التراث العلمي العربي وقاماته

المتصفح لخزائن مكتبة التراث العربيّ الإسلاميّ عبر العصور المتوالية، سيجد إشراقات وإنجازات تراثية عربية خلدت عربياً وأوروبياً كإبداعات لعلمائنا الخالدين في مختلف ميادين الثقافة والعلوم التطبيقية والآداب• وتتمثل تلك الإبداعات في علم الفلك والفيزياء والطب والصيدلة وطب الأسنان، وطب العيون، وعلم الميكانيك، والنبات والهندسة، وعلوم الأرض وغيرها من العلوم الأخرى. وقد انتقلت تلكم الإنجازات العربيّة عبر بلاد الأندلس إلى أوروبا وصقلية مما أدى إلى التلاقح الحضاري بين العرب وأوروبا. ويأتي كتاب “التراث العلميّ العربيّ وقاماته” لمؤلفه صلاح الشهاوي والصادر عن كتاب المجلة العربية الشهرية بالسعودية مؤخراً، ليسرد للقارئ العربي مسيرة الحضارة العربية الإسلامية التي أنجز فيها علماؤها الكثير من المعارف والعلوم والإبداعات في شتى ميادين العلم والمعرفة، من خلال مقدمة وأربعة عشر فصلاً... ابن حيان والكيمياء أشار الشهاوي في الفصل الثاني بعنوان “جابر بن حيان في مجال الكيمياء” إلى علم الكيمياء هو علم مصري قديم، أعاد المسلمون تأسيسه وتقدموا به تقدماً كبيراً على طريق تحضير الكثير من المركبات الكيميائية، بعده ذكر جانباً من سيرة العالم الكيميائي العربي جابر بن حيان الكوفي، وأبرز انجازاته العلمية في الكيمياء، ووضعه للأسس العلمية للكيمياء الحديثة والمعاصرة، حيث قام ابن حيان بالتحضير المعملي للعناصر الآتية: “تحضير الملح القوي، تحضير ملح الأمونيا، تحضير ملح البول، حجر جهنم، الراسب الأحمر، المستحلب الكبريتي”. الرازي والطب أوضح المؤلف في فصل كتابه الثالث “أبو بكر الرازي في مجال الطب وتحدث عن حياة الرازي، أهم مؤلفاته الطبية، وأقواله المأثورة في العلاج، منها: ينبغي للطبيب أن يوهم المريض أبداً بالصحة ويرجيه بها، وإن كان غير واثق بذلك، فمزاج الجسم تابع لأخلاق النفس، أو: متى كان اقