يقول المثل “عندما يزيد الأمر عن حده ينقلب ضده”، ولعل هذا المثل يلخص حال أصحاب الدراجات النارية والسيارات المعدلة، بعد قرار صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والخاص بمصادرة جميع المركبات التي تسبب الإزعاج للآخرين، وتستبيح حرمة المناطق السكنية، وتحول الهدوء والسكينة الذي تعيشه إلى صخب مؤذ دون ذرة احترام لخصوصية المكان والآخرين.
ولا أعتقد أن أحداً يختلف على أن الدراجات النارية والإزعاج الشديد الذي تسببه أصبح مشكلة لم يسلم أحد من شرها، بعد أن أصبح أصحابها يتفننون في تزويدها وتعديلها ورفع أصواتها، وكأنها صواريخ تسير على الأرض، ولا أبالغ في القول إذا ذكرت أن بعض هذه الدراجات عندما تمر بك في الطريق، تشعر وكأنك في حلبة سباق فورمولا من شدة صخبها وارتفاع أصواتها، وليس في شارع عام له قوانينه التي تستحق الاحترام، وتدفعك للتفكير كيف يستطيع أصحاب هذه الدراجات تحمل صوتها المتفجر دون أن تصيبهم بخلل دماغي؟
لا شك أن قرار المصادرة النهائية دون تهاون، أو تراجع، هو إجراء صارم، لم نصل إليه إلا بعد أن أثبتت الحلول الأخرى عدم جدواها، حيث لم تنفع النصيحة بالحسنى، ولا حملات التوعية في تحقيق أهدافها بثني هذه الفئة عن تصرفاتها الخاطئة، كما أن التدرج في العقوبات، مثل الحجز والغرامات أثبتت أنها هي الأخرى غير فعالة، لأنها لم تنجح في ردع المزعجين، حيث مازالت المشكلة مستمرة، لذلك كان لابد من حل حاسم. ليس هناك شيء ضد أصحاب الدراجات، وأعلم أنها هواية جميلة بالنسبة للكثيرين لا يستطيعون التخلي عنها، ولا أحد يطالبهم بذلك، علاوة على أنه من حقهم المحافظة علي هوايتهم والاستمتاع بها، ولكن بشرط واحد أن يتوقفوا عن إزعاج الآخرين، وهو أمر ليس صعباً!
كما أن المسألة قبل أن تكون تطبيق قانون ومنع ومصادرة، هي قضية ذوق ولباقة، يجب أن يتمتع به الجميع، خاصة عندما يتعلق الأمر بالظهور في المناطق العامة لأن هذه المناطق لها حرمتها، وهي ملك للجميع، ومن قلة الأدب الاعتداء على هذه الخصوصية واستباحتها من أجل إشباع هواية شخصية، لذلك ليت الأمر لا يتوقف على إمارة الشارقة، ونشاهد تطبيق قانون المصادرة في كافة إمارات الدولة، لأن مشكلة الإزعاج الشديد الذي تسببه المركبات المعدلة، خاصة الدراجات منتشرة في كل مكان، وإزعاجها يطال الجميع.
إن قرار الشيخ سلطان رغم الحسم الذي يتضمنه وعدم التهاون في التنفيذ، إلا أنه يحمل بين طياته الكثير من التوجيه لأصحاب الدراجات بأن تصرفاتهم باتت غير مقبولة، وتحتاج إلى إعادة تقويم من منطلق أن هناك مرحلة معينة تضطر فيها إلى معاقبة ابنك، بعد أن تستنفد معه الحلول الأخرى.
salshamsi@admedia.ae
عدد اليوم
