الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حضور القدس في الثقافة العربية

حضور القدس في الثقافة العربية
21 أكتوبر 2009 21:08
ثقافة الأمكنة ليست جديدة في الثقافة العربية. فقد عرفتها في كتب فضائل الأقطار مثل “فضائل مصر” أو فضائل المدن مثل “فضائل القدس”. وتعتمد على الأحاديث النبوية وعلى آثار الصحابة والتابعين. وقد أسسها القدماء دون المحدثين. وعاش المحدثون على ما أسسه القدماء بالرغم من اختلاف الظروف وتبدل العصور واستعمار الأقطار واحتلال المدن. ولم تحمها فضائلها من غوائل الدهر ولا تقلبات الزمان. ورد لفظ “قدس” في القرآن عشر مرات خارج موضوع القدس الشريف. أربع مرات في وصف الروح الذي نزل على مريم بالروح القدس، “وَآتَيْنَا عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ”. ومرتين “القدوس” كاسم من أسماء الله، “هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ”. ومرتين في صيغة “المقدس” صفة للوادي، “إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى”. ومرة وصفا للأرض المقدسة فلسطين، “يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ”. ومرة فعل تقديس الملائكة لله، “وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ”. فالقدس مقدسة مثل الأرض، وحلقة اتصال بين السماء والأرض. فالله “رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ”، “وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ”. لاهوت الأرض لا يوجد فقط عند اليهود بل هو أيضا عند المسلمين بالربط بين السماء والأرض. فمن يستولي على الأرض يستولي على نصف الإله. الإيمان بالله ليس فارغا من أي مضمون بل مضمونه الأرض. كان الخطر عند القدماء ضد الوحدانية ضد الثنوية والشرك والتثليث وتعدد الآلهة فانبرى القدماء للدفاع عن الوحدانية وصياغة الأدلة على وحدانية الله كما فعل الأشعري في دليل التمانع لإثبات وجود إلهين في آن واحد. والآن الخطر موجه نحو الأرض بالاستيلاء عليها وضياع القدس وتهويدها ونية هدم المسجد الأقصى لإعادة بناء هيكل سليمان مكانه. وتزداد الحفريات من أسفله كل يوم حتى يتهدم من تلقاء نفسه. وقد ذكرت الأرض في القرآن الكريم أربعمائة وخمسة وستين مرة أي أنها موضوع رئيسي. ومهمة المتكلم الجديد هي إبراز صورة الأرض وصفاتها كما فعل المتكلم القديم مع الذات الإلهية نظراً لتغير مظان الخطر من التوحيد إلى الأرض، ومن العقيدة إلى الثروات. في الحديث الشريف وفي الحديث الشريف تبرز فضائل القدس. فهي ثالث الحرمين المسجد الحرام، ومسجد المدينة “لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى”. وأول مسجد وضع في الأرض المسجد الحرام وبعده المسجد الأقصى وما بينهما أربعون سنة. ولما بنى سليمان بيت المقدس سأل الله أن يعطيه اثنين ملكا وحكما. أما الثالثة فقد أعطيت للرسول أن من صلى فيه عاد خاليا من الذنوب كما ولدته أمه. وفي حديث ضعيف الصلاة في البيت بصلاة، وفي مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة، وفي المسجد بخمسمائة صلاة، وفي المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة، وفي