الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مغامرة السلام مع سوريا

مغامرة السلام مع سوريا
13 أغسطس 2008 23:20
يبدو الرئيس السوري بشار الأسد جاداً في السعي للسلام· لكن ما مدى جديته؟ يبدو أن لدى الأسد رغبة صادقة في عقد محادثات سلام، وهو موضوع شرحه سفيره في واشنطن بتفاصيل أوسع· لكن ثمة مزيداً حول هذا الموضوع نناقشه فيما يلي· فقد أشار الرئيس السوري أثناء زيارته إلى فرنسا أوائل الشهر الماضي إلى أنه على استعداد لفتح بعثة دبلوماسية سورية في العاصمة اللبنانية، وهي خطوة تعترف بسيادة لبنان كأمر واقع، وإيماءة طالما تردد السوريون في القيام بها تجاه جيرانهم اللبنانيين منذ استقلال الدولتين عن فرنسا نهاية الحرب العالمية الثانية· كما أن هناك مؤشرات على أن دمشق قد تقوم بالضغط على ''حماس'' و''حزب الله''، وهما مجموعتان تدعمهما إيران وتتهمهما إسرائيل والغرب بالتورط في نشاطات إرهابية· تأخـــذ الحكومـــة التركيــة المبــــادرة السوريـــة بجدية، وقد عملت كوسيط لنقل المقترحات والمقترحات المضادة بين الإسرائيليين والسوريين· كذلك فإن الرئيس الفرنسي ساركوزي يأخذ نظيره السوري على محمل الجد، وكان هو أول من أخرجه من عزلته عندما دعاه لحضور قمة اتحاد دول البحر الأبيض المتوسط في باريس وطلب منه بعد ذلك البقاء كضيف شرف على سرادق العرض في يوم ''الباستيل'' في الرابع عشر من يوليو· ومن المعتقد أن موافقة سوريا على فتح سفارة لها في بيروت، بعد عقود من الرفض، يعود الفضل فيها إلى نجاح الدبلوماسية الفرنسية· الحكومة الإسرائيلية من جانبها، تأخذ هي أيضاً إيماءات سوريا بالسلام على محمل الجدّ، من خلال متابعة مبادرات سوريا وتصريحاتها المتكررة بالرغبة في تحقيق معاهدة سلام مع الدولة اليهودية· في مقابلة نادرة مع ''أميركيون من أجل السلام الآن''، وهي منظمة أميركية تساند إسرائيل، قال عماد مصطفى، سفير سوريا لدى واشنطن، إن بلده يسعى الى تحقيق سلام شامل مع إسرائيل ''في مضمون تطبيعي''· وذكر أن معاهدة سلام مع سوريا يمكن أن تمهد الطريق لإسرائيل للتوصل إلى سلام مع كامل العالم العربي· ''نقول نحن في سوريا لدولة إسرائيل إننا نرغب في إنهاء حالة الحرب بيننا، وفي أن نحقق السلام بين دولتينا، وأن نعترف ببعضنا بعضاً ونعيش كجيران مسالمين مع بعضنا بعضاً كذلك، في مضمون تطبيعي''، حسب تصريح مصطفى، والذي قال أيضاً: ''نعتقد أن هذا اقتراح جاد بشكل كبير··· وهذا هو الأمر العظيم الذي نعرضه: لنجلس معاً ولنصنع السلام، ولننه حالة الحرب بشكل نهائي بين بلدينا''· وقد وصف مصطفى، في حديث له مع ''أوري نير''، الناطق باسم ''أميركيون من أجل السلام الآن''، المحادثات الحالية بين سوريا وإسرائيل بأنها ''فرصة تاريخية لصنع السلام، ليس فقط مع سوريا ولبنان، لأننا نؤمن أنه بطريقة أو بأخرى، يمكن لسوريا أن تلعب دور حامي البوابة بين إسرائيل والعالم العربي''· وقد أخبر مصطفى منظمة ''أميركيون من أجل السلام الآن''، أن زعماء سوريا ''طالما قالوا للإسرائيليين خلال السنوات الخمس عشرة الماضية: نحن نريد أن نصنع السلام· نحن نؤمن بسلام عادل وشامل معكم''· ثم واصل قائلاً: ''السبيل الوحيد هو الذهاب قُدُماً، ولا يوجد بديل آخر، إنه الجلوس معنا وصنع اتفاقية للسلام''· إلا أن هناك عنصر رئيسي مفقود، يبطئ الدفع نحو السلام بين سوريا وإسرائيل، إضافة إلى التغييرات الأخرى المقترحة أو التي يتم التلميح إليها من قبل السوريين: العنصر الحاسم المفقود هو مشاركة الولايات المتحدة· تبقى إدارة الرئيس بوش الطرف الوحيد الذي لا يأخذ سوريا على محمل الجد فيما يتعلق برغبتها في التغيير· هناك احتمال بعيد بأن تكون سياسة الإدارة الأميركية فيما يتعلق بدمشق صحيحة بينما يكون الآخرون جميعهم، أي الفرنسيين والأتراك والإسرائيليين، على خطأ· إلا أن المخاطر مرتفعة جداً، وفرص السلام الدائم في الشرق الأوسط قريبة جداً، بحيث يستحق الأمر المقامرة والطلب من السوريين إثبات وعودهم بالنوايا السلمية بأعمال راسخة· ماذا يمكن أن نخسر؟ إذا أخلَّت سوريا بأي من وعودها، تستطيع واشنطن دائماً أن تعيدها إلى الزاوية وتوقف المحادثات معها وتستأنف سياسة البرود تجاهها· من ناحية أخرى لدى إدارة الرئيس بوش الكثير لتربحه في آخر أيامها في البيت الأبيض إذا تمكنت من إتمام اتفاقية سلام تاريخية بين سوريا وإسرائيل· لا يمكن لحالة الدومينو الناتجة عن اتفاقية كهذه إلا أن تنعكس إيجابياً على الجارين العربيين الباقيين المجاورين لإسرائيل اللذين لم يحققا السلام مع الدولة اليهودية: لبنان والفلسطينيين· إذا تمكنت الولايات المتحدة من تحرير معاهدة سلام بين السوريين والإسرائيليين مع حلول وقت الخروج من البيت الأبيض، فلن يكون الرئيس بوش قد نجح في رؤية إنشاء الدولة الفلسطينية كما وعد بها· هذه فرصة ذهبية لبوش الذي سيترك البيت الأبيض بعد أقل من 170 يوماً، تاركاً وراءه حربين لم يكملهما، لأن ينهي رئاسته بحدث إيجابي· هناك الكثير الذي يمكن ربحه والقليل الذي يمكن خسارته في مغامرة كهذه· يتطلب صنع السلام أحياناً شجاعة أكثر من شن الحرب· ربما تثبت العروض التي يتوجب على واشنطن تقديمها إلى دمشق، مدى جدية السوريين· كلود صالحاني المحلل السياسي مع خدمة يونايتد برس إنترناشيونال ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومون جراوند
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©