الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تحف من ورق تنثر عبير جمالها في أركان المنزل

تحف من ورق تنثر عبير جمالها في أركان المنزل
10 يناير 2011 20:29
نماذج فنية رائعة منحوتة بالورق، تشكل بحرفة ومهارة عالية، لتكون كقطعة جمالية غاية في النعومة والدقة لترسو بهدوء في ردهات المنزل، وبالرغم من خاماته البسيطة التي يقوم عليها هذا الفن، إلا أن نتائجه مبهرة وتفاصيله تنطق بالإبداع والرقي، هذا الفن الذي ارتبط ببلاط الملوك وشكلتها أنامل الأميرات قديما، في وقت كاد أن يأفل نجمه، إلا أن المبدعين بثوا فيه الحياة مجدداً، وحفظوه من الضياع والاندثار، وها هو ينتعش مرة أخرى ليحاك عبر طي هذه الأوراق الزاهية، ويتحول بذوق وفن إلى مقتنيات فنية وإكسسوارات من ورق تحدثنا عنها الفنانة آمنة الفرض. خولة علي (دبي) - حول هذا النوع المتميز من الفن تشير آمنة الفرض قائلة: فن لف الورق هو عبارة عن فن أوروبي قديم يعتمد على لف أشرطة رفيعة من الورق بطرق معينة لتكوين لفافات عدة، يمكن أن نشكل به نماذج وأعمالا فنية تحاكي مختلف الصور والمشاهد التي يمكن أن نراها في أرض الواقع، أو يمكن أن نجسد بها الكثير الأفكار التي قد تكون عالقة في أذهاننا، ويمكن أن نحولها إلى قطعة جمالية وتحفة نزين به تفاصيل حياتنا وديكور منازلنا الداخلي. هو نوع من الفن المميز الذي بدأ في بلاط الملوك، ليكون فنا خاصا تمارسه الأميرات والطبقة الراقية في أوروبا يشغلن به فراغهن، حيث أبدعن في تقديم نماذج فنية رائعة لامست، وبشكل كبير، تفاصيل الديكور وبعض مفرداته، منها طاولات زينة وطاولات قهوة مرصعة بقطع ورقية بأشكال فنية مختلفة تدل على الحقبة الزمنية التي تعود إليها، وطبيعة النمط والطراز الذي يتسم به. عودة بلا أفول أفل نجم هذا الفن الذي توقف عن الظهور فجأة، وكان وقت ذاك مهددا بالاندثار؛ نظرا لويلات الحروب التي تكالبت على الأمم، لتتحول إلى مقتنيات فريدة، لها قيمة استثنائية خاصة وإرث ثقافي قديم، محفوظ في ذاكرة التاريخ، هذه الأعمال المتنوعة التي تعود للأميرات الإنجليزيات، حيث يمكن مشاهدة براعتهن في أحضان المتاحف البريطانية التي تزخر ببعض هذه المقتنيات. ومع بداية الثمانينيات من القرن الماضي، قامت مجموعة من الفنانين الإنجليز بإعادته إلى الحياة مجددا، وتشكلت مجموعة مهمتها حماية هذا الإرث الفني ونشره، ونجد هذا الفن وقد وجد له أنصارا كثر في كل من أميركا واليابان اللتين أنشأتا كل منها جماعة تضم فنانين للف الورق. قابلية التشكيل تضيف الفرض قائلة: لهذا الفن أساليب مختلفة، تتشكل عبرها نماذج فنية رائعة، تأسر كل ناظر له، وتدفعنا لنتحسس هذه التقنية الفنية في لف الورق وتحويلها إلى قطعة فنية رائعة تركن بهدوء وسلام في ثنايا منازلنا، فتنشر البهجة والرقي بشكلها الناعم والثري وبتفاصيل التي تحاكي الكثير من المفردات الجمالية، ونظرا لطبيعية الورق، فإن المجسمات وأعمال الزينة المصنوعة منه لا تستخدم استخداما معقداً، وإنما هي تأتي بغرض عرض المهارة، أو كقطع فنية للتزيين والديكور. يمكن صنع أي نموذج فني عن طريق لف أشرطة الورق وتصميم مجسمات مختلفة يسعها أن تحاكي بعض القطع والمقتنيات الفنية كالتحف التي تقارب نماذج معينة قد تعود بنا إلى حقبة زمنية سابقة، أو حتى إلى لوحة حائط يمكن أن نستنبط منها معاني ومفاهيم لبيئة ما، أو حتى تزيين بعض قطع الديكور من خلال تصميم نماذج مختلفة من الزخارف والنقوش التي تكون كمادة جمالية نزين به بعض العلب، أو أغطية الأبجورات، وتنفيذ مجسمات فنية تحاكي بعض الشخصيات القصصية