الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صائين زاهور يرسم فردوساً غنائياً

صائين زاهور يرسم فردوساً غنائياً
10 ابريل 2011 17:51
ما أن استقرت الشمس في منتهى أفق سماء كورنيش أبوظبي وامتزجت ألوان شفقها بألوان البحر المتلألئة وبدأت تغيب وتغرب عن أنظار رواد الشاطئ حتى بدأ الفنان الباكستاني صائين زاهور يشدو ويغني ترانيم صوفية ناعمة نعومة الشفق وهو يتلاشى في كبد السماء. بقرطقه (زي باكستاني) التقليدي المذهب ذي الألوان البراقة والتصاميم الشعبية القديمة وعمامته السوداء، يعزف زاهور على عوده الصغير “تومبي” المربوط بوشاح قماشي مزركش كأنه وجه تنورة “فلامينجو” مطرزة على الطريقة الباكستانية، ويدور حول نفسه بطريقة تشبه رقصة الدراويش في خشوعها كلما أكمل لازمته “اللاهووو، اللاهووو، اللاهووو ... (الله مع مد الهاء). وتحلق حول منصة المسرح الشمالي التي ملأها طرباً المئات من الحاضرين غالبيتهم من الباكستانيين والهنود والأوربيين. موسيقى رقيقة حانية، وأناشيد ناعمة حالمة، تبوح حزناً وحنيناً وشوقاً وآهات، وتذوب معها روح السامع عشقاً كلما طرقت أذنيه لازمة “اللاهووو”. تغنى بحب الله وحب رسوله، ودعا إلى حب عباد الله ونشر حب الله في أرضه، وتعلق القلب بالسماء والجنان. رسمت ترانيمه على شاطئ أبوظبي فردوساً صوفياً شفافاً في غاية الألق والسمو. جاد زاهور بسخائه الصوفي على الجماهير وتحلى بالإيثار في كل ما أنشده، صفق جمهوره بوداعة حارة، لكنهم فضلوا الأثرة وطالبوه بالمزيد. وعزف أعضاء فرقته الخمسة بأعينهم الحالمة، وكان عازف الناي أجودهم وأكثرهم إطراباً. اندمج الجميع في هذا الجو الصوفي الوديع وأطرق الجميع السمع وذاب مع عذب الألحان، كان الجمهور من مختلف الفئات الاجتماعية، فترى السياح الآسيويين والأوربيين، وترى أيضاً عمال الجالية الباكستانية في الدولة بأعينهم المكدودة من التعب ووجع فراق الأهل، يغلقون جفونهم ويميلون رؤوسهم وكأنهم في زاوية صوفية بوتشيشية أو تيجانية، وكأنهم وجدوا عزاء الشوق إلى الوطن في هكذا ترانيم روحية تطير بهم عالياً وتعبُر المسافات والسماوات وتعود بهم إلى الوطن. كانت أعينهم وحركات رؤوسهم وأيديهم تقول ألف شيء وشيء، تبوح بالكثير وتفصح عن ما لا حصر له من المعاني والدلالات. التحق البعض بالعرض مباشرةً بعد قضائه يوماً من السباحة في مياه شاطئ أبوظبي الدافئة والتشمس على رماله، فوجد موسيقى أكثر حرارةً أدفأت شغاف روحه ونفضت منها عوالق النفس وأدران الدنيا ومشاغل الحياة “ دوماً في سيارتي” التقت “الاتحاد” بعضا من حضروا، منهم قال أمين محمود، باكستاني مقيم هو وأسرته في الإمارات، “أعشق صائين زاهور وأشرطته الموسيقية لا تفارقني، هي دوماً في سيارتي، وكثيراً ما أستمع إليها، وخصوصاً في طريق عودتي من العمل، فمجرد سماعها ينسيك كل تعبك بالنهار”. وأضاف “لا شك أن الفضل في ذلك يرجع إلى المعاني السامية التي يتغنى بها، فهو يتغنى بحب الله ويدعو إلى نشر معاني الحب في الأرض ومسامحة البعض، كما أن موسيقاه تجد صداها وتأثيرها لدى كل من يسمعها، بغض النظر عن فهمه لمحتواها من عدمه، وأعتقد أن هذا ما جعله فناناً عالمياً، انتقل من شوارع باكستان الشعبية إلى العالمية، فأصبحت موسيقاه تعبر كل العوالم والقارات”. أما زوجته فقالت “أحب موسيقى زاهور وغالبية الباكستانيين يعشقونها ويحبون زاهور، فهو أكثر الفنانين شعبيةً في باكستان. حرصت على حضور عرضه رغم كثرة مشاغلنا، واستمتعت أنا وزوجي وأولادي كثيراً بهذا العرض الصوفي الذي يُنعش الروح ويؤثر على السامع بشكل عجيب ويمارس عليه ما يشبه التنويم المغناطيسي”. سيرة صائين زاهور الفنية صائين زاهور هو أحد رواد الموسيقى الصوفية في باكستان وأكثرهم شعبيةً. نشأ في مقاطعة البنجاب وتربى في أسرة بدوية. بدأ الغناء في سن الخامسة وترك أسرته وعمره لا يتجاوز 13 سنةً، وقضى بعدها معظم فترات من حياته في الغناء بالأضرحة الصوفية والمزارات. هو فنان صوفي أمي لا يعرف القراءة ولا الكتابة، لكن لديه ذاكرة قوية جعلته يحفظ الكثير من الأغاني وينشد الكثير من قصائد الشعراء الصوفيين أبرزهم جلال الدين الرومي. يعتبره الباكستانيون حامي موسيقى الشوارع والأحياء الشعبية. حاز سنة 2006 على جائزة شبكة الـBBC كأحسن صوت غنائي موسيقي في العام. يوصف صوته بالسحري والفتان. وشارك في العديد من المهرجانات العالمية وجاب الكثير من البلدان منها اليابان وبريطانيا والهند وإيرلندا. كما ساعد في إنتاج الموسيقى التصويرية لبعض الأفلام الباكستانية كان آخرها فيلم “من أجل الله” الذي عُرض سنة 2007.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©