الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محاسبة مشرف ونذر الصراع السياسي في باكستان

محاسبة مشرف ونذر الصراع السياسي في باكستان
11 أغسطس 2008 23:45
تعهدت الحكومة الباكستانية ببدء إجراءات توجيه اتهامات للرئيس برويز مشرف اعتباراً من أمس الاثنين، مثيرة بذلك القلق من أن تؤدي إطالة الأزمة الدستورية في البلاد، إلى صرف نظر هذه الحكومة المنتخبة- التي لم يمض على تسلمها لمهامها سوى أربعة أشهر فحسب- عن عدة قضايا عاجلة، بما فيها تنامي حركة التمرد الموالية لـ''طالبان''، إلى جانب تراجع أداء الاقتصاد الوطني· هذا وقد وضع جدول زمني لبدء جلسات مجلس النواب- التابع للجمعية الوطنية الباكستانية- اعتباراً من يوم أمس الاثنين، لبدء إجراءات محاسبة مشرف، الذي تراجع نفوذه الرئاسي وتراجع التأييد الشعبي له كثيراً خلال السنوات التي تولى فيها رئاسة بلاده· ويأمل الكثيرون في أن يتنحى مشرف عن منصبه طواعية· وفي حال إقدامه على هذه الخطوة، فإن من المتوقع أن يطغى على الحوار السياسي الباكستاني طوال الأسابيع التي تعقب استقالة مشرف، السؤال عمن سيخلفه في المنصب؟ ''فعندها لا بد من انتخاب رئيس جديد يحل محله، وهذا ما يؤدي إلى بدء صراع سياسي جديد في البلاد''· ذلك هو تعليق ''نجام سيثي''، رئيس تحرير صحيفة ''تايمز'' الباكستانية· يذكر أن مشرف كان قد استولى على السلطة في إسلام آباد عبر انقلاب عسكري قاده في عام ،1999 ثم استقال من منصبه العسكري بصفته قائداً أعلى للجيش في شهر نوفمبر من العام الماضي، عقب إعادة انتخابه لولاية رئيسية جديدة تستمر لخمس سنوات· لكن وعلى رغم ذلك، فقد جرى تهميشه إلى حد كبير منذ انتخابات شهر فبراير الماضي، التي فاز فيها حزب ''الشعب الباكستاني''، الذي كانت تتولى قيادته رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو، التي لقيت مصرعها في شهر ديسمبر من العام الماضي· وبسبب عدم تمكنه من الحصول على أغلبية كافية في تلك الانتخابات، لجأ حزب ''الشعب'' إلى تشكيل حكومة ائتلافية بالاشتراك مع حزب ''الرابطة الإسلامية الباكستانية'' الذي يقوده نواز شريف وغيره من القوى والأحزاب السياسية الأخرى· وفي يوم الخميس الماضي، أعلن قادة الائتلاف السياسي الحاكم، آصف على زرداري -زوج بنازير بوتو سابقاً- ونواز شريف عزمهما تنحية مشرف من السلطة· وتتلخص الاتهامات الموجهة ضد مشرف في: سوء إدارة الاقتصاد الوطني، وفرض قوانين الطوارئ في شهر نوفمبر الماضي على امتداد ستة أسابيع، إضافة إلى فصله ما يقارب الـ60 قاضياً خلال فترة الطوارئ نفسها· وبحكم كونه رئيساً، فإن لمشرف سلطة حل البرلمان، ما يمكنه من الإفلات من المحاكمة التي تدبر له· إلا أن قلة من المراقبين والمحللين تعتقد أن مشرف سوف يلجأ إلى خطوة كهذه· والسبب أن حله للبرلمان سوف يستدعي إجراء انتخابات برلمانية جديدة، لا يتوقع لمؤيديه في البرلمان أن يحظو فيها بشيء يذكر· ومن جانبها كانت الولايات المتحدة الأميركية قد ساندت صفقة سياسية هدفت الى اقتسام السلطة بين مشرف وحزب ''الشعب الباكستاني''، على أمل أن تسهم الحكومة العلمانية الناشئة عن الائتلاف، في محاربة الإرهاب بعزم أكبر· ولما كانت واشنطن تعتبر مشرف حليفاً قوياً لها في حربها على الإرهاب، فقد فضلت أن تلزم الصمت إزاء إجراءات المحاكمة التي يجري الاستعداد لها الآن، واصفة إياها بأنها ''أمر داخلي''· والذي تكشف لاحقاً لواشنطن أن أملها في تفعيل أداء إسلام آباد في الحرب على الإرهاب، بدفعها للصفقة السياسية التي شكلت بموجبها حكومة الائتلاف الحالية قد خاب· وتعود هذه الخيبة إلى فشل كل من شريف وزرداري في تشكيل حكومة ائتلافية قوية فاعلة، وهو ما ساعد التمرد الإسلامي في شمال غرب البلاد على تعزيز شوكته ونفوذه هناك· ولعل مقتل ثمانية من قوات الشرطة في وادي ''سوات'' على يد مسلحين متمردين يوم الأحد الماضي، دليل على تنامي واتساع نطاق التمرد، خاصة في المنطقة المذكورة التي تحولت إلى ساحة مواجهات مسلحة مستمرة بين قوات الأمن الباكستانية من جهة، ومقاتلي التمرد ''الطالباني'' من الجهة الأخرى· وخلال الأسبوع الماضي وحده، وصل عدد قتلى هذه المواجهات إلى ما لا يقل عن 100 قتيل· إلى ذلك فشلت آخر الجهود المبذولة لإخضاع جهاز المخابرات الباكستانية القوي النفوذ للسلطــة التنفيذية، مع العلم أن من بين صفوفه متعاطفين مع حركة ''طالبان'' الباكستانية· وعلى رغم اتفاق كل من آصف زرداري وحليفه نواز شريف على محاكمة مشرف، فإن المعروف عنهما تصدع علاقتهما إلى حد بعيد· ففي شهر مايو المنصرم انسحب أعضاء منتمون إلى حزب نواز شريف من المجلس الوزاري احتجاجاً على رفض حزب ''الشعب'' الباكستاني إعادة القضاة المفصولين إلى مناصبهم، إلا أن نواز شريف أعلن يوم الجمعة الماضي عن اقتراب عودة بعض الوزراء المنسحبين إلى المجلس· ويرى طلعت حسين- المعلق السياسي والصحفي الباكستاني المعروف- أن محاكمة مشرف سوف تكون أكبر إنجاز لحكومة الائتلاف الحالية، خاصة وأنها لم تفعل ما يذكر أو يحسب لصالحها خلال الأربعة أشهر الماضية من توليها للمسؤولية· وإذا ما تمكنت من إقالة مشرف من المنصب الرئاسي، فسوف يكون ذلك إنجازاً حقيقياً لها، دون أن يقلل ذلك من أهمية تطبيق الحكم الرشيد في البلاد· على أن السعي الى محاكمة مشرف، لا ينفي حقيقة وقوف الأخير في مواجهة حكومة ائتلافية مفككة ومنقسمة على نفسها· وهذا ما يرجح إطالة فترة المحاكمة في حال بدئها، ما يعني دخول باكستان مرحلة جديدة مؤلمة من الصراع الطاحن بين شتى أطراف اللعبة السياسية· ميان ريدج- إسلام آباد ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©