الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشرق والغرب على شاشة واحدة

الشرق والغرب على شاشة واحدة
21 أكتوبر 2009 21:12
احتفلت العاصمة أبوظبي خلال شهر أكتوبر الجاري بفعاليات مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي الثالث الذي افتتحه معالي الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان رئيس هيئة أبوظبي للثقافة والتراث والذي استمر على مدى عشرة أيام اعتباراً من 8 حتى 17 أكتوبر الجاري قدم عروضه في قصر الإمارات وقاعات السينما في أبوظبي احتفاءً بالسينما المحلية والعربية والعالمية. كما استضاف المهرجان مخرجين وممثلين وصناع سينما من مختلف جهات العالم ضمن ورش فنية وموسيقية، مع حضور فاعل وموسع للصحافة ووسائل الإعلام المختلفة، إذ أثبت المهرجان أنه الأهم والأكثر فنية الذي يقدم أهم إنجازات السينما من خلال عرض 129 فيلماً من 49 بلداً من مختلف دول العالم توزعت على مجموعات منها الأفلام الروائية بواقع 72 فيلماً من 40 بلداً والأفلام القصيرة بواقع 57 فيلماً من 29 بلداً. وتنافس على المسابقة عدد من الأفلام الروائية التي عرضت في المهرجان وهي 9 أفلام روائية من الشرق الأوسط و11 فيلماً روائياً من أجل الفوز بجائزة المخرج كما تنافست 8 أفلام وثائقية من الشرق الأوسط. السينما التصويرية لم يكتف مهرجان الشرق الأوسط السينمائي بعروض الأفلام بل أقام عدداً من المحاور الأساسية منها محور أفلام البيئة التي لم يسبق أن تمحورت في حقل منفرد، كما عرضت حزمة من الأفلام التركية وشاركت العراق وإيران ولبنان ومصر وفلسطين بآخر إنتاج سينمائي لها. كما تناغم مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي في نسخته الثالثة مع فعالية “أفلام من الإمارات” التي تعنى بالسينما الإماراتية والخليجية، وأقيمت الورش السينمائية لكبار مؤلفي السينما التصويرية قدموا تجاربهم وطرائق عملهم في هذا المضمار. عرضت الأفلام وحكم إبداعاتها 16 حكماً من 11 دولة توزعوا على ثلاث لجان هي لجنة مسابقة الأفلام الروائية الطويلة وترأسها عباس كياروستامي وضمت الممثلة جوان تشين والمنتج سونيل دوشي والمخرج محمد خان والمخرجة الإماراتية نايلة الخاجة والمنتج مايكل فيتزجيرالد، ولجنة مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة والتي ترأسها المخرج جيمس دونجلي وبعضوية المخرج جونزالوا اريجيون والمنتج جوستين بارنز والمخرج والمنتج الفلسطيني رشيد المشهراوي والممثلة العربية هند صبري وأخيراً لجنة مسابقة الأفلام القصيرة التي ترأسها المخرج يسري نصر الله وبعضوية المخرجة ديبا ميهتا ومدير المهرجان جاري ميير والممثلة منة شلبي والمخرج شادي زين الدين. ذي سيركل وفي اليوم الثاني من انطلاقة مهرجان الشرق الأوسط السينمائي انطلق مؤتمر ذي سيركل الذي استضاف رواد صناعة السينما من جميع أنحاء العالم حيث أعلنت لجنة أبوظبي للأفلام عن أسماء الأعمال المرشحة الخمسة للفوز بجائزة منحة الشاشة وقد تم اختيار هذه الأعمال الخمسة من بين 80 مرشحاً وحصل الفائز الأول على جائزة قدرها 100 ألف دولار أميركي بالإضافة إلى حصوله على فرصة الفوز