الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وعي المشاعر

9 ابريل 2011 20:57
كطبيعة البشر نفرح عندما نحقق أهدافنا ونحصل على ما نتمناه أو نجد ما يبث فينا السعادة كلقاء عزيز لم نره منذ زمن، ونضحك عندما نكون سعداء بين من نحب ومن نقدر ونحترم، ونحزن ونكتئب وتضيق بنا الدنيا عندما نخفق في تحقيق ما نريد أو لفقدان عزيز أو لرؤية ما يعكر صفو النفس والمزاج. فكل تلك المشاعر تؤثر على نمط فعالية القلب كما تؤثر على صحة جهاز المناعة. وعندما أقول جهاز المناعة أريدك عزيزي القارئ أن تعرف شيئاً هاماً عنه لتدرك كثيراً من الأمور التي تسبب له خللاً وأنت لا تدري، ففي الصغر تكون الغدة الزعترية (غدة صماء تقع على القصبة الهوائية أعلى القلب وهي مركز جهاز المناعة) كبيرة ثم تستمر في الضمور خلال سنوات المراهقة وذلك لأن حجمها يتناقص عندما تبدأ الغدد التناسلية بالنضج والإفراز. فموضع الغدة الزعترية هو موضع المشاعر والعواطف والحب، وهو ما نسميه في علم الطاقة الحيوية بمركز القلب لاتصالها المباشر بالقلب. والقلب مكمن الوعي (البصيرة) ومكمن المشاعر، حيث يقول المولى عز وجل: «أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور» (الحج: 46). فما يحمله القلب من مشاعر يؤثر على جهاز المناعة تأثيراً موجياً يسبب إما ضعفاً أو قوةً له وفقاً لنوعية المشاعر. وفي الحديث يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب». (متفق عليه). فهذا الحديث بالإضافة للمعنى الفقهي له بما يتعلق بصلاح القلب إيمانياً، فإنه يتعلق كذلك بتأثيره على جهاز المناعة المنتشر في أنحاء الجسد، فإن ملئ القلب بالحب والإخاء والود والاحترام والتقدير وحب الخير والإيثار أصبح سليماً معافاً، فقد قال الفقهاء عن الإخاء: «أدنى مراتب الإخاء سلامة الصدر، وأعلاها الإيثار». من جهة أخرى، فإن كل ما يفكر به الإنسان ويتمناه ويرغب في فعله فإنه يؤثر على العقل الباطن الذي يتحكم بما نسبته 95% من وظائف الجسد. فالأحداث والمشاكل والهموم والمخاوف والقلق والصدمات والصدامات والتوقعات السلبية والتشاؤم وغيرها تنتج عنها كيماويات تضخ في الدم وتعطي النتيجة التي كنت تخاف منها، أو ترغب فيها، أو تفكر فيها، أو تشعر بوجودها، أو تتصورها وتتخيلها. ومن كل ما سبق ذكره أريد منك عزيزي القارئ أن تعي وتنتبه إلى نوعية مشاعرك وعواطفك وأفكارك، فلا تبالغ ولا تنفعل ولا تملأ قلبك بما لا يفيد فتبقيه أسود فيؤثر على صحتك. ولذا تعلم التركيز على إيجابيات الحياة لكي تعيش سليماً، وتعلم طريقة التنفس الصحي لتبقى معافى، وتعلم فنون الاسترخاء والتأمل ليصبح جسدك أكثر قوة ونشاطاًً وحيوية، واسع دائماً لأن يكون في قلبك كل ما يسعدك من مشاعر إيجابية، فإن سعد قلبك ضحكت لك الدنيا. د. عبداللطيف العزعزي | dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©