الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«يوم الجدال».. كل نفس تخاصم وتطلب الغلبة

9 يونيو 2017 20:33
محمد أحمد (القاهرة) الجدال هو المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة، فالجدَل مُقابَلة الحُجَّة بالحجَّة، والمُجَادَلَة المُناظَرةُ والمخاصَمة وطَلبُ الغلَبة. وورود اللفظ في القرآن الكريم يدل على يوم القيامة في قوله تعالى: (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)، «سورة النحل: الآية 111»، قال ابن عباس في تفسير هذه الآية: ما تزال الخصومة بين الناس يوم القيامة، حتى تخاصم الروح الجسد، فتقول الروح: يا رب، لم يكن لي يد أبطش بها، ولا رجل أمشي بها، ولا عين أبصر بها. وجاء في تفسير القرطبي، يقول تعالى إن ربك من بعدها لغفور رحيم، يوم تأتي كل نفس تخاصم عن نفسها، وتحتج عنها بما أسلفت في الدنيا من خير أو شر أو إيمان أو كفر، (... وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ...)، في الدنيا من طاعة ومعصية (... وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)، وهم لا يفعل بهم إلا ما يستحقونه ويستوجبونه بما قدموه من خير أو شر، فلا يجزى المحسن إلا بالإحسان ولا المسيء إلا بالذي أسلف من الإساءة. وروي أن عمر بن الخطاب قال لكعب الأحبار: خوفنا، قال: يا أمير المؤمنين، والذي نفسي بيده، لو وافيت يوم القيامة بمثل عمل سبعين نبياً لأتت عليك ساعات وأنت لا تهمك إلا نفسك، وإن لجهنم زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل منتخب، إلا وقع جاثياً على ركبتيه، حتى إبراهيم خليل الرحمن، يقول: يا رب لا أسألك إلا نفسي، وإن تصديق ذلك: الذي أنزل الله عليكم (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا...). وقال الإمام الشعراوي في تفسيره، وهل للإنسان أكثر من نفس، فتجادل إحداهما عن الأخرى؟ والحقيقة أن للإنسان نفساً واحدة في الدنيا والآخرة، ولكنها تختلف في الدنيا عنها يوم القيامة، لأن الحق سبحانه منحها في الدنيا الاختيار، فكان من النفوس الطائعة، والعاصية، والمنصاعة، والمكابرة. فإذا وقفت النفس في موقف القيامة، وواجهت الحق الذي كانت تخالفه علمت أن الموقف لا تفيد فيه مكابرة، ولا حيلة لها إلا أن تجادل وتدافع عن نفسها، في موقف ينادي فيه الحق تبارك وتعالى: (... لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)، «سورة غافر: الآية 16»، وقد حكى القرآن الكريم نماذج من جدال النفس يوم القيامة، فقال تعالى: (... وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى...)، «سورة الزمر: الآية 3»، وقوله تعالى: (... رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا...)، «سورة فصلت: الآية 29». إذن هي نفس واحدة، تجادل عن نفسها في يوم لا تجزي فيه نفس عن نفس، فكلٌّ مشغول بكَرْبه، مُحاسَب بذنبه، والحق سبحانه يعطينا لقطة سريعة للحساب والجزاء يوم القيامة، فالميزان ميزان عَدْل وقسطاس مستقيم لا يظلم أحداً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©