الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طلال الجنيبي: تفهم منطلقات المدير مفتاح تميز المرؤوسين

طلال الجنيبي: تفهم منطلقات المدير مفتاح تميز المرؤوسين
19 أكتوبر 2009 22:15
أيهما تفضل؟ وأيهما الأقوى؟ وأيهما الأكثر هيبة؟ مدير كلاسيكي يرفض التجديد ويسير على منهاج لا يمكن تغييره؟ أم مدير متجدد يخضع لكل المتغيرات والتطورات السريعة التي تخدم مصالح العمل؟ خيارات لا يمكن الفصل فيها إلا بالتحليل والمنطق العلمي، وما يحكم المحلل نفسه من تعليم أكاديمي وما تحكمه من تجارب وخبرات حياتية. هذا ما يقوم بتحليله طلال سعيد الجنيبي، خبير دولي معتمد وأستاذ جامعي وأديب وشاعر، وخبير في العلوم الإدارية، الذي يبدأ بحديثه وتفصيلاته لأنواع المدراء قائلاً: بداية إن مسألة التقسيم النمطي مسألة جدلية، ولا أعتقد أنه من الممكن أن يتفق عليها شخصان في ذات التخصص، فالموضوع متشعب ويخضع لتجارب شخصية، وخبرات متراكمة تختلف من شخص لآخر، وهذا التصنيف النمطي خاضع لرؤية صاحب الطرح، ولا يلتزم بقبول المتلقي من عدمه، وهذه فقط نقاط مبدئية، ومن هذه الزاوية الضيقة سننطلق إلى أنماط المدراء إذا أردنا تصنيفها في بيئة العمل المعاصر، وإذا شئنا أن نقسمها بالمرجعية إلى مدرستين رئيسيتين: المدير الكلاسيكي والثاني المدير المتجدد. المدير الكلاسيكي في إطار المدير الكلاسيكي، نجد العناصر النمطية حاضرة، نمطيات الخبرات السابقة المتعلمة والمكتسبة والمتداولة حاضرة بقوة، حيث يحكم علاقة المدير بمن يقعون في محيط مسؤولياته بما هو مقبول من عدمه، وما هو مرفوض عرفاً وتقليداً، وماهو ممارس، وما يعد من قيم الإدارة التقليدية تنظيراً وممارسة، هذا النمط صعب التزحزح عن قناعاته وموروثاته، حيث ينظر لها كرأس مال يخشى تناقصه، وأي تحريك فيه يعده زعزعة تنقص من إمكانياته الإدارية. ضمن هذا النمط يمكن تحديد العديد من أصناف رئيسية من المدراء، ولكن المقام هنا يتطلب التركيز على التصنيف الأعلى، حيث أنَّ الرؤى العريضة هي المرآة الأولى للمتلقي في نافذة مثل هذه التي نطل من خلالها. المدرسة الثانية: المدير المتجدد يضيف طلال الجنيبي: إنَّ المدير المتجدد يمكن استشفاف توجهاته من معنى التجديد والتطوير والمراجعة المستمرة، وعدم الانصياع لما هو متعارف عليه ومتداول ومتوارث، ضمن هذا النمط تبرز الرؤى الإبداعية والتعلم من كل ما يحيط بالمدير بغض النظر عن المصدر. ويمكن للمدير في هذا الإطار الاستفادة من الطفل الصغير، كما تماما يمكنه التعلم من خبرات المتمرسين في علوم الإدارة وتطوير الذات، ومرجعيته وحدوده الحاكمة هي خياله وإبداعه وقدرته على إسقاط التجارب النظرية والمشاهدات على الواقع. تركيزاً للفكرة ضمن هذين المدرستين الواسعتين نجد أنفسنا قادرين على إسقاط أي تجربة عملية في أحد هذين الإطارين الرئيسيين، ومن ثم النزول إلى جزئيات تفصيلية حسب تقدير الموقف، فعلى سبيل المثال حينما ننظر إلى مدير تحكم