الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

علماء: المال قوام الحياة به تنتظم معايش الناس

3 مايو 2018 21:51
القاهرة (الاتحاد) شدد علماء الدين على أهمية نعمة المال في المفهوم الإسلامي، ووصفوها بأنها من أجل النعم الإلهية، حيث جعله الله تعالى قوام الحياة، وبه تنتظم معايش الناس، ويتبادلون على أساسه تجاراتهم ومنتجاتهم، ومن ثم يجب على الإنسان أن يضعه في مواضعه، وينفقه في الوجوه التي شرعها الله تعالى، فيأخذ منه ضروراته وحاجاته، ويوزع الفضل أو الزائد منه على من هم أحق به من الضعفاء والمساكين. قوام الحياة الداعية الإسلامي د. منصور مندور، من علماء وزارة الأوقاف المصرية، أوضح أن نظرة الإسلام إلى المال جاءت متناسبة مع طبيعة الإنسان، فقد فطر الله تعالى الإنسان على حب المال، فقال سبحانه وتعالى: «المال والبنون زينة الحياة الدنيا»، والإنسان يحب المال ويرغب في اقتنائه، قال تعالى: «وتحبون المال حباً جماً»، وذلك من خلال غريزة حب التملك والاقتناء، وتلك الغريزة هي التي تدفع الإنسان إلى اقتناء المال بالسعي إليه وتحصيله، وتنميته وادخاره، والقرآن الكريم يشير إلى أن في الإنسان الميل إلى هذه «الشهوات»، وهو جزء من تكوينه الأصيل، لا حاجة إلى إنكاره، قال تعالى: «زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ». [آل عمران : 14]»، والتعبير القرآني يدعو إلى معرفة طبيعتها وبواعثها، ووضعها في المكان اللائق بها لا تتعداه، حتى لا تطغى على ما هو أكرم في الحياة وأعلى، ويهدف التعبير القرآني إلى حفظ توازن الإنسان بين الجانب المادي والجانب الروحي، ثم يدعو إلى التطلع إلى آفاق أخرى بعد أخذ الضروري من تلك «الشهوات» في غير استغراق ولا إغراق، فهو ضروري للحياة البشرية كي تتأصل وتنمو وتطرد. وقال د. منصور: النظام المالي في الإسلام نظام واقعي إيجابي، يتوافق مع فطرة الإنسان وتكوينه، ويتوافق مع واقعه وضروراته، وملابسات حياته المتغيرة، والمال في حقيقة أمره ليس ملكاً خالصاً لمالكه، وإنما هو ملك لله، قال تعالى: «وآتوهم من مال الله الذي آتاكم»، فالمال مال الله والإنسان متصرف فيه، وعلى المتصرف أن يسير حسب رضا المالك الذي استودعه إياه، قال تعالى: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه»، غير أن الله تعالى جعل المال قوام الحياة، به تنتظم معايش الناس، ويتبادلون على أساسه تجاراتهم ومنتجاتهم. وأضاف د. منصور: لا يجوز ترك المال إلى سفيه يتلفه أو يفسده أو يضيعه دون وعي أو إدراك، قال تعالى: «ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً»، وتأتي هذه التوصيات القوية لتؤكد على أهمية المال في حياة الناس خاصة في حفظ حقوق الأيتام والنساء. الإنفاق وأوضح د. محمد عبدالحليم عمر، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن هناك ثلاثة أنواع من إنفاق المال، الأول يتمثل في الإنفاق الاستهلاكي لشراء السلع والخدمات اللازمة لإشباع الحاجات الإنسانية من الطعام والشراب وغيرها، والثاني يتمثل في الإنفاق التعاوني، وهو ما يصرف للمحتاجين والفقراء لإشباع احتياجاتهم، والثالث يتمثل في الإنفاق الاستثماري، وهو ما ينفق للحصول على الأصول لتحقيق العوائد.ولقد اهتم الإسلام بالإنفاق حثاً عليه وتنظيماً له وضبطاً، وهذا ما يظهر في أصوله من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فقد ورد مصطلح الإنفاق في القرآن ثلاث وسبعين مرة بالحث على الإنفاق والأمر به، خاصة الإنفاق التعاوني، مثل قوله تعالى: «وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين»، وبيان جزاء من ينفق في سبيل الله مثل قوله تعالى: «مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء»، والتحذير من عدم الإنفاق بالبخل مثل قوله تعالى: «ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم»، هذا مع مراعاة أن الإنفاق المأمور به يشمل كل أنواع الإنفاق ولا يقتصر على الصدقات، وفي ذلك يقول الرازي في تفسير قوله تعالى «الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون»، ويدخل في الإنفاق المذكور في الآية الإنفاق الواجب، والإنفاق المندوب، والإنفاق الواجب أقسام، أحدها الزكاة، وثانيها الإنفاق على النفس وعلى من تجب عليه نفقته، وثالثها الإنفاق في الجهاد. وأضاف عمر: الإنفاق التعاوني، وهو ما يدفعه القادرون للفقراء والمحتاجين ممثلاً بالدرجة الأولى في الزكاة والنفقات الواجبة للأهل، ثم الصدقات التطوعية ومنها الوقف، فقد أمر الإسلام بها وحث عليها تحقيقاً للتكافل الاجتماعي ووضع لها ضوابط، من أهمها أن يكون الإنفاق من كسب طيب، وأن يخرج المسلم الصدقة طيبة بها نفسه ابتغاء مرضاة الله. نعم إلهية كثيرة أما د. أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، فقال: النعم الإلهية كثيرة لا تقع تحت حصر«وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها»، وتجاه كل نعمة واجب، على المسلم أن يقوم به، وحق يجب عليه أن يؤديه، فإذا قام المسلم بما يجب تجاه نعم الله، فقام بالواجبات، وأدى الحقوق، وشكر الله المنعم الوهاب، كان أهلاً لزيادة النعم، ومن أجل النعم الإلهية نعمتان، تتعلق الأولى منهما بما هو قوام الحياة الدنيا، وتتحقق به ممارسة العمل والكسب والمعاش وهي نعمة المال، والثانية تتعلق بما هو قوام الدين، وعلى ضوئه يكون موقف العبد يوم لقاء الله، وهي نعمة الحكمة.وقال د. عمر هاشم: لقد بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهمية نعمتي المال والحكمة فقال: «لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها»، وكلمة «فسلطه» تدل على قهر شهوة النفس البشرية التي طبعت على الحرص الشديد، وأن المؤمن الذي يثق بما عند الله فهو من ينفق ماله على هذه الصورة، يضع الحديث الشريف ضابطاً مهماً من ضوابط إنفاق المال على هذه الصورة هو قوله: «في الحق» أي في الطاعات والوجوه المشروعة، ليزيل ما قد يلتبس على بعض الأفهام من الإسراف المذموم، والتبذير المنهي عنه في قوله تعالي: «ولا تبذر تبذيراً».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©