الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

التكافل الاجتماعي.. الضمان القوي لتماسك المجتمع

التكافل الاجتماعي.. الضمان القوي لتماسك المجتمع
4 مايو 2018 01:25
القاهرة- الاتحاد يطبق المجتمع المسلم الإسلام عقيدة وشريعة ونظاماً وسلوكاً، وفقاً لما جاء بالكتاب والسُنة، وعندما يلتزم المجتمع بهذه القاعدة يجد التكافل الاجتماعي مكانه، ذلك أن الإسلام قد اهتم ببناء المجتمع المتكامل وحشد جملة من النصوص والأحكام، لذا فإن التكافل الاجتماعي في الإسلام يتجاوز النفع المادي إلى حاجات المجتمع أفراداً وجماعات، على أوسع مدى لهذه المفاهيم، والتكافل غاية أساسية تتسع دائرته حتى تشمل جميع البشر، ذلك أن أساسه كرامة الإنسان، ووحدة كلمة المسلمين تؤثر إيجاباً في تماسك الأمة وتلاحمها، وجاءت الشريعة الإسلامية لتحُث على الوحدة والتضامن والتكافل. تماسك المجتمع يقول د. محمد الشحات الجندي الأستاذ بجامعة الأزهر: نظام التكافل الإسلامي هو الضمان القوي لتماسك المجتمع وهو بمثابة أداة فاعلة في مجال رعاية الفقراء والمحتاجين وتوفير متطلباتهم من الغذاء والكساء والعلاج، وقد اعترف الإسلام بالتفاوت بين الناس وأسس المجتمع على التكافل والرحمة وأرسى مبدأ العدالة في اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، قال تعالى: «للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن»، ودعا الإسلام إلى تبني التكافل في مفهومه الشامل حتى ينهض المجتمع على أسس عقائدية ودينية وحقائق حياتية تتعلق بالمعايش والأقوات وسبل الاجتماع، ويغطي الأمور المادية والمعنوية على نحو يتجلى فيه شعور الجميع بمسؤولية بعضهم عن بعض، وهكذا نرى أن التكافل في الإسلام فريضة وليس مجرد فضيلة وأنه حق وليس منحة، كما أنه أحد موازين العدالة المجتمعية. والتكافل في الإسلام يشمل الإحسان إلى الأهل والأقارب والمبادرة إلى تلبية مطالبهم، والبر بهم والإنفاق عليهم، قال صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»، كما يشمل الجيران واليتامى والمساكين والمسافر المنقطع عن ماله وابن السبيل ويتدرج من هذه الفئات إلى المجتمع بأسره ثم إلى الأمة كلها، بحيث تتحقق الرعاية بكل معانيها. وقد أرسى الرسول صلى الله عليه وسلم مفهوم التكافل للمجتمع الإسلامي وجعله حقيقة تتكاتف فيها الجهود حتى يتراحم أفراده، فيما بينهم، ويحصل كل فرد على حاجاته الضرورية بقدر كفايته وفق ضوابط عادلة، ولا شك أن استعادة هذه المظاهر الإسلامية في حياتنا المعاصرة تعد مطلباً جوهرياً وسفينة إنقاذ للأوضاع في علاقة المسلمين بعضهم البعض، فما أحوجنا إلى أن نهتدي بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي الخلفاء الراشدين في إحياء سنة التكافل الاجتماعي حتى تحيا الأمة على التضامن ومشاركة القادرين. المصالح العامة والخاصة يقول الدكتور محمد نبيل غنايم أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة: التكافل في المجتمع الإسلامي معناه أن يكون جميع الأفراد مشاركين في المحافظة على المصالح العامة والخاصة ودفع المفاسد والأضرار بحيث يشعر كل فرد فيه بأنه إلى جانب حقوقه عليه واجبات، ولو طبق المسلمون تعاليم الإسلام التي تحثهم على التكافل لاختفى الفقر والبطالة وكافة الظواهر السلبية