ممارساته ردات الفعل، وحفظ الهيبة وعدم المساس بذاته، وإن كان الممسوس به ذاته العمل نقفز مباشرة إلى المدرسة النمطية الكلاسيكية والتي تكون فيها هيبة المدير على إنجاز العمل، بصورة فعالة وإن كان هذا التبسيط لا يوضح الصورة بعدالة ولكنه يقربها لذهن المتلقي إيضاحاً، وإذا ما نظرنا بالمقابل إلى مدير لا يلتزم بهيكل تنظيمي معين، وتسلسل وظيفي متعارف عليه، وإنما يقدم المهام والمسؤوليات والواجبات من خلال معايير رؤية تقديرية لإمكانيات المرؤوسين علمنا بما لا يدع مجالاً للشك أنَّه مدير مبدع مجدد، ولا يعني هذا النقاش أننا ننال من أهمية الهيكل التنظيمي والتسلسل وواجبات ومسؤوليات كل شخص في بنية العمل، ولكن ما نرمي إليه هنا رسالة مفادها أن كل معرفة من معارف الإنسان إنما هي نتاج تجارب إنسانية متراكمة قابلة للأخذ والرد والنقاش والتداول، فكلما تعمق فهم الإنسان فيما يقوم به، كلما كانت قدرته على إعطاء الحلول غير التقليدية أكبر وأكثر فعالية، فعقل المدير الممارس المدرك لمحيطه الواعي لبيئة المتعلم من تجاربه السابقة، وتجارب الآخرين النظرية المجربة تعطي لنا ملامح الوصفة الطبية وخلطة المدير الناجح، الذي يحتاج أن يتجرعه كل مدير بغض النظر عن تصنيفه، فالتصنيف الأول والأخير هو المعارف المكتسبة والتجارب والقدرة على إسقاطها. إذا فهمت توجه مديرك تنجح في التعامل معه يضيف طلال الجنيبي: يمكن لأي إنسان في أي بنية عمل الاستفادة من هذا الفهم في التعامل مع مدرائه في العمل، فمن خلال فهم منطلق المدير الفكري ضمن علوم الإدارة التطبيقية يتسنى للمرؤوس وضع الأسلوب الملائم لطبيعة مديره المباشر. هذا الفهم إذا نظرنا إليه من الزاوية العملية وجدناه يتلخص في عدم مصادمة القناعات الرئيسية للمدير بل التعامل معها، وللالتفاف حولها لتحقيق الأهداف المرجوة. فالمدير الكلاسيكي يحتاج الى أن نحافظ له على خصائص مظهرية ولفظية، وسلوكية تحوم حول حفظ الهيبة واحترام المكانة، ومن هذا الاحترام تمرير الكثير من الممارسات التي يؤمن بها صاحب الممارسة الإدارية المعنية. والعكس صحيح حيث إن المدير المتجدد المبدع يحتاج من موظفيه أن يكونوا قادرين على إيصال رسائل متكررة لقدرتهم على إدراك وتيرة التطور في الفكر والمعرفة، فمن خلال إظهار متابعة كل جديد فيه ممارسات الإدارة المعاصرة والمساهمة والمشاركة الدائمة في الرؤى التطويرية بحيث يمكنهم تحقيق تميزهم وتحقيق الحظوة والمكانة لدى المدير المعنوي بهذا الشأن، فالمسألة بسيطة وتندرج في إطار السهل الممتنع، فالفهم لمنطلق المدير الفكري هو مفتاح انطلاقك في عملك، وتحقيق ذاتك في بيئة الممارسة ضمن إطار العمل. وأسهل ما في الحياة التنظير، وأصعب ما فيها التطبيق وعبور الجسر بينهما يتطلب جهداً نتثاقل كثيراً عن عبوره خشية وخوفاً وتردداً، وما أحوجنا إلى عبور الجسر، وما أحوجنا إلى أن نكون متحركين لا ثابتين.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©