المسجد الحرام بمائة ألف صلاة. ومن صلى في بيت المقدس خمس صلوات نافلة كل صلاة أربع ركعات يقرأ في الخمس صلوات عشرة آلاف مرة “قل هو الله أحد” فقد اشترى نفسه من الله تعالى ليس للنار عليه سلطان. ولا يسمع أهل السماء من كلام بني آدم شيئاً غير آذان مؤذن بيت المقدس. وإذا كان الحج قادرا على جمع أكثر من مليون مسلم على جبل عرفات وهو ليس في خطر، وإذا كانت الرحال تشد إلى المسجد الأقصى كما تشد إلى الحرمين بمكة والمدينة فلماذا لا يتوجه النداء إلى الحج هذه الأعوام إلى المسجد الأقصى، وأن يتوجه ملايين المسلمين إلى جبل المكبر في القدس في حركة سلمية شعبية لا تستطيع القوات الصهيونية أمامها شيئاً؟ إن المسجد الأقصى اليوم في خطر فإليه يتوجه ملايين المسلمين في الحج. ولا يكون الحج إلى القدس المرة السابعة بعد الحج إلى المسجد الحرام بل المرة الأولى حتى يمكن إنقاذه من بين أيدي اليهود. وما حول القدس أرض مباركة مقدسة إسلامية فهي أهم مدن فلسطين، وفلسطين قلب الشام. وهي مبعث الأنبياء ومهبط الملائكة. وقد صلى الرسول في المسجد الأقصى إماماً للأنبياء. والدجال لا يدخل بيت المقدس ولا المسجد الحرام. وبيت المقدس “أرض المحشر والمنشر” طبقا لحديث الرسول. وعقر دار الإسلام بالشام. وهي واد الإيمان إذا وقعت الفتن. وأهل الشام في رباط إلى يوم القيامة في المدن والثغور. فالرباط بالعراق وباليمن ولكن أفضل رباط بالشام. وإذا فسد أهل الشام فلا خير في الأمة. ولا تزال طائفة من الأمة منصورين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم. وأهل الشام سوط الله في أرضه ينتقم بهم ممن يشاء ولا يظهر منافقيهم على مؤامنيهم. ويموتون هما وغما. والقتال بين المسلمين واليهود إلى يوم الدين. والبقاء ببيت المقدس. والقتال في بيت المقدس وفي أكنافه تنتصر فيه الأمة وتظهر على عدوه. ونصب الرايات بإيلياء قبل خراسان. فالمقاومة في غزة والضفة الغربية وفي الجولان وفي لبنان هي جزء من المقاومة في الشام. والشام على حدود مصر. وهي المدخل الشرقي لها منذ القدم، منذ الهكسوس حتى الغزو الصهيوني الحديث. فأي مساس بالمقاومة في الشام هو عصيان للرسول. وأي صلح لمصر مع العدو الصهيوني هو تخل عن المقاومة في الشام. في الكتب القديمة وإذا أخذت بعض الكنايات من العلوم الإسلامية النقلية العقلية نموذجاً يبرز كتاب الغزالي “معارج القدس في مدارج معرفة النفس” فمعارج القدس مصدر المعارف الحقيقية وأسرارها بمثول النفس بين يدي الملكوت. والحقيقة أن ما وصل إليه الكتاب معلومات فلسفية عادية لا تحتاج إلى إلهام رباني، أن النفس جوهر، حامل لقوى الإدراك، والتمييز بينها وبين العقل وأنواع العقول، الهيدلاني والمستفاد وبالفعل والنفس أيضا حامل للفضائل وحارس لها من أهواء البدن. وهي خالدة لا تفنى بفناء البدن على اتصال بالعقل الفعال المفارق. وتنال السعادة أو الشقاوة بعد المفارقة. وفيها تحل النبوة وتأتي الرسالة وبها تعرف الذات الإلهية وأفعال الله. وفي آخر الكتاب ينشد قصيدتين، الهائية والثائية للتعبير عن نفس المعاني. وفرق بين العنوان “معارج القدس” وبين مضمون الكتاب الخالي من دلالة القدس. ربما لم