الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«جولدمان- ساكس» وإنقاذ النظام الفنزويلي

9 يونيو 2017 22:51
وفقاً لتقرير نشر في 28 مايو المنصرم، في صحيفة «وول سترت جورنال»، فإن شركة «جولدمان ساكس جروب إنكوربوريشين» اشترت سندات بقيمة 2.8 مليار دولار من شركة «بي دي في إس آيه» الحكومية وهي شركة احتكارية نفطية تعتبر المصدر الرئيسي -بل والوحيد في الواقع- للدخل بالنسبة لحكومة فنزويلا. وقامت الشركة المشترية التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، بدفع 31 سنتاً على الدولار للسندات الحكومية الفنزويلية الصادرة عام 2014، وهو ما يعني أنها دفعت فعلياً مبلغ 865 مليون دولار. وعملية شراء السندات التي نُفِذتْ عبر وسيط، تعني في واقع الأمر، أنه إذا لم تتخلف فنزويلا عن سداد الديون المستحقة عليها في موعدها، فإن تلك السندات، يمكن أن تدر فائدة نسبتها 19 في المئة في العام، بالإضافة بالطبع إلى المكاسب الرأسمالية. وعلى رغم أنه ليس من غير المألوف أن يقوم بنك استثماري بشراء ديون الدول المفلسة، فإن عملية الشراء الأخيرة هذه، أثارت قدراً من الدهشة يفوق المعتاد في مثل هذه الحالات، لأنها جاءت في وقت يواجه فيه نظام الرئيس نيكولا مادورو احتجاجات شوارع ضخمة، خلفت 60 قتيلاً في الأسابيع الأخيرة، كما أنها تأتي أيضاً وسط ضغوط دولية متنامية لاستعادة الديمقراطية في ذلك البلد. يشار في هذا السياق، إلى أن خوليو بورخيس، زعيم الأغلبية المعارضة في الجمعية الوطنية، قد أرسل رسالة غاضبة لـ«لويد بلانكفين» الرئيس التنفيذي لجولدمان ساكس، في 29 مايو المنصرم قال له فيها إن «حبل الإنقاذ المالي الذي مده البنك للنظام الفنزويلي، سيعزز من القمع الذي يمارسه النظام ضد مئات الآلاف من الفنزويليين الذين يحتجون سلمياً مطالبين بالتغيير السياسي». وكتب بورخيس في رسالته أيضاً أنه بالنظر «للطبيعة غير النظامية» للمعاملة، و«الشروط المالية غير المعقولة التي انطوت عليها، والتي تلحق الضرر بفنزويلا، وشعبها»، فإن الكونجرس الفنزويلي سيفتح تحقيقاً في القضية. وأضاف بورخيس أنه سيوصي «أي حكومة ديمقراطية مستقبلية في فنزويلا بعدم الاعتراف بهذه السندات أو دفع قيمتها». ويقول «ريكاردو هاوسمان»، أستاذ الاقتصاد بجامعة هارفارد، الذي شغل سابقاً منصب وزير التخطيط في الحكومة الفنزويلية، ومنصب كبير الاقتصاديين في بنك التنمية لدول أميركا اللاتينية، إن ما فعله بنك جولدمان ساكس «يرقى إلى مرتبة تمويل نظام ديكتاتوري». وقبل نشر التقرير المتعلق بعملية الشراء التي قام بها، بنك جولدمان ساكس، كتب هاوسمان عموداً، ينتقد فيه مؤشر سندات «جي بي مورجان للأسواق الناشئة» لتعامله مع سندات الدين الفنزويلي. وقال هاوسمان في ذلك العمود إنه في حين تمثل فنزويلا 5 في المئة فقط من «مؤشر جي بي مورجان»، إلا أنها مسؤولة عن جزء كبير من عائده بسبب احتمال أن يؤدي توقفها عن السداد إلى رفع قسط تحمل المخاطرة. ويرى هاوسمان أن المستثمرين يخدعون أنفسهم، إذا ما اعتقدوا أنهم لا يرتكبون أي خطأً، وأن كل ما يقومون به هو أنهم يشترون الدَّين الفنزويلي على أمل تغير الظروف السياسية. وقد أقر هاوسمان بأنه سيكون من غير الواقعي -ومن غير المنصف بالنسبة للدول الناشئة الأخرى في هذا الصندوق، أن تطالب المستثمرين بالتوقف عن الشراء منها، لأن فنزويلا تمثل جزءاً صغيراً منه. والحل البديل هو الضغط على «مؤشر جي بي مورجان» لحذف فنزويلا من صناديق الأسواق الناشئة، كما قال. وأرى أن من حسن الحظ، أن كثيراً من الأمور قد تغير إلى الأفضل منذ أن بدأت بعض الأصوات في التبشير بالاستثمارات المسؤولة اجتماعياً في القرن الثامن عشر، ومنذ تبني هذه الفكرة من قبل أعداد متزايدة من الناس في عقد الستينيات من القرن الماضي. واليوم نجد أن المستثمرين -وخصوصاً جيل الألفية- قد باتوا أكثر وعياً بالاستثمار في شركات ودول لاتينية تحترم البيئة ولا تمارس القمع. ونحن لا نستطيع منع المستثمرين الجشعين، من شراء سندات فنزويلا، إذا كانوا يريدون المقامرة بأموالهم والتعرض لمخاطرة احتمال توقفها عن دفع المستحقات. ولكن من دون شك يجب أن نلقي باللائمة على البنوك التي تتربح من إنقاذ أنظمة قمعية. *صحفي أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون ميديا سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©