الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

2011 ... كوارث فعلية وليست خيالاً!

2011 ... كوارث فعلية وليست خيالاً!
9 ابريل 2011 22:13
فريدا جيتس كاتبة أميركية متخصصة في الشؤون الدولية لنتوقف للحظة ونتطلع من حولنا في محاولة لتسجيل ملامح المكان والوقت. ذلك أننا جميعاً سوف نكون بحاجة إلى معرفة أين كنا وماذا حدث في العام الحالي، بعد مرور عدة سنوات فحسب من الآن. فها نحن نمر بمنعطف تاريخي لا ندري ما تخفيه لنا الأيام بعده. وبينما تكتب سطور هذا التقرير الصحفي، نلاحظ أن الولايات المتحدة الأميركية قد دخلت في حرب شرق أوسطية ثالثة، بهدف منع الزعيم الليبي من ذبح شعبه. لكن المسألة لا تقف عند ليبيا وحدها، بل الصحيح أن الشرق الأوسط بأسره يمر بحالة من الغليان الشعبي. وفي غضون هذه التطورات الجارية في المنطقة، ضربت اليابان -التي تعد ثالث أكبر اقتصاد عالمي- كارثة طبيعية وأزمة نووية، لا ندري بعد ما سينجم عنهما في نهاية الأمر. وفيما لو كنا قد سمعنا قبل شهر واحد فحسب، قصصاً مروعة عن اندلاع حرائق في عدد من المفاعلات النووية، وعن عمليات إخلاء جماعي كبير للسكان من بيوتهم وقراهم وضواحيهم، وعن مياه شديدة التلوث بالمواد المشعة إلى درجة يستحيل شربها، وكذلك عن خضراوات وأسماك ملوثة بالإشعاع النووي، وعن مصرع عشرات الآلاف من المواطنين المتأثرين بالهزات الأرضية وموجات التسونامي القاتلة... لكنا قد اعتقدنا أننا نشاهد أحد الأفلام السينمائية الخيالية المروعة. لكن المؤسف أن هذه الكوارث جميعاً قد وقعت بالفعل وهي ليست خيالية بأية حال! والحقيقة أن الأزمة النووية التي تواجهها اليابان الآن، لم تزد التطورات السياسية الجارية في منطقة الشرق الأوسط إلا أهمية وحرجاً، لكونها تكشف عن مدى عدم استعداد العالم للوقوف أمام صدمات وانقطاعات غير متوقعة في إمدادات النفط العالمي. وفيما لو حدثت هذه الثورات والانتفاضات الشعبية التي تشهدها دول الشرق الأوسط الآن في أي منطقة أخرى من مناطق العالم، لكنا قد نظرنا إليها على أنها تطورات سياسية كبرى تهز تلك المنطقة. لكن أن تحدث كل هذه الهزات والزلازل السياسية في منطقة الشرق الأوسط بالتحديد، وهي المنطقة التي طالما نظرنا إليها على أنها بؤرة توتر سياسي أصلاً، فمن الطبيعي أن يشعر بتأثيراتها العالم بأسره، لكونها تنعكس انعكاساً مباشراً على إمدادات وأسعار النفط العالمي معاً. ولكي نناقش تأثيرات هذه الهزات الشرق أوسطية، فعلينا القول إن المنطقة تعد مصدراً لنوعين رئيسيين من الصادرات. أولهما النفط الذي يحدث أي تغير أو انقطاع في إمداداته تأثيرات تطال الاقتصاد العالمي برمته. أما النوع الثاني أو البضاعة المهمة الأخرى التي تصدرها المنطقة إلى بقية مناطق العالم ودوله فهي الأيديولوجيا. فهناك كثيرون يعتقدون أن نجم الشرق الأوسط لم يصعد إلا بسبب غنى المنطقة بالموارد النفطية الهائلة. لكن الحقيقة أن المنطقة كانت مصدراً للأحداث والأفكار التي انتشرت على نطاق العالم