بعقد إنتاج أول أعماله مع شركة ايميجيشن أبوظبي وكان سيناريو الكاتبة هيفاء المنصور بعنوان “وجدة” هو الذي قطف الفوز بجائزة “منحة الشاشة” التي خصصت لإبراز المواهب الصاعدة في السينما وفي التليفزيون في جميع أنحاء الشرق الأوسط وذلك لتطوير السيناريو ودعم ومتابعة الفائز في إنتاج فيلمه. واختيرت السعودية هيفاء المنصور عن سيناريو يحكي قصة فتاة سعودية طموح وحالمة بالحرية تعيش ضمن مجتمع يحد من أحلامها. وتقرر أن تتابع لجنة أبوظبي للأفلام الفائزة في مشروعها وخطواتها المستقبلية في مختلف مراحل إنتاجه. وهيفاء المنصور هي ابنة الشاعر عبد الرحمن المنصور وسبق أن درست الأدب المقارن في القاهرة وبدأت طريقها بأفلام ثلاثة هي “من” و”الرحيل المر” و”أنا والآخر” وحاز الأخير جائزتين من الإمارات وهولندا ثم صنعت فيلمها الأخير “نساء بلا ظل”. عرس جميل كان الافتتاح عرساً جميلاً فانطلق المهرجان بفيلم عربي قص شريط الدورة الثالثة وهو الفيلم المصري “المسافر” من إخراج أحمد ماهر وتمثيل عمر الشريف وخالد النبوي وسيرين عبدالنور ومع انتهاء عرض اليوم الأول ابتدأت التقييمات واختلفت الآراء بين المادح والقادح لأفلام بدأت تتوالى، فكانت مصر بأفلامها الخمسة وهي “المسافر” و”بالألوان الطبيعية” و”هليوبوليس” و”كاريوكا” و”جيران”، قد تنافست على الجوائز في مسابقتي الروائية الطويلة والتسجيلية. من جانب آخر وتزامناً مع هذه الانطلاقة القوية ابتدأت فعالية أفلام من الإمارات بـ 14 فيلماً من أصل 142 فيلماً، تم ترشيحها للمسابقة وبدأت الأفلام التي عرضت باستقبال استثنائي هذا العام حيث غصت قاعات السينما بروادها ونفدت التذاكر قبل أيام من عروضها مما دلل على أهمية هذه الفعالية وبخاصة هذا العام وكانت مسابقة الأفلام القصيرة الإماراتية هي فيلم “عبور” من إخراج علي جمال وأحزان صغيرة لهاني الشيباني والجزيرة الحمراء في عيون السينمائيين الإماراتيين لأحمد الزين وأحمد عرشي و”مفتاح” لأحمد الزين وجفاف مؤقت لياسر سعيد النيادي ومساء الجنة لجمعة السهلي. أما مسابقة الأفلام القصيرة الخليجية فاشترك فيها فيلم “ثلاثة رجال وامرأة” لعبد المحسن الضبعان و”بياض” لخالد سالم الكلباني و”زهور تحترق” لأحمد إبراهيم محمد و”همسات الخطيئة” لعبد الرحمن الخليفي وفيلم “ياسين” لجمال الغيلان، كذلك مسابقة الأفلام الطويلة فاشترك فيها فيلم “حقنا في الفروسية” لجنان عبد الله محمد المهيري و”الغرفة الخامسة. عويجة” لماهر الخاجة و”الفندق” لهاني الشيباني. نجوم العالم بدأ النجوم يتوالون في ساعات الافتتاح الأولى فكان الممثل الأميركي دينيس هيزبرج والأميركية ديمي مور وهيلاري سوانك والتركي “نور” وجابر نغموش وهدى الخطيب وسلطان النيادي وأحمد العرشي من الإمارات والبحرينية هيفاء حسين والكويتية سعاد عبد الله وغانم الصالح، وجمال سليمان ورشيد عساف وعابد فهد وسلوم حداد ورنا أبيض وأمل عرفة والمخرج حاتم علي من سوريا ومن لبنان نادين نجم وفلسطين رشيد المشهراوي، ومن مصر مصطفى شعبان ومنة شلبي والمخرج يسري نصر الله ومحمد خالد وغادة عادل ومجدي الهواري. أسهمت تونس بفيلم “دواحة” وإيران بفيلم “عن إيلي” من