تكن هناك حاجة لتسييس الثقافة الإسلامية بالنسبة للقدس الذي لم يكن في خطر بالرغم من أن الصليبيين كانوا على الأبواب. وفي “كتاب الإسراء إلى مقام الأسرى” حول ابن عربي المعارف الخارجية إلى معارف داخلية والسموات السبع إلى أعماق في النفس. فالسفر سفر القلب والخروج من بلاد الأندلس إلى بيت المقدس. وأول باب هو باب عين اليقين، باب صفة الروح الكلي، باب الحقيقة، باب العقل والأهبة للإسراء إلى باب النفس المطمئنة وهو البحر المسجور. ثم وصل إلى أول سماء وهي سماء الوزارة ثم سماء الكتابة، عيسى، ثم سماء الشهادة، يوسف، ثم سماء الإمارة، إدريس، ثم سماء الشرطة، هارون، ثم سماء القضاء، موسى، ثم سماء الغاية، إبراهيم وصولا إلى حضرة الكرسي ثم إلى الرفارف العلى. ثم تبدأ مناجاة “قاب قوسين” ثم مناجاة “أو أدنى”. وتظهر آيات مناجاة الإمام أبي حامد ومناجاة الروح الأعلى، ومناجاة الرياح وصلصلة الجرس وريش الجناح. ثم تظهر حضرة أوحى. ثم تنكشف الأخبار ببعض ما حد على الستار بداية بمناجاة الأذن ثم مناجاة التشريف والتنزيه والتعريف والتنبيه ثم مناجاة التقديس ثم مناجاة المنة ثم مناجاة التعليم ثم مناجاة أسرار مبادئ السور ثم مناجاة جوامع الكلم، مناجاة السمسمة، ثم مناجاة الدرة البيضاء، وآخرها مناجاة إشارات أنفاس النور وهي تمحيض متفرقات الأسرار. ثم تبدأ إشارات الأنبياء، الإشارات الآدمية ثم الموسوية ثم العيسوية ثم الإبراهيمية ثم اليوسفية ثم المحمدية. وواضح أن المهم هو المعراج أي الصعود القلبي إلى السماء وليس الإسراء أي الانتقال من الأرض إلى الأرض، من مكة إلى القدس. والهدف النهائي هو الصعود وليس النزول. فالتصوف فقد الأمل في الأرض فاتجه إلى السماء. لذلك يحتاج إلى إعادة بناء وإرجاعه من السماء إلى الأرض، ومن الفناء إلى البقاء. وقد فرضت الصلاة ليلة الإسراء والمعراج ويعتبره علم أصول الفقه درسا في الواقعية الإسلامية كيف كانت خمسين صلاة ثم بعد تجربة موسى مع قومه أصبحت خمس صلوات. مدينة علم وثقافة وقد كانت القدس مدينة علم وثقافة. نشأت فيها المدارس الفقهية والصوفية. وكان شرف العالم أن ينتسب إلى القدس ويسمى “المقدسي”. يتم تعيينه بمرسوم سلطاني. ويحصل الطلاب منها على الإجازات للإفتاء والتدريس والرواية. ومن أشهر المميزين جمال الدين بن جماعة، وشمس الدين الجزري، وابن حجر العسقلاني. وقد قارب عدد المدارس في العصرين الأيوبي والمملوكي من السبعين مدرسة، ولها أوقاف عدة للصرف عليها وأهمها: -1 المدرسة الدوادارية: أنشأها الأمير علم الدين سنجر بن عبد الله بن عبدالباري الدوادار عام 695هـ في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب. وتقع في باب “شرف الأنبياء” شمال الحرم. مهمتها تبليغ رسائل السلطان وتقديم البريد. اعتمدت المذهب الشافعي. ومن أشهر مدرسيها شريف الدين الحوراني، القاضي برهان الدين بن جماعة. ولا تزال قائمة إلى اليوم وتشغلها المدرسة البكرية الابتدائية للبنين. -2 المدرسة السلامية: أوقفها الخواجة مجد الدين أبو الفداء إسماعيل السلامى. وموقعها أيضا في باب شرف الأنبياء تجاه المدرسة المعظمية بجوار الدوادارية من الشمال. ومن