الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين.. انفتاح على المهاجرين

24 يوليو 2016 22:15
في الوقت الراهن، تستعد الصين، الدولة التي اخترعت الأسوار لصد الغرباء، لافتتاح أول مكتب للهجرة والجنسية في تاريخها. والهدف هو اجتذاب الأجانب من ذوي المهارات الرفيعة لمساعدة الصين على التحول لمركز ابتكار عالمي. التفاصيل المتعلقة بالأشخاص الذين يمكن لهم التأهل للحصول على الجنسية الصينية، والأعداد المستهدفة، وماهو مطلوب خلال فترة إتمام إجراءات الهجرة، غير واضحة حتى الآن، بيد أن ما هو واضح تماماً، أن أكبر دولة في العالم من حيث تعداد السكان، تحتاج إلى المزيد من البشر، وهو ما يرجع لحقيقة أن أعداد الصينيين في سن العمل بدأت في التقلص منذ عام 2012. وعلى الرغم من سنوات من التحذيرات، والجهود الرسمية للحد من هذا الاتجاه، فإنه لا زال يتعين على الصين إيجاد طريقة للتنافس على اجتذاب أفضل الكفاءات في العالم، على أن يشمل ذلك أيضاً أبناءها الموجودين في الخارج. معالجة هذه المشكلات، ستتطلب ماهو اكثر من تقديم عدة جزرات للمهاجرين المحتملين. فعلى مستوى من المستويات، سيتعين على الصين أيضا، إعادة التفكير في المقام الأول، في مسألة ما الذي يعنيه أن تكون صينياً. ونقص العمالة في الصين ليس بالأمر غير المتوقع. فالمجتمعات التي تشهد ارتقاءً لأعلى، وتوسعاً حضرياً، غالباً ما تشهد في الوقت ذاته انخفاضاً في معدلات المواليد، وارتفاعاً في سقف التوقعات الوظيفية. وهذان العاملان كانا محسوسين في الصين، خصوصاً في المناطق الصناعية التي كانت مزدهرة يوما ما، حيث بات العمال هناك أكثر ندرة مما كانوا عليه عادة، والأجور أعلى، واعتاد بعض أرباب العمل في تلك المدن اللجوء إلى العمالة غير الشرعية لسد احتياجاتهم. فيما يتعلق بالعمالة الماهرة على وجه الخصوص، تواجه الصين تحدياً إضافياً، يتمثل في أن الكثير من مواطنيها الأكثر تأهيلاً، يغادرونها متى ما أتيحت لهم الفرصة، بحثاً عن فرص أفضل، وذلك بمعدل يفوق معدل هجرة العمالة غير الماهرة بخمس مرات، وهذه الفجوة آخذة في الاتساع بشكل مطرد. وهذا الخروج الجماعي مدفوع بطائفة من العوامل تشمل التلوث، والمدن المكتظة بالسكان، التي ترتفع فيها تكاليف المعيشة، والبيروقراطية، وتباطؤ الاقتصاد، والإحباط الناتج عن تفشي الفساد. وفي إطار محاولتها لاجتذاب طيورها المهاجرة للوطن مرة أخرى، تقدم الصين مجموعة من المزايا الاقتصادية والوظيفية الجذابة لأبنائها المهاجرين، مقابل التزامهم بالعمل في إحدى الجامعات الصينية، أو غيرها من معاهد البحوث والدراسات لعدة سنوات. ولكن تلك البرامج لم تحقق سوى نجاح محدود، حيث يحجم الأكاديميون الصينيون المتعلمون في بلاد أجنبية عن التخلي عن وظائفهم في الخارج. من بين الحلول التي يمكن بواسطتها تغيير بعض العقول، الحل الخاص بالسماح بنظام حقيقي لازدواج الجنسية، حيث ينص قانون الجنسية الصيني الحالي، على أن أي صيني يحصل على جنسية أجنبية يفقد جنسيته الصينية تلقائياً، وأن أي أجنبي يحصل على الجنسية الصينية تصبح جنسيته الأصلية غير معترف بها في الصين. وهذا الأمر يمثل مشكلة وفرصة في الآن ذاته. فخلال الفترة ما بين 1978 و2013، غادر 3 ملايين صيني على وجه التقريب، بلادهم للدراسة في الخارج، واختار الكثيرون منهم بعد التخرج الاستقرار والعمل في البلاد التي تعلموا فيها. وقد حاولت الصين طويلا إضفاء معنى إيجابي على هذا التدفق للخارج، من خلال النظر إلى الصينيين في بلاد الاغتراب، على أنهم يمثلون«مخزوناً استراتيجياً لموارد النمو» يمكن لها أن تستمد احتياجاتها منه إذا ما دعت الضرورة لذلك. ولكن يجب على الصين أيضا، في إطار جهودها في هذا الشأن، البدء في التفكير في الكيفية الفاعلة التي يمكن لها بها اجتذاب الأجانب أصحاب المهارات العالية. وهو أمر لن يكون ميسوراً بحال. فالتجنيس نادر للغاية في الصين، كما أن برنامج الإقامة الدائمة- المعمول به منذ عام 2004- لا يمنح سوى عدد محدود من الأجانب، يبلغ 248 في المتوسط «الجرين كارد» الصيني كل عام. وهذا الإحجام يعكس موقف السلطات الصينية الصارم تجاه مسألة الجنسية، والذي يرى الجنسية الصينية تستحق بالميلاد، وأنها شيء يتعلق بالأصل العرقي في المقام الأول. تغيير هذا الموقف، في وقت باتت فيه تلك السلطات أكثر ارتياباً في الأجانب من أي فترة سابقة في تاريخها الحديث، سيتطلب قدراً كبيرا من الإرادة السياسية، وهو ما سيستغرق بعض الوقت بالتأكيد. يعني هذا أن الصين إذا ما أرادت أن تصبح مركزا للابتكار العالمي، فإنه يتعين عليها إظهار أنها يمكن أن تصبح موطناً لمواطنين عالميين، وليس وطناً يقتصر على الصينيين فحسب. *صحفي أميركي متخصص في الشأن الآسيوي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©