كله قبل فترة زمنية طويلة سابقة لاكتشاف النفط. ففيها نشأت الديانات التوحيدية، وكانت مهداً لظهور المسيحية والإسلام. وكانت المنطقة محوراً رئيسياً لنشاط الحملات الصليبية، كما شهدت ميلاد وتوسع الإمبراطورية العثمانية، لتليها فيما بعد سلسلة حروب النزاع الأزلي بين العرب وإسرائيل، إضافة إلى بروز تيار الإسلام الجهادي المتطرف. وبذلك يمكن القول إن منطقة الشرق الأوسط قد أكدت قدرتها على تغيير الأحداث العالمية. نعود للقول مرة أخرى بأننا لا ندري أين تمضي بنا كل هذه الأحداث والاضطرابات الجارية الآن. فربما نتطلع إلى الوراء في المستقبل القريب ونصف عام 2011 بأنه العام الذي انتشرت فيه الديمقراطية في بلدان الشرق الأوسط، أو العام الذي توقفت فيه المنطقة عن تصدير التطرف والإرهاب وأصبحت مثالاً للتحول السلمي الديمقراطي وتحقيق المصالحة السياسية بين الخصوم. وربما نصف العام بأنه التاريخ الذي بعثت فيه الثورات والانتفاضات العربية برسائل مهمة عن التحول الديمقراطي إلى بقية أنحاء العالم الأخرى، وأن هذه الانتفاضات قد ساعدت على نحو خاص في نشر الديمقراطية والإصلاح السياسي في دول بعيدة عن المنطقة مثل الصين وبورما وكوبا. وربما رأينا ثورات المنطقة وانتفاضاتها وهي تذهب بعيداً جداً وتصل إلى دول لم نتصورها، تماماً مثلما تفعل شبكة الفيسبوك الاجتماعية في وصل الشعوب والمجتمعات ببعضها البعض. غير أن الوقت لا يزال مبكراً جداً للاطمئنان على تحقق هذه النهايات السعيدة لأحداث واضطرابات عام 2011. فقد حذر وزير خارجية بريطانيا، وليام هيج، من أنه وفيما لو سارت الأحداث في منطقة الشرق الأوسط نحو الأسوأ، فعلينا أن نتوقع عواقب اقتصادية سيئة تجعل من السنوات الثلاث الأخيرة مجرد مقدمة لا أكثر لمعاناة اقتصادية أشد. فقريباً من الاضطرابات الأمنية السياسية التي شهدتها بعض دول المنطقة مؤخراً، وما تخللها من نزاع ذي طابع طائفي أحياناً، ظلت بعض القوى الإقليمية تراقب تلك الأحداث عن كثب، وهي لا تخفي مزاعمها في هذا الخصوص. بل صدرت تلميحات عديدة من بعضها إلى إمكانية التدخل في دول مجاورة لمساعدة الحلفاء والأتباع هناك. يجدر القول هنا إنه وفي حال حدوث نزاع إقليمي بين دول منطقة الشرق الأوسط، فسوف تكون له عواقب اقتصادية مدمرة للعالم بأسره، وربما من شأنه أن يتحول إلى مواجهات طائفية واسعة النطاق. أما في اليمن القريبة من منطقة الخليج، والمتحالف رئيسها على عبد الله صالح مع واشنطن، فتشير تصاعد الانتفاضة الشعبية هناك إلى قرب الإطاحة بنظامها السياسي. هذا وتعد اليمن أكثر دولة مرشحة للتحول نحو نموذج أفغاني آخر في منطقة الشرق الأوسط. وإذا ما أضفنا إلى ذلك كله موقع اليمن الجغرافي، فإنها مرشحة لأن تكون أشد خطراً من أفغانستان في تسعينيات القرن الماضي، حيث انتشرت معسكرات "القاعدة" هناك لتتمكن من التخطيط لشن هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة الأميركية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©