إشعاعات «فوكوشيما»... ستتواصل عدة أشهر

أعلن مسؤولون يابانيون الأحد الماضي أن محطة "فوكوشيما دايتشي" النووية يمكن أن تستمر في إطلاق إشعاعات خطيرة في الهواء لعدة أشهر، معترفين بالتقدم البطيء الذي يحرزونه بصعوبة في المعركة حول استعادة السيطرة على المنشأة النووية التي لحقت بها أضرار بالغة. وكان جوشي هوسونو، وهو مستشار خاص لرئيس الوزراء ناوتو كان، أول من أشار إلى إمكانية أن تستغرق جهود إعادة الاستقرار إلى المفاعلات المتضررة أشهراً عدة، خلال مقابلة مع قناة تلفزيون فوجي. وبعد ذلك أكد المتحدث الرئيسي باسم الحكومة، أمين عام مجلس الوزراء يوكيو إيدانو، هذا الإطار الزمني في مؤتمر صحفي، حيث قال إيدانو للصحافيين إن الحكومة ستستمر في بحث ودراسة تدابير استعجالية بديلة "من أجل تقصير تلك المدة"، لكنه اعترف بأنها "قد لا تكون عملية". الإعلان عن أن السلطات بدأت تتوقع أن تستغرق المعركة أشهراً، وليس أياماً أو أسابيع كما كان متوقعاً في البداية، أبرز التحديات المعقدة والطبيعة غير المؤكدة للعملية الضخمة، والتي توجد اليوم في أسبوعها الرابع، من أجل تصليح المحطة النووية المشلولة وإعادة السيطرة على التسربات الإشعاعية فيها. وكما لو أنها تؤكد احتمال أن مهمة التصليح العاجلة ستكون محفوفة بالمفاجآت، أعلنت شركة كهرباء طوكيو، المعروفة اختصاراً باسم "تيبكو"، عن عثورها على جثتي اثنين من عمالها كانا مفقودين منذ الحادي عشر من مارس الماضي. وقالت الشركة إن كازوهيكو كوكوبو (24 عاماً)، ويوشيكي تيراشيما (21 عاماً)، اللذين وجدا الأربعاء الماضي في قبو المفاعل رقم 4، كانا قد قُتلا جراء الزلزال والتسونامي القويين اللذين ضربا البلاد في ذلك اليوم، وليس جراء الإشعاعات التي انبعثت إثر ذلك من المفاعلات نفسها. وقال مسؤولون في الشركة إن العاملين كانا يخدمان في قسم إدارة العمليات وكانا مكلفين بتنفيذ عمليات مراقبة روتينية للمحطة النووية عندما ضرب الزلزال البلاد. وقال المسؤولون إنهم انتظروا خمسة أيام قبل الإعلان عن مقتل العاملين نزولاً عند رغبة أفراد عائلتيهما الذين كانوا يريدون بعض الخصوصية. وفي هذا السياق، قالت شركة "تيبكو" في بيان صدر عنها: "إننا نشعر بأسف بالغ لفقدان موظفينا الشابين... ونعد بأن هذه المأساة لن تتكرر". الإعلان الذي أتى بعد يوم على عثور شركة "تيبكو" على مياه مشعة تتسرب إلى البحر عبر شقوق في حوض تخزين بمفاعل الوحدة رقم 4، أثار المخاوف بشأن المفاجآت الأخرى التي قد تكون بانتظار عمال الطوارئ. وقال مسؤولون حكوميون إن الجهود الرامية إلى وقف تسرب المياه، أولاً عبر صب الإسمنت في الشقوق، ثم باستعمال مادة البوليمر الممتصة للمياه، لم تكلل بالنجاح. وجواباً على سؤال حول المشاكل المستمرة في المحطة، شدد متحدث باسم الوكالة المنظمة لقطاع الطاقة النووية في اليابان على تحقيق "درجة من التقدم"، غير أنه "قد تكون ثمة تحديات سنتعاطى معها لأسابيع، وتحديات أخرى سنتعاطى معها لأشهر، وتحديات أخرى قد تستغرق وقتاً أطول من ذلك"، يقول هيديهيكو نيشيياما، نائب المدير العام لوكالة السلامة النووية والصناعية، التي تراقب تيبكو". وفي هذه الأثناء، ارتفعت حصيلة القتلى جراء كارثة الحادي عشر من مارس الماضي إلى 12020 قتيلاً، هذا في حين يوجد 15512 شخصاً في عداد المفقودين، ويعيش 165282 مشرداً في الملاجئ، كما يقول مسؤولون حكوميون. وحسب تقارير إخبارية، فإن عملية عسكرية مكثفة للعثور على الجثث على مدى ثلاثة أيام قد انتهت الأحد الماضي، وتم خلالها إيجاد 77 جثة. ويشار إلى أن شركة "تيبكو" والحكومة، تعرضتا معاً لانتقادات شديدة من قبل خبراء أجانب ووسائل الإعلام والجمهور لأنهما لا تكشفا عن المعلومات بطريقة شفافة وفي الوقت المناسب. ورداً على ذلك، عقدت الحكومة عدداً من المؤتمرات الصحفية خلال الأيام الماضية، ومن ذلك مؤتمر تم تخصيصه للصحافيين والمراسلين الأجانب. وفي هذا الإطار، يحاول المسؤولون الحكوميون، من وكالات مختلفة، مسلحين بجداول ورسوم بيانية معقدة، شرح التقدم التدريجي التي يتم تحقيقه. غير أنه في حالات كثيرة، تتوارى قصص النجاح الصغيرة خلف اكتشافات صادمة أكثر تستأثر بعناوين الصحف، تشير إلى أن الحكومة لم تسيطر بعد على الأوضاع في المحطة النووية. وعلى سبيل المثال، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أحد أيام الأسبوع الماضي أنها وجدت إشعاعات بكميات تعتبر أنها عالية بما يكفي لتبرير عملية إخلاء خارج منطقة الإخلاء (12 ميلاً) الحكومية حول محطة فوكوشيما. وفي يوم آخر أعلنت شركة "تيبكو" عن خطأ كبير في نقل مستويات الإشعاع في المياه بالمحطة. ونتيجة لذلك، ترسخ شعور عميق بالتشكك والارتياب بين الصحافيين الذين ضغطوا على المسؤولين الحكوميين في المؤتمر الصحافي مساء الأحد قبل الماضي وسألوهم عن أسباب عدم الإعلان عن اكتشاف العاملين القتيلين الأسبوع الماضي، وأسباب عدم ظهور المسؤولين المنتخَبين الكبار ومدراء شركة "تيبكو" في الإيجازات الصحفية... فأجاب متحدث باسم الحكومة: "سوف أنقل تخوفاتكم إلى المسؤولين المنتخَبين"، بدون أن يستفيض في الكلام. ديفيد ناكامورا - طوكيو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»