إخراج أصغر فرهادي ونجح الفيلم الأسترالي “الرحلة الأخيرة” بالفوز أخيراً. وجاء “ابن بابل” الفيلم العراقي الروائي الطويل للمخرج الشاب محمد الدراجي ليعطي لمسة عن ظرف تاريخي معين من حقب العراق الدامية وليسجل جزءاً من تاريخ ما حدث من حرب أخيرة في العراق وكيف فقد الأبناء ومصائرهم وعذابات جدّة وحفيد في البحث عن الابن الذي هو الأب في الآن نفسه. كوميديا سوداء ومع فيلم “الرسول” الذي قدم حالة معكوسة تماماً وهو الفيلم الأميركي بامتياز من نتاج السينما المستقلة وجدنا شابين عسكريين في الجيش الأميركي كانت مهمتهما تبليغ أسر القتلى بخبر مصرع أبنائهم في العراق وكيف كانا يعانيان ذاتياً من هذا الأمر، بالرغم من الحزن القاتل والألم الفاضح شاب الفيلم بعض المواقف التي يمكن أن نعدها كوميديا سوداء. طالب الفيلمان النقيضان “ابن بابل” إخراج عراقي عن مآسي العراقيين و”الرسول” إخراج أميركي عن مآسي الأميركيين بالتسامح وبنبذ العنف وبالغفران والسلام، انهما أرادا أن يقولا أشياء كثيرة مؤلمة. وقدم إيليا سليمان فيلمه الكبير “الزمن الباقي” ليحكي في سيرة ذاتية قصة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ عام 1948 ولحد هذه اللحظة وما شاب ذلك الصراع من تعقيدات وتشابكات أراد ايليا سليمان أن يقدمها من وجهة نظر ذاتية صرفة. أما حاتم علي المخرج السوري فقد قدم فيلمه “الليل الطويل” الذي أوقع الجميع في حيرة التساؤلات المهمة عن هذه التجربة الخطيرة في الإخراج واختيار الموضوعة الجديدة ذات الطرح الجديد والمغاير للنسق السينمائي العربي الذي حاول كثيراً ولمدة طويلة الابتعاد عن السياسة بمختلف أشكالها. بطل المهرجان المهم في مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي الثالث أن البطل الحقيقي لمجمل فعاليات المهرجان هو الجمهور الكبير الذي أقبل على حضور الفعاليات وحجز التذاكر وتابع العروض وأماكنها حتى أننا وجدنا في كثير من الأحايين الطوابير الطويلة من الجمهور في انتظار الذي لا يحضر كي يدخلوا مكانه. لقد دلل كل ذلك على أهمية المهرجان عالمياً وعن أهمية اختيارات الأفلام التي بدت واعية وهادفة وجديدة بكل المقاييس انه مهرجان قل نظيره حيث كان الحضور الإبداعي واضحاً من حيث الأفلام والممثلين والمخرجين والصحفيين والنقاد والجمهور. عرض “هليوبليس” الفيلم المصري و”فالنتينو الامبراطور الأخير” و”المخبر” كما عرضت الأفلام القصيرة وتنافست بكل شفافية داخل المهرجان كما عرض فيلم “فندق في المدينة” و”الغرفة الخامسة” وهما فيلمان إماراتيان طويلان الأول لهاني الشيباني والثاني لماهر الخاجة في أول تجربة سينمائية طويلة له. أفلام البيئة ولم تغب أفلام البيئة حيث جاءت أفلامها تحفة في التصوير ودهشة في الإخراج وبخاصة “المحيطات” و”الهامسون في أذن الأرض” “أمنا الأرض” و”شاطئ الحرباوات” و”شركة الطعام المتحدة” و”هدية الباشا ماما” و”كوكب البلاستيك”. أما فيلم “الجولة الأخيرة” الأسترالي فهو بحق درس في التمثيل الذي توقعت “الاتحاد الثقافي” فوزه ففاز فعلاً في الجائزة الكبرى. حضرت شخصيات الرعب وهاري بوتر وحروب النجوم بوصفها أفلاماً شهيرة في