أبرز شيوخها: ابن خليفة المغربي وابنه محمد المغربي الفقيه المالكي وكمال الدين المغربي. واستمرت المدرسة في أداء دورها حتى نهاية العصر المملوكي. وهي الآن مسكن لجماعة من آل جار الله. -3 المدرسة الجاولية: أوقفها الأمير علم الدين بن عبد الله الجاولي في أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون. تقع في الجهة الشمالية من الحرم. تخصصت في الفقه الشافعي والحديث. وفي العهد العثماني صارت دارا للحكومة وفي العهد البريطاني صارت دارا للشرطة. وهي الآن المدرسة العمرية للبنين. -4 المدرسة الباسطية: أوقفها القاضي عبد الباسط الدمشقي. تقع شمال الحرم بجانب شرف الأنبياء وتطل على المدرسة الدوادارية. ومن أشهر علمائها شمس الدين المصري الشافعي، شرف الدين العطاء، تقي الدين القلقشندي المقدسي الذي برع في العلوم الشرعية وعلوم اللغة والحساب. ومنح إجازات عدة إلى مجير الدين الحنبلي. -5 المدرسة العثمانية: أوقفتها أصفهان شاه خاتون بنت محمود العثمانية. تقع في باب المتوضأ غربا من ساحة الحرم تجاه سبيل قايتباي. أول علمائها الوافدين سراج الدين الرومي. وتنوعت علومها بين العلوم الشرعية كالحديث والتفسير والفقه، وعلوم اللغة كالنحو والصرف والبيان، والعلوم العقلية كالمنطق. 6- المدرسة الأشرفية: تنسب إلى السلطان أبي النصر قايتباي. تقع غرب الحرم بالقرب من باب السلسلة. كانت تشمل مجمعا وخلوة وكانت لها أوقاف من غزة. وكانت بها خزانة كتب. وتعددت وظائفها بالإضافة إلى الأساتذة والطلاب. وكل منهم مرتب. أهم علمائها شهاب الدين العمري وكمال الدين بن أبي شريف. -7 المدرسة الصلاحية: أسسها صلاح الدين الأيوبي عام 583 بعد تحريرها محل الكنيسة المعروفة صندحنة وربما هي تحريف للقديسة حنة. تقع في باب الأسباط. تبنت المذهب الشافعى. وكان شيخها أعلم علماء المذهب في عصره. حولها الفرنسيون إلى مدرسة القديسة حنه ثم استعادها جمال باشا في الحرب العالمية الأولى وحولها إلى كلية دينية عملية باسم صلاح الدين الأيوبي. كانت تدرس تجويد القرآن والفقه والعبادات واللغات الشرقية والغربية، والمنطق والرياضيات. يلعب طلابها الرياضة البدنية، ويأخذون دروساً علمية فى الهواء الطلق، ويتنزهون نهاية الأسبوع. وكان تحت شيخها يعمل أربعة قضاة للمذاهب الأربعة. وأشهر علمائها بهاء الدين بن شداد الموصلي، مجد الدين بن جهبل الحلبي الشافعي، فخر الدين بن عساكر الدمشقى، برهان الدين بن جماعة، علاء الدين الحدادي، عز الدين بن عبد السلام المقدسي، ومن طلابها تقي الدين القلقشندي، شمس الدين الصفدي، علاء الدين الخليلي، برهان الدين الحسيني، شمس الدين البغدادي وغيرهم. 8- المدرسة النحوية: أنشأها الملك المعظم عيسى بن الملك العادل سنة 604هـ. اهتمت بالنحو العربي. وكانت تدرس كتب سيبويه و”الإيضاح” لأبي على الفارسي و”إصلاح المنطق” لابن السكيت، و”ملحمة الإعراب” للحريري. كما كانت تدرس الأدب والبلاغة والعروض وتقع في غرب صحن الصخرة المشرفية. يتعلم فيها قلة من الطلاب. ومن علمائها تقي الدين بن الرصاص الأنصاري المقدسي وابنه علاء الدين. واستمرت حتى القرن التاسع الهجري. 