الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وتمر الأحداث خارج الوعي (2)

وتمر الأحداث خارج الوعي (2)
19 أكتوبر 2009 22:23
نكمل اليوم حديثنا حول الكثير من الأحداث التي تمر في حياة الإنسان في كل لحظة ودقيقة وهو لا يدركها، وإن أدركها يدرك بعضها بقدر معين، بينما تمضي بقية الأحداث خارج الوعي وبقدر معين أيضاً. وقد أسميت هذه الحالة منذ سنوات «الفجوة الزمنية» التي يحدث فيها عدم تسجيل واع للأمور والأحداث لأسباب عدة أهمها: القيام بشيئين أو أكثر في وقت واحد ظناً منا قدرتنا على فعل ذلك واستيعاب الأمور بشكل كامل. وهذا الأمر يؤثر بطريقة أو بأخرى على الإنسان وعلى دقة وجودة إنجازاته وعلاقاته وفهمه واستيعابه وحياته كاملة، ولعل هذا يظهر لنا جلياً عندما نلاحظ أننا صرنا لا نتذكر بشكل جيد الأشياء والأسماء والأشخاص والوجوه والمواقف التي حدثت منذ فترة قصيرة (قد تكون منذ ساعات أو أيام)، تنتابنا حالة فقدان المعلومات وضعف الإدراك عندما نشاهد فيلما على شاشة التلفاز ونتابعه بكل اهتمام، وبعد فترة زمنية معينة يعاد هذا الفيلم على قناة أخرى فنتابعه مرة أخرى لسبب أو لآخر، وأثناء متابعتنا له تستوقفنا بعض الكلمات او العبارات أو الإيماءات أو المشاهد التي لم ندركها في المشاهدة الماضية، فنتعجب، بل أحيانا نعتقد أن الفيلم الماضي حذفت منه بعض المشاهد، ولكن الحقيقة إنه هو الفيلم نفسه دون حذف. فالذي حدث أنه في أثناء المشاهدة الأولى كنا في حالة نفسية وذهنية وظروف معينة استثارت بعض العبارات أو المشاهدة ذاكرتنا بزاوية أو بأخرى، فركزنا على تلك العبارة التي ولدّت صوتاً داخلياً (حديث النفس) ونسينا متابعة تكملة الجمل والعبارات، ولفتت انتباهنا تلك اللقطة وأخذنا نسبح في عالم الفكر والخيال والتصور وغفلنا عن تكملة اللقطات الأخرى وهكذا، فهذا الأمر لا يتطلب سوى ثوان إن لم يكن دقائق. ولعل ما يزيد في هذه الحالة وجوداً واتساعاً هو «رتم» الحياة المتسارع الذي أخذ يجرف الناس في مجراه، فالكل متعجل والكل يريد إنهاء أموره والكل ليس لديه وقت لسماع التفاصيل، والكل يريد أن يكون متعلماً خلال أيام، ومثقفاً من محاضرة مدتها ساعة، وغنيا بين يوم وليلة، وأن ينجز مهامه بأسرع ما يمكن، وأن يكون هنا وهناك في اللحظة نفسها، وأن يعلم أبناءه ويشاهد التلفاز ويتناول العشاء في الوقت نفسه. قد يكون ذلك كله سهل التطبيق نظريا ولكنه عمليا صعب إذا تعلق الموضوع بإدراك دقائق الأمور وتفاصيلها. عندما تعطى الأمور الوقت الكافي للنظر والاستماع والفهم والاستيعاب والإدراك والتفكير والتحليل والتقييم. فإن النتائج تكون على درجة عالية من الدقة، ولكن إذا أخذت منحى السرعة أو السرحان أو اللهو بأمور أخرى وعدم التركيز، فإن النتيجة تخرج بما ليس فيها، فقد تحمل من الحذف أو التشويه من قبل المتلقي وفقاً لما يحمله عقله وفكره ومشاعره وثقافته. بعض الناس عندما يستمع لقصة ما أو موضوع معين يعيش أحداثه ذهنيا وشعوريا، فإذا نقل للآخرين ما سمع فإنه ينقله بناء على إضافات فكرية وصور ذهنية ومشاعر نفسيه. عزيزي القارئ، هذه دعوة لي ولك لنعطي كل عمل حقه من الوعي والتركيز والإدراك والتفكير والتأني والمشاعر والتفاعل والاستمتاع، فمن المؤسف أن يعتقد البعض أن لديه قدرة على فعل كذا أمر في وقت واحد، فلا يقدر أن ينجز ولا يقدر أن يعطي، ولا يقدر أن يفهم كثيرا من مجريات الحياة. وللحديث بقية. د. عبداللطيف العزعزي dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©