الخيمة التي أقيمت في قصر الإمارات وذلك من خلال ورشة المكياج التي أعدها مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الثالث. وجاء فيلم دواحة التونسي ليكسر نمط الأفلام التقليدية العربية حيث برعت 3 نساء في تقديم نص تراجيدي جميل يحكي قصة القهر الطبقي، وقدمت السعودية وعمان والبحرين والكويت 5 أفلام تنافست في فعالية أفلام من الإمارات، وبجوار ذلك استضافت لجنة أبوظبي للأفلام خبراء في المكياج والأعضاء الاصطناعية العاملين في ورشة ويتا WETA وذلك في مسابقة أفلام من الإمارات لهذا العام، تعلم الحضور من طلبة جامعات في أبوظبي كيفية صناعة المكياج والأعضاء الصناعية. القطط الفارسية وجاء الفيلم الإيراني “لا أحد يعرف بأمر القطط الفارسية” ليتوج البراعة في الأداء والإخراج وطرح القضية الشبابية وطموحهم في تحقيق ذواتهم. كما قدم الفيلم المصري “أحكِي يا شهرزاد” ليستحوذ على اهتمام الجمهور في هذا الحضور المتدافع لمشاهدة آخر ما توصلت إليه السينما في مصر، في الوقت ذاته شهد فيلم “المخبر” للمخرج ستيفين سودربيرح إقبالاً جماهيرياً منقطع النظير حيث أغلق شباك التذاكر قبل يوم من عرضه وصار الجمهور في طابور انتظار متأملين أن يدخلوا ليشاهدوا هذا العمل الاستثنائي والمهم. وعرضت أفلام عن سلسلة روايات إجرامية للكاتب ديفيد بيس وهي ثلاثية “الغطاء الأحمر” التي بدت هائلة وقوية مما شكلت قوة للمهرجان وما قدم في هذا الحقل المهم من تاريخ السينما. ولبوليود مساهمتها في مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي في دورته الثالثة حيث قدمت السينما الهندية فيلم “أزرق” الذي يعرض في آن واحد بعشرين دولة وهو من إنتاج ديلين ميهتا ومن إخراج انتوني دوسوزا. أسطورة صينية وعرض الفيلم الصيني “المحارب والذئب” من إخراج تيان زوانج لونج الذي جسد أسطورة صينية بإبداع خلاق وبرؤية إخراجية مذهلة وكما كان الفيلم الروسي عشاق الصرعات من أحدث الأفلام التي جسدت طموح الشباب وآمالهم. إن الأسطورة والحداثة قد التقيتا في مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي. وعرض في اليوم الأخير للمهرجان وبعد أن وزعت الجوائز فيلم “الرجال الذين يحدقون بالماعز” لمخرجه غرانت هيسلوف وهو العرض الأول في منطقة الشرق الأوسط. أما الجوائز فقد وزعت في حفل الختام وأعلنت عن نهاية أيام عشرة تجلى فيها الخطاب السينمائي العالمي بمختلف توجهاته ومدارسه، وكان فيلم “عشاق الصرعات” للمخرج جاليري تودوروفسكي من روسيا قد فاز بجائزة أفضل فيلم روائي وبقيمة 100 ألف دولار وجائزة أفضل مخرج روائي جديد وقيمتها 50 ألف دولار ذهبت إلى خليندين ايفن عن فيلمه “الجولة الأخيرة” وجائزة أفضل روائي شرق أوسطي 100 ألف دولار لفيلم الزمن الباقي للمخرج الفلسطيني ايليا سليمان وجائزة أفضل مخرج روائي شرق أوسطي وقيمتها 50 ألف دولار لبيلين اسمر عن فيلمها “10 حتى 11” ثم تتابعت الجوائز في احتفالية كبرى اختتم بها هذا المهرجان المهم والاستثنائي في المنطقة والذي جسد انفتاح وثقافة أبوظبي على الحضارات في العالم والتمدن والرقي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©