9- الخانقاه الصلاحية. كانت الخوانق تقوم بما تقوم به المدارس. وأخذها العلماء والطلاب مكانا للمطالعة والتعليم والكتابة والتصنيف. وأنشأ منها الكثير أيام المماليك منها الخانقاه الصلاحية التي أنشأها صلاح الدين الأيوبي بعد تحرير القدس وأوقفها على المتصوف عام 585هـ. وتقع قرب كنيسة القيامة. يعين رئيسها بمرسوم سلطاني ومن أبرز علمائها الشيخ غانم بن علي المقدسي. ومن صوفيتها تاج الدين عبد الوهاب المعروف بابن شيخ السوق. 10- الزاوية الختنية. أنشأها أيضا صلاح الدين الأيوبي. وأوقفها علي الشيخ جلال الدين بن أحمد الشاشي. وتقع بجوار المسجد الأقصى خلف المنبر. لعبت دورا بارزا في الحركة الفكرية في القدس. تولى مشيختها شهاب الدين بن أرسلان، وبرهان الدين الأنصاري، والشيخ شمس الدين القباقبي. 11- زاوية بدر الدين. تنسب إلى بدر الدين بن محمد الذي ينتهي نسبه إلى علي بن أبي طالب. تقع في وادى النسور بظاهر القدس من الناحية الغربية. وتوفي بدر الدين عام 650 ودفن بزاويته. ثم خلفه ابنه محمد ثم عبد الحافظ بن محمد ثم داود بن عبد الحافظ الذى كان من أصحاب الكرامات. ثم خلفه ابنه السيد أحمد الملقب بالكبريت الأحمر لندرة وجود مثله في زمانه. المكتبات العامة والخاصة وبالإضافة إلى المدارس والخانقاه والزوايا هناك المكتبات العامة والخاصة المملوءة بالمخطوطات مثل المكتبة البديرية للشيخ محمد بن بدير المتوفى في 1220، ابتداء من القرن الحادي عشر الهجرى لعائلات مقدسية وظهر منها علماء وشيوخ. وتقع في الطابق الأرضي من الزاوية الوفائية عند باب الناظر بالبلدة القديمة ومقابلة للمدرسة المبخكية (دائرة الأوقاف الإسلامية). وتزيد مخطوطاتها على ألف ومائتي مخطوط. وقام مركز الوثائق والمخطوطات في الجامعة الأردنية بتصوير معظم مخطوطاتها. ثم وضع فهرسا لها عام 1987 وتبويب موضوعاتها في علوم القرآن وتفسيره والحديث ومصطلحاته وأصول الدين والتصوف والآداب الشرعية وأصول الفقه والمدائح النبوية والصلوات المحمدية، واللغة العربية، والأدب العربي، والتاريخ والمنطق والميقات، والحساب والطب. وأضيفت إليها أبواب في التاريخ واللغة والسياسية والكتب التركية حول أنظمة الدول العثمانية وقوانينها. وبها مجموعات من الجرائد والمجلات غير مفهرسة باللغتين العربية والتركية ومنها كان ينشر في فلسطين مثل جريدة “فلسطين” عام 1921 في يافا، وجريدة “الحقيقة” سنة 1923 وتطبع في بيروت، وجريدة “البلاغ” عام 1914 ومصدرها بيروت، و”اللفائف المصورة” ابتداء من 1916 وكانت تصدر في القاهرة، و”النصير” التي كانت تصدر في بيروت وجريدة “صباح” باللغة التركية من الباب العالي. والدراسات الحديثة عن القدس دراسات تاريخية تبين نشأتها الكنعانية وتوالى حكم الفرس واليونان والرومان عليها حتى أتى العرب المسلمون وتسليم أسقفها صفرونيوس مفاتيحها إليه وتغيير اسمها من إيلياء إلى القدس وتدوين “العهدة العمرية” التي تنص على حماية النصارى، كنائسهم وصلبانهم، وصلاة عمر خارج كنيسة القيامة حتى لا يقلده المسلمون إن صلى داخلها. وذلك إثباتاً أن الحضور العربي في القدس كان دائما، والحضور اليهودي كان طارئا. فسكانها الأصليون هم اليبوسيون