والكرتونية التي تستميل قلوب الأطفال وشغفهم المستمر به، فيمكن أن تركن بهدوء في فترينة خاصة أو على رف في غرف الصغار. عمل بعض البطاقات الخاصة بطريقة جذابة وملفتة فتكون على قدر الأناقة المتميزة، بالإضافة إلى رسم لوحة فنية بالأوراق الملونة، وتجسيد بعض المناظر من ببيئات مختلفة. حيث قمت بتنفيذ لوحة تضم شجرة الساكورا وقد استغرقت ساعة عمل يومياً على مدى أسبوعين متواصلين، نظرا لكبر حجم اللوحة نسبياً، ولتقنية هذا الفن الذي يتطلب الدقة والصبر فهو يضم في أحشائه تفاصيل فنية دقيقة من لف الورق. تعمق في الرؤية تؤكد الفرض أن لكل فن له تقنياته الفنية الخاصة، وهي تتطلب المهارة في العمل التيتأتي ثمرة للجهد المتواصل والخبرة إلى جانب الإبداع في العمل، ومحاولة تحويل أي فكرة قد تراود المرء إلى نموذج مبتكر يضم تفاصيل مختلفة وثرية، وهذا لا يأتي إلا من خلال الاطلاع على الثقافات المتعددة التي قد تكون بيئة زاخرة بالكثير من الصور والمشاهد التي قد تكون مادة جيدة يمكن أن تحاكى بالورق، وكثيرا ما أحاول في أعمالي أن أبرز مقتنياتنا وقيمنا التراثية وعادتنا وتقاليدنا نحن كعرب ومسلمين، وتعريفها للغرب. في قالب فني قد يثير شغفهم في معرفة ما ضيمه هذا المجسم من دلالات ثقافية وقيمة معرفية، وتكون بمثابة رسالة معرفية سهلة تحاكي فكر الآخرين بطريقة ملفتة وجذابة. أدوات بسيطة هذا الفن لا يخلو من صعوبة بالرغم من خاماته البسيطة، فعملية صنع تحفة أو نموذج معين إنما تحتاج إلى وقت طويل ودقة في العمل، كما أننا نجد الخامات متوفرة وغير مكلفة، وهناك بدائل أخرى متوفرة لدى المحلات الموجودة في الدولة، أو يمكن جلبها عن طريق النت من الخارج وبكميات كبيرة نظرا لأن تقنية هذا الفن قام على التكرار في التشكيل، ومن المواد المستخدمة والتي يمكن أن تكون في معية الكثيرين دفتر رسم ملون أو أوراق طباعة ملونة، وصمغ أبيض خاص بالورق أو الأشغال اليدوية، وأداة قطع الورق لأشرطة رفيعة، وهذه الأساسيات البسيطة متوفرة لدى أي شخص ممارس للأشغال اليدوية، واستخدم عمود رفيع وصغير يتم من خلاله لف الورق بحيث تلف الورق على العود بعد صمغ طرفها إلى أن ينتهي اللف ثم تلصق نهايتها حتى تثبت عملية اللف، وتبدأ عملية تشكيل الورق ولا توجد حدود لاستخدامات فن لف الورق، ففي المراحل الأولية يستخدم كتشكيل مسطح على سطح ما، ويتدرج إلى أن يصل مرحلة التجسيم والتشكيل الذي يتطلب قدرا من الإبداع، وتحويل فكرة ما إلى نموذج معبر بتفاصيله الفنية وجميعها تصب لغرض التزيين. رسالة الفنان حول طرق العناية بالتحف الورقية تؤكد الفرض أنه نظرا لكون هذا الفن قائم على الورق، فالكثيرون ينظرون إليه بأنه سريع التلف، إن كل شيء معرض للعطب والتلف إذا ما تعرض للعبث من الآخرين ولم يوضع في مكان مأمن من أن تطال إليه يد الفضليين أو العابثين، فنظرا لكون هذا الفن يعد تحفة جمالية نزين به تفاصيل ونمط ديكورانا الداخلي، فلابد أن تكون محط أنظار الآخرين والزوار ليس إلا، من خلال وضعها في علب خاصة أو “فترينا” أو في مكان بعيد عن أيدي الأطفال. ويمكن أيضا رشها بمواد حافظة مثبته لتحتفظ بشكلها أطول فترة ممكنة، وهي تعطي لمعة خاصة بالورق، ودائما ما أحب أن تكون أعمالي كما هي من دون أي لمعة. فالفن أولا وأخير يعد رسالة تحمل في طياتها الكثير من الأفكار والمفاهيم التي يسعى من خلاله الفنان أن يوصلها إلى أكبر قدر ممكن من الجمهور على اختلاف ثقافاتهم ليجتاز به الحدود والعراقيل. فهي اللغة المشتركة بين الشعوب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©