا لمثل هذا الموقف، فهو ليس بعيداً عن شيمنا وأخلاقنا العربية الأصيلة (كما نقول عندما تحصل حالة لا نرضاها)، بل هو في جوهر تفكيرنا، الذي يعتمد على التبسيط وتسهيل الأمور التي تحتاج إلى تعقيد، لا بل هي معقدة أصلاً، في ذات الوقت الذي نقوم فيه بتعقيد الأمور البسيطة جداً ونحولها إلى (هلّيلة) ...... نسيت أن أذكر لكم الموقف: الموقف الذي (نحسد عليه) هو أنك عندما ترسل سيارتك إلى الميكانيكي، وتعود إليه خلال التصليح أو بعده، تجد بجانب الرجل علبة سمنة الغزالين مليانة بالبراغي والمرابط والرونديللات والترانزستورات والأسلاك، ويقول لك الميكانيكي إنه أخرجها من جثة سيارتك، ولكن لم يعدها لأنه (ما إلها داعي) .. يعني ليس لها مبرر، وأنها مجرد زيادات حمقاء من الصانعين. لاحظوا كيف أن مساعد الميكانيكي الذي هو في الغالب غير مؤهل علمياً - مثل معلمه - ولا يكاد يكون أنهى المرحلة الإعدادية، ولم يدخل دورة ميكانيك، بل تعلم البيطرة على جحشاتنا المعدنية .. تخيلوا أن هذا الرجل بكامل قيافته الذهنية يطلق النار على كافة علماء وخبراء الفرنجة، ويكتشف بأنه قادر على إلغاء ما يريد ما دام الميكانيكي المزعوم (لا يعرف) لماذا وضعت هذه البراغي والصواميل والقطع. بالفعل إن الميكانيكي الفاشل الذي يسمح له بالتعامل مع سيارتك هكذا، هو شخص حاصل على رخصة في القتل، مثل العميل 007 وأكثر، أكثر لأنه لا يقتلك فحسب، بل يجبرك على قتل الآخرين واسطة المغدورة سيارتك إذا تعطلت، أو انحرفت عن المسار خلال القيادة. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©