أحد البطون الكنعانية العربية في الألفية الثالثة قبل الميلاد. لذلك سميت يبوس. ثم تلاه العصر الفرعوني في الألفية الثانية قبل الميلاد. ثم أتى العصر اليهودي الذي استغرق حوالي ثلاثة وسبعين عاما إبان حكم داود في القرن العاشر ثم سليمان في القرن التاسع. ثم انقسمت الدولة وأصبحت تسمى أورسليم وهو اسم مشتق من الاسم العربي الكنعاني شاليم أو ساليم وهو حاكم عربي يبوسي كان صديقا لإبراهيم. ثم جاء العصر البابلي في القرن السادس قبل الميلاد ثم العصر الفارسي في القرنين الخامس والرابع ثم العصر اليوناني في القرنين الثالث والثاني ثم العصر الروماني من القرن الأول قبل الميلاد حتى السابع الميلادي وبناء كنيسة القيامة ثم عودة الفرس فترة قصيرة في القرن السابع الميلادي حتى فتحها العرب عام 636م. ثم وقع فيها الإسراء والمعراج عام 621م/10هـ. ثم اتسعت في عهد الأمويين ثم العباسيين. ثم سقطت في أيدي الصليبيين. واستشهد حوالى سبعين ألفا من المسلمين. ثم حررها صلاح الدين الأيوبي عام 1187م بعد معركة حطين. ثم استردها الصليبيون حتى حررها الملك الصالح نجم الدين أيوب عام 1244م. ثم غزاها المغول وحررها المماليك بقيادة سيف الدين قطز والظاهر بيبرس في معركة عين جالوت عام 1259. ثم دخلها العثمانيون بقيادة سليم الأول بعد معركة مرج دابق. ثم أصبحت ولاية مصرية في عهد محمد علي حتى عادت إلى الحكم العثماني مرة أخرى حتى الحرب العالمية الأولى تحت الانتداب البريطاني والقدس عاصمة لها. ثم احتلتها العصابات الصهيونية في 1948 ثم استولت على القدس الشرقية في 1967. وليست القضية من الذي استولى عليها بالقوة ولكن القضية من الذي يعيشها بقلبه ووجدانه. فهي لا تمثل شيئا للفرس إلا موطنا للصراع مع الروم. القضية هي بين المسلمين واليهود ومن الذي يكفل لها حرية الأديان لجميع الطوائف وعيش الجميع في أمن وسلام. والدراسات الجغرافية الحديثة عن القدس تبين نشأتها وتوسعاتها وحوائطها وقصورها ومساجدها وكنائسها ومعابدها وقراها حولها وتهويدها وأوضاع سكانها منذ 1948 حتى 1967. أما الدراسات الثقافية فترتكز حول أهمية القدس في وعي المسلمين. فهي أولى القبلتين وثالث الحرمين، ومكان الإسراء والمعراج، وإليها يكون الحج بعد المسجد الحرام، وأنها وقف من أوقاف المسلمين لا يجوز التنازل عنها أو التصرف فيها بالبيع أو الاستبدال. وهي أرض فتحت صلحا تطبق عليها شريعة الأمان. وبعض الدراسات السياسية الحديثة المؤلفة والمترجمة تركز على الاستيلاء على القدس في العصر الحديث منذ الحرب العالمية الأولى والانتداب البريطاني حتى الحرب العالمية الثانية وقرار التقسيم وإنشاء دولة إسرائيل حتى تهويد القدس حاليا وتوسيع مراكز الاستيطان فيها واعتبارها عاصمة موحدة لإسرائيل. ومع ذلك ازدهرت القدس في الشعر، وفي الفن، في الأغاني مثل “زهرة المدائن” وفي الجداريات واللوحات وفي السيرة الذاتية. وصدرت عدة مواثيق حديثة للدفاع عن القدس. تنص على أولى القبلتين وسرى الرسول وبها ثالث الحرمين وقبة الصخرة وكنيسة القيامة وهي مدينة عربية تاريخية لا يمكن مسح هويتها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©