السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الإسلام... ويوم العمال العالمي

3 مايو 2018 21:50
الحمد لله، له أسلمت، وبه آمنت، وعليه توكلت، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: مرّت بنا هذه الأيام ذكرى يوم العمال العالمي، هذه الذكرى التي تأتي في الأول من شهر مايو من كل عام، تكريماً للعامل، وتخليداً لثورة العمال في أميركا عام 1887م، حيث كانوا مستعبدين، حقوقهم منقوصة ومهضومة، وظروف عملهم سيئة، وأجورهم زهيدة. من المعلوم أن الإسلام دين يُقَدِّر العمل ويدعو إليه، لأن العمل هو عَصَبُ الحياة وسبيل التقدم وطريق العزة والفلاح، لهذا فقد أمر الله عباده بالعمل وحثهم عليه، فقال سبحانه وتعالى: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } (سورة التوبة الآية 105). إن العمل في الإسلام شرف كبير، فالإسلام يرفع قدر العمال، وما أكثر الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة الدالة على ذلك، وكما يحفل الدين بالعمل، فإنه ينزل العاملين منزلة تقترب من منزلة الأنبياء والصديقين والشهداء، كما جاء في قوله – صلى الله عليه وسلم -: (التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ، مَعَ ?النَّبِيِِّينَ ?وَالصِّدِّيقِينَ ?وَالشُّهَداء) (أخرجه الترمذي)?، ?وقوله- ?صلى ?الله ?عليه ?وسلم ?- ?أيضاً: (?مَا ?مِن ?مُسلم ?يَغرِسُ ?غَرْسًا ?أو ?يَزرَعُ ?زَرْعًا، ?فيأكُلُ ?مِنه ?طَيرٌ ?أو ?إنسَانٌ ?أو ?بهيْمَةٌ، ?إلا ?كان ?لهُ ?بهِ ?صَدقَة) (?أخرجه الشيخان)?. مكانة العامل في الإسلام انظر أيها العامل الكريم إلى منزلتك الرفيعة عند الله سبحانه وتعالى كما جاء في الحديث عن صَفْوَانَ بنِ سُلَيْم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ ?كَالَّذِي ?يَصُومُ ?النَّهَارَ ?وَيَقُومُ ?اللَّيْلَ) (أخرجه البخاري)?. فالإسلام يعدّ العمل شرفًا، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في شابٍ خرج يبغي قوته أن له أجراً عظيماً، كما جاء في الحديث عَنْ كَعْبِ ?بْنِ ?عُجْرَةَ، ?قَالَ?: مَرَّ ?عَلَى ?النَّبِيِّ ?صَلَّى ?اللَّهُ ?عَلَيْهِ ?وَسَلَّمَ رَجُلٌ، ?فَرَأَى ?أَصْحَابُ ?رَسُولِ ?اللَّهِ ?صَلَّى ?اللَّهُ ?عَلَيْهِ ?وَسَلَّمَ ?مِنْ ?جَلَدِهِ ?وَنَشَاطِهِ?، ?فَقَالُوا: ?يَا ?رَسُولَ ?اللَّهِ ?: ?لَوْ ?كَانَ ?هَذَا ?فِي ?سَبِيلِ ?اللَّهِ?؟، ?فَقَالَ ?رَسُولُ ?اللَّهِ ?- ?صَلَّى ?اللَّهُ ?عَلَيْهِ ?وَسَلَّمَ-?) ?: ?إِنْ ?كَانَ ?خَرَجَ ?يَسْعَى ?عَلَى ?وَلَدِهِ ?صِغَارًا ?فَهُوَ ?فِي ?سَبِيلِ ?اللَّه، وَإِنْ ?كَانَ ?خَرَجَ يَسْعَى ?عَلَى ?أَبَوَيْنِ ?شَيْخَيْنِ ?كَبِيرَيْنِ فَهُوَ ?فِي ?سَبِيلِ ?اللَّهِ?، ?وَإِنْ ?كَانَ ?يَسْعَى ?عَلَى ?نَفْسِهِ ?يُعِفُّهَا ?فَهُوَ ?فِي ?سَبِيلِ ?اللَّهِ، ?وَإِنْ ?كَانَ خَرَجَ ?رِيَاءً ?وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ ?فِي ?سَبِيلِ ?الشَّيْطَانِ) (?أخرجه الطبراني)?. ولقد اقتدى الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين برسولهم الكريم صلى الله عليه وسلم، فلم يركنوا إلى الكسل أو يقعدوا عن طلب الرزق، بل كانوا جميعاً يعملون، فقد كان الصحابي الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه تاجر قماش، وكان الزبير بن العوام - رضي الله عنه- خياطاً، وكان عمرو بن العاص رضي الله عنه جزاراً، وكيف لا يعملون وفي دستور حياتهم القرآن الكريم أمرٌ صريح بضرورة العمل، كما جاء في قوله سبحانه وتعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}(سورة الملك الآية 15)، وقوله أيضا: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} (سورة الجمعة الآية 10). حقوق العمال وواجباتهم في الإسلام إن ديننا الإسلامي الحنيف قد أعطى كلّ ذي حقٍّ حقَّه، فقد كفل الإسلام حقوق العمال كاملة غير منقوصة، كما بيّن واجبات العمال تجاه عملهم، ليكون كاملاً لا نقصَ فيه، حيث جاءت النصوص القرآنية توضح ذلك، منها: قوله سبحانه وتعالى: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}(سورة التوبة، الآية 105). وقوله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ}(سورة المائدة، الآية 1). وقوله سبحانه وتعالى أيضاً: {إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا}(سورة الكهف، الآية 30). كما بيَّن رسولنا صلى الله عليه وسلم حقوق العمال، وحقوق أرباب العمل في أحاديث عديدة، منها: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قَالَ اللَّهُ:‏? ?ثَلاثَةٌ ?أَنَا ?خَصْمُهُمْ ?يَوْمَ ?الْقِيَامَةِ:? ?رَجُلٌ? ?أَعْطَى ?بِي ?ثُمَّ ?غَدَرَ، ?وَرَجُلٌ ?بَاعَ ?حُرًّا ?فَأَكَلَ ?ثَمَنَهُ? ?، ?وَرَجُلٌ ?اسْتَأْجَرَ ?أَجِيرًا ?فَاسْتَوْفَى ?مِنْهُ ?وَلَمْ ?يُعْطِهِ ?أَجْرَهُ?(يراخبلا هجرخأ) ?. وقوله صلى الله عليه وسلم: (أَعْطُوا ?الأَجِيرَ ?أَجْرَهُ ?قَبْلَ ?أَنْ ?يَجِفَّ ?عَرَقُهُ) (?ذكره السيوطي في الجامع الصغير 1/46)?. وقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ‏? ? عَمَلا? أَنْ يُتْقِنَهُ) (?ذكره السيوطي في الجامع الصغير 1/75)?. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بقلم الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©