الأخرى التي يمتلئ بها المجتمع المسلم. وقد وضع الإسلام العديد من المبادئ التي تحقق التكافل الاجتماعي بصورة تحقق للفقير حياة كريمة من دون الحاجة للتسول أو ما شابه ذلك، ومن أهم تلك المبادئ الزكاة، إحدى الأدوات لتحقيق الضمان الاجتماعي، وقد نجحت الزكاة في تحقيق دورها بصورة رائعة، وأن دورها لم يكن فقط يقتصر على توزيعها على الفقراء، إنما كانت تستخدم في إقامة مشروعات لهم مما يجعلها وسيلة مهمة لخلق فرص عمل، وبالتالي فإن للزكاة دورا حيويا يجب أن يستغل استغلالا سليما لحل العديد من المشاكل الاقتصادية التي يعانيها المجتمع في الوقت الحالي مثل مشكلة البطالة والفقر والديون والفجوة الاقتصادية الفاحشة. وهكذا فإن الإسلام أرسى قواعد أساسية تحث كل فرد على السعي والعلم والعمل الجاد والجماعي لصالح الجماعة، ويجب أن ندرك أيضا أن التكافل الاجتماعي في الإسلام ليس مقصورا على النفع المادي وإن كان ذلك ركنا أساسيا فيه بل يتجاوزه إلى جميع حاجات المجتمع أفرادا وجماعات. وتحقيق التكافل وشيوعه بين المواطنين يزيل حقد الفقير على الغني، وبالتالي يتحقق الترابط والتآلف بينهم، وتطبيق التكافل بشكله الصحيح يؤدي إلى تقلص الجرائم من سرقة وقتل وغيرها من الجرائم التي تحدث بهدف الحصول على المال، فالتكافل الاجتماعي أصبح اليوم ضرورة شرعية للتغلب على كافة المشكلات التي يعاني منها المسلمون. مؤتمر للتضامن يشير الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، إلى أن الحج أيضا مؤتمر عالمي للتضامن الإسلامي، له منافع كثيرة تتعلق بالدنيا والآخرة، وهو وسيلة لإحياء روح التكافل الاجتماعي بين الشعوب، وتذكير بالوحدة، فالكل متجه إلى إله واحد ليس كمثله شيء، مصدق برسوله صلى الله عليه وسلم، في نسق واحد في مناسك الحج صفة وتنفيذا وأداء، ويعد وحدة في الزمان والمكان والشعائر، لا فرق بين لون أو لغة أو وطن أو بيئة، فهذا مدعاة للوحدة الشاملة، كما قال تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا»، وفي الحج يتم بحث مصالح المسلمين، وتوضع الحلول لقضاياهم ومشاكلهم، وإحياء روح التضامن والتكافل الاجتماعي. أمة واحدة أكد الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن مفهوم التضامن في العصر الحالي يعني أن كل فرد في الأمة يسعى لما فيه خيرها وخير أفرادها، ويحاول أن يدفع عنها الشر بكل ما يملك وبالتالي فإن التضامن يشمل معاني كثيرة مثل التكافل بين المسلمين والتعاون على ما فيه مصلحتهم والوقوف صفاً واحداً ضد كل ما يهدد وحدتهم من أخطار خارجية، ولكي نحقق معنى التضامن الإسلامي على أرض الواقع لابد أن تتضافر جهود كل دولة مع إخوتها تعاونا وتكافلا في وعاء الإسلام استجابة لما يطلبه هذا الدين من أبنائه من حب وإخاء وتعاون ونصرة حتى تكون أمة الإسلام أمة واحدة.فالإسلام دين التوحيد يتطلب الوحدة من أتباعه والتضامن فيما بينهم، لما فيه مصلحتهم في الدنيا والآخرة، وقد قرر الله سبحانه وتعالى أخوة المؤمنين التي تعني وحدة الهدف والمصير والتضامن المبني على صلة العقيدة التي ينبغي أن تكون أقوى من صلة الدم، وأن الله سبحانه وتعالى قد حذر المسلمين من الفرقة، وأمرهم بالأخذ بكل أسباب التضامن والوحدة والقوة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©