عمرو بن العاص حارب وانتصر بالسيف والعقل

عمرو أبو الفضل (القاهرة)- الصحابي عمرو بن العاص كان داهية من دهاة العرب، وصاحب فكر عميق ورأي سديد، ومن قادة الجيوش الاسلامية الذين فتحوا البلدان، فهو الذي شارك في هزيمة الروم وفتح الاردن ومصر، وأثني عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك الخلفاء الراشدون، وهو الذي قيل إنه حارب وانتصر بالسيف والعقل. إلى ذلك قال فضيلة الشيخ منصور عبيد وكيل وزارة الاوقاف المصرية لشؤون الدعوة الاسبق إنه عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد القرشي السهمي، وكنيته أبو عبد الله، وولد قبل الهجرة النبوية الشريفة وكانت أمه تلقب بالنابغة، تزوجت بعد ابيه العاص بن وائل، أزواجا اخرين فكان له أخوة من أمه هم عروة بن أثاثة العدوي، وعقبة بن نافع بن عبد القيس الفهري، وتوفى رحمه الله في 30 رمضان 43هـ- 664 م. نشأته وأضاف أن عمرو بن العاص نشأ فى بيت رئاسة وشرف فابوه العاص كان تاجرا ثريا ومن سادات قريش، تولى القضاء في الجاهلية فنال احترام الناس وتقديرهم، وترعرع عمرو بمكة وكان من فرسان قريش وأبطالهم، فصيح اللسان، قوي الحجة واسع الحيلة والدهاء، وشاعرا حسن الشعر، ولما ظهر الاسلام اتخذ جانب العداء للاسلام، وحينما هاجر المسلمون الى الحبشة فرارا من التعذيب، ارسلته قريش مع عبدالله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي محملا بالهدايا إلى النجاشي، ليسلمهم المسلمين، فرفض النجاشي وأمر برد هدايا قريش. وأشار وكيل وزارة الاوقاف المصرية لشؤون الدعوة الاسبق إلى أن عمرو أسلم فى سنة 8 هـ، بعد هزيمة قريش في غزوة الاحزاب، وهاجر الى المدينة مع خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة، ففرح الرسول-صلى الله عليه وسلم- بقدومهم وإسلامهم، وقيل إنه كان كثير التردد على الحبشة، وكان صديقا لملكها النجاشي، فقال له النجاشي ذات مرة: يا عمرو، كيف يعزب عنك أمر ابن عمك؟ فوالله إنه لرسول الله حقا. قال عمرو: أنت تقول ذلك؟ قال: أي والله، فأطعني. فخرج عمرو من الحبشة قاصدا المدينة، فقابله في الطريق خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة، وكانا في طريقهما إلى الرسول-صلى الله عليه وسلم- فساروا جميعا إلى المدينة، وأسلموا بين يدي رسول الله، وبايعوه. رجاحة عقله وأوضح أنه لرجاحة عقله وشجاعته قربه منه الرسول عليه الصلاة والسلام وكان يقول عنه:” عمرو بن العاص من صالحي قريش، نعم أهل البيت أبو عبد الله، وأم عبدالله، وعبدالله”، وقال:” ابنا العاص مؤمنان، عمرو وهشام”. وكان له شرف كتابة الوحي القرآني، وذكرت المصادر التاريخية انه كتب للرسول عليه الصلاة والسلام بعد الحديبية بالمدينة، وعده الزنجاني وغيره ممن كانوا يكتبون الوحي بالخط المقرر وهو النسخي، ولذكائه وحزمه وبراعته في القتال كلفه الرسول صلى الله عليه وسلم بقيادة الجند في غزوة ذات السلاسل 8هـ، وأمده بأبي بكر وعمر وأبي عبيدة بن الجراح، ثم استعمله على عمان فمات الرسول عليه الصلاة والسلام وهو أميرها. و قال وكيل وزارة الاوقاف المصرية لشؤون الدعوة الاسبق، إنه تولى فى خلافة أبي بكر رضي الله عنه لواء احد الجيوش التى توجهت لمحاربة المرتدين، فأرسله إلى قضاعة، ولما بدأت الفتوحات الاسلامية ولاه قيادة احد الجيوش الأربعة التي اتجهت إلى بلاد الشام لفتحها، فانطلق عمرو بن العاص إلى فلسطين بجيشه، وشارك في معركة اليرموك مع باقي الجيوش الإسلامية، التى هزمت الروم وفتحت بلاد الشام، وتمكن من فتح قنسرين وصالح أهل حلب ومنبج وأنطاكية، وانتقل الى فلسطين ففتح منها غزة، وسبسطية، ونابلس ويبني وعمواس وبيت جيرين ويافا ورفح. فتح مصر وذكر أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان يقول عنه كلما راه انه أمير يمشي على الارض، وإذا ذكر أمامه حصار بيت المقدس وما أبدى فيه عمرو بن العاص من براعة يقول:” لقد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب”، وولاه فلسطين والاردن، وكلفه بقيادة الجيش الذاهب لفتح مصر ففتحها، وأبقاه الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه أميرا عليها لفترة. وذكر أبو العباس المبرد أنه لما حضرت الوفاة عمرو دخل عليه ابن عباس فقال: دخلت على عمرو بن العاص وقد احتضر، فدخل عليه عبد الله بن عمرو فقال له: يا عبد الله، خذ ذلك الصندوق، فقال: لا حاجة لي فيه، قال إنه مملوء مالاً، قال: لا حاجة لي به، فقال عمرو: ليته مملوء بعراً قال: فقلت: يا أبا عبد الله، إنك كنت تقول: أشتهي أن أرى عاقلا يموت حتى أسأله كيف يجد فكيف تجدك قال: أجد السماء كأنها مطبقة على الأرض وأنا بينهما، وأراني كأنما أتنفس من خرت إبرة، ثم قال: اللهم خذ مني حتى ترضى. ثم رفع يديه فقال: اللهم أمرت فعصينا، ونهيت فركبنا فلا بريء فأعتذر، ولا قوي فأنتصر، ولكن لا إله إلا الله ثلاثا، ثم قضي.