الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

إنها مباراة للحياة فقط

21 أكتوبر 2009 00:49
أقدر ما عليه الإخوة بمصر وبالجزائر من ضغط نفسي ليس مستبعدا أن يصل ذروته عندما يحين موعد النزال التاريخي باستاد القاهرة يوم 14 نوفمبر، فالوصول إلى نهائيات كأس العالم بجنوب أفريقيا يمثل مشروعا قوميا يتداخل فيه ما هو رياضي بما هو سياسي وثقافي، وبما هو اقتصادي أيضا، فإن كان التأهل إلى الحدث الرياضي الأكثر كونية يمثل لاتحاد الكرة انتصارا لاستراتيجية عمل ولمقاربة حداثية في تدبير شأن المنتخب القومي، ويمثل أكثر من ذلك فرصة للصعود درجات على سلم العالمية، فإنه يمثل للشعب لحظة مصالحة مع الذات، لحظة مباهاة وتفاخر ولحظات حلم، وقد بات للحلم القومي تعريف جديد في زمن العولمة. يعتبر الإخوة بمصر ولهم مطلق الحق في ذلك أن «فراعنة النيل» أحق من غيرهم في الوصول إلى كأس العالم وقد غابوا عنها منذ عشرين عاما، فهم من يتسيد اليوم الكرة الأفريقية بقوة اللقبين اللذين تحققا في آخر نسختين لكأس أمم أفريقيا، وهم من يمثل باللجوء إلى سجلات البطولات الأفريقية القوة الكروية الأكثر حضورا في منصات التتويج. ثم هناك جيل كروي رائع سيكون من العدل وقد أنجز أفريقيا كل ما هو ملحمي وأنطولوجي، أن يحضر كأس العالم ويجرب حظه في المشي في هذا الكوكب المضيء، عله يأتي بما أتى به قبله منتخب المغرب عندما كان أول من أوصل العرب وأفريقيا إلى ثاني أدوار نهائيات كأس العالم بالمكسيك سنة 1986. ويرى الإخوة بالجزائر، ولا أخالهم يغالون في ذلك، أن الجيل الذي يشكل اليوم منتخب «ثعالب الصحراء» أحق لجدارته وألمعيته بالوصول إلى كأس العالم، فقد تأسس في زمن قياسي على قواعد كروية متينة، وكلنا يذكر أن هذا المنتخب انبعث من رماد حرائق الإخفاقات، وجاء بنتائج مدوية، فما كان أحد بيننا يتوقع أن ينحت «ثعالب الصحراء» في صخر، فيرسمون هذا المشوار الرائع، الذي يضعهم اليوم على بعد خطوة من كأس العالم التي حضروها وكلنا يذكر ذلك في مناسبتين، سنة 1982 بإسبانيا وكان للأمانة وللتاريخ الفوز الأنطولوجي على الماكينة الألمانية، وسنة 1986 بالمكسيك، وأستطيع أن أذكر ذاك المنتخب بكامل تفاصيله الإبداعية، فقد كان مؤسسا على جيل رائع يقوده رابح ماجر، بلومي، وآخرون. وإذا ما قدرت وقدر غيري من الذين يقوم تحليلهم على المنطق وعلى المقاربات الموضوعية أن لكل الحق في الحلم بمقعد بين كبار العالم بجنوب أفريقيا، فإنني في ذات الوقت موقن كل اليقين كعربي أولا وأفريقي ثانيا أنه بتأهل الجزائر أو مصر سيكون لنا بكأس العالم منتخب كبير، نستطيع أن نحلم به ومعه، بل ونستطيع أن نودعه أمانة الدفاع عن هذا الحلم، فالمتأهل سيكون هو المنتصر الكبير وأبدا لن يكون المقصي هو المنهزم الكبير. وإذا ما تركنا رابح سعدان ربان ثعالب الصحراء وحسن شحاتة ربان فراعنة النيل يتدبران مباراة العمر بكل دقائقها وجزئياتها، كل في زاويته يرصد، يستقرئ، يخطط ويلائم رصيده البشري مع متطلبات المباراة وهي بقيمة كبيرة طبعا، فإن ما يجب أن يتوجه إليه الإعلام ليس فقط بمصر أو بالجزائر ولكن بالعالم العربي كله، هو محاولة نزع فتيل الاشتعال، تطهير فضاء المباراة من كل الألغام، وإقصاء كل الإسقاطات التي تأتي بها الأنفس المريضة، لتجعل من المباراة حياة أو موتا، مع أنه في تاريخ كرة القدم ما حكمت مباراة بموت شعب. إن ما أطلع عليه في حديث المنتديات الحوارية يشعرني بحزن كبير، ذلك أن «شوفينية» البعض تصور المباراة على أنها معركة كرامة وكبرياء، فإن سار فريق فيها على هودج الأعراس مشى الآخر في تابوت مشيعا إلى مثواه الأخير. نستطيع أن نجعل من مباراة مصر والجزائر، مباراة حياة، تنتصر للعروبة، للأخوة وللقيم الرياضية الرفيعة، ومباراة موت لكل الذين يعادون هذه العروبة وتلك القيم. بدرالدين الإدريسي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©