السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

برقيات أميركية حول «القاعدة» في اليمن

10 ابريل 2011 22:55
تحذير العضوين النافذين في مجلس الشيوخ الفرنسي كان واضحاً وصريحاً، لكنه كان يشير إلى أنه مازال ثمة وقت "لإنقاذ اليمن حتى لا يتحول إلى المعقل المقبل للقاعدة". ودبلوماسيون عرب يستعملون كلمات مثل "خائفين"، ويقولون إن "القاعدة" آخذة في توسيع وجودها في وقت يتعثر فيه اليمن. بيد أن أكثر التقييمات إثارة للقلق جاءت من بلد خليجي قال مسؤولوه إن اليمن ستصبح بيئة جاذبة للإرهابيين أكثر من أفغانستان، وإنها باتت موبوءة لدرجة أنه ينبغي اعتبارها "المعقل الرئيسي للقاعدة". وبلغة باردة وحازمة، تكشف عشرات البرقيات الدبلوماسية الأميركية السرية عن مستوى من القلق الدولي بشأن التهديد الإرهابي الصادر من اليمن والذي تبين أنه أعمق وأكبر مما يتم الإعلان عنه رسمياً. وتتحدث البرقيات عن بلد بات على وشك التحول إلى "دولة فاشلة" حتى قبل اندلاع الانتفاضة الأخيرة، وعن زعيم يستغل تهديد "القاعدة" لنيل المساعدات الأجنبية لمحاربة الإرهاب واستعمالها ضد خصومه الداخليين، وعن فرع لـ"القاعدة" يجد حاضنته في الثقافة القبلية والتضاريس الوعرة لليمن. البرقيات التي كشف عنها موقع "ويكيليكس"، تعود إلى ما قبل اندلاع الانتفاضات الحالية في العالم العربي ببضعة أشهر. ومع ذلك، فهي توضح الرهانات الرئيسية للولايات المتحدة وحلفائها في بلد كان بمثابة منصة لإطلاق الهجمات. كما تكشف أن مستوى الخلاف والخلل في جهود محاربة الإرهاب الأميركية اليمنية يساعدان على تفسير لماذا تبدو الحملة ضد "القاعدة" قد فترت بعد سلسلة من الضربات الكبيرة؟ وأخيراً، تثير البرقيات أسئلة حول اعتماد الولايات المتحدة على صالح، الزعيم السلطوي الذي يصور أحياناً على أنه شريك غير ملتزم بجهود محاربة الإرهاب، وذلك قبل وقت طويل من اندلاع المظاهرات التي تهدد بإنهاء حكمه الذي بدأ قبل 32 عاماً. وقد رفضت وزارة الخارجية الأميركية التعليق على صحة البرقيات أو محتوياتها. وقال مايك هامر، المتحدث باسم وزارة الخارجية: "إن الولايات المتحدة تدين بشدة أي كشف غير قانوني عن معلومات سرية"، مضيفاً أنه "إضافة إلى الإضرار بجهودنا الدبلوماسية، فإن ذلك يعرِّض أمن الأفراد للخطر، ويهدد أمننا القومي، ويُضعف جهودنا للعمل مع بلدان على حل مشاكل مشتركة". وتشير برقية صدرت عن السفارة الأميركية في العاصمة اليمنية صنعاء العام الماضي، إلى أن وحدات النخبة اليمنية لمحاربة الإرهاب، والتي أنشئت بمساعدة أميركية كبيرة من أجل استهداف "القاعدة"، كانت تُستعمل في غير الغرض الذي أنشئت من أجله، حيث كان يستعين بها صالح لمحاربة المتمردين الحوثيين في شمال البلاد. ويشمل ذلك عناصر من قوات العمليات الخاصة اليمنية، وفصيلة مختصة في محاربة الإرهاب، تم إرسالها إلى المنطقة "بعد أن واجهت القوات النظامية اليمنية صعوبة في دحر التكتيكات غير التقليدية للحوثيين"، تقول البرقية التي أُرسلت بتاريخ الثالث عشر من يناير 2010، من قبل السفير الأميركي حينها "ستيفان إيه. سيش". وقد استمر صالح في جعل فريق محاربة الإرهاب يركز على الحرب ضد الحوثيين، حتى بعد أن حاول نيجيري تلقى التدريب على يد "القاعدة" في اليمن، تفجير قنبلة على متن طائرة متوجهة إلى مدينة ديترويت. وخلال الأسابيع الأخيرة، كانت ثمة تقارير متفرقة تفيد بأن فرق محاربة الإرهاب اليمنية تُستعمل لغير الغرض الذي أنشئت من أجله، وهذه المرة من أجل فرض الأمن والنظام في العاصمة، والمساعدة على قمع مجموعات المعارضة التي تنظم المظاهرات ضد صالح. وقال مسؤولون أميركيون إنهم لم يروا دليلاً يؤكد هذا الأمر، لكنهم اعترفوا بأن عمليات محاربة الإرهاب الأميركية اليمنية قد توقفت تقريباً. ومن جانبه، قال مسؤول يمني مطلع على العمليات الأمنية في البلاد، إن فرق محاربة الإرهاب ووحدات القوات الخاصة لم تُستعمل ضد المحتجين، مضيفاً أنها "ظلت في ثكناتها عموماً". ومعلوم أن إدارة أوباما احتضنت صالح وسعت إلى تشجيعه على التعاون، واعدة إياه بمئات الملايين من الدولارات من المساعدات؛ لكن يبدو أن الإدارة بدأت تتراجع عن ذاك التوجه الآن، وعلقت كل تلك المساعدات. ومن جهتها، قامت حكومة صالح بإرجاء مخططات مدعومة من قبل البريطانيين لفتح مراكز لمحاربة الإرهاب في الأقاليم التي تنشط فيها "القاعدة"، كما يقول المسؤول اليمني، وذلك بسبب "الاضطرابات السياسية". غير أنه حتى عندما كان يتم تحقيق تقدم بخصوص الجهود المدعومة من قبل الغرب والرامية إلى زيادة القدرات اليمنية لمحاربة الإرهاب، فإنها كانت مكبلة بسبب التنافس المحتدم بين أقارب صالح. وفي هذا الإطار، تصف برقية في 2010 احتكاكات بين وحدة محاربة الإرهاب في البلاد -التي يشغل فيها أحد أبناء أخ صالح منصباً رفيعاً- والقوات الخاصة التي تنفذ الغارات ضد "القاعدة" ويقودها ابن الرئيس. فقد حضر مسؤولون أميركيون حفل تدشين مركز لتقاسم المعلومات الاستخباراتية في صنعاء، مزود بأجهزة كمبيوتر وأنظمة رقمية للخرائط ومعدات اتصال مكان تجهيزات عتيقة كانت تعتمد على "ثلاثة أجهزة كمبيوتر قديمة" وخرائط ورقية. لكن الغائب "الأبرز" عن حفل الافتتاح كان هو ابن صالح الذي أعلن عن مخططات لإنشاء منشأة منافسة، حسب البرقية التي ختمت بالقول إن "نهاية التنافس بين القوتين الرئيسيتين لمحاربة الإرهاب في البلاد مازالت بعيدة!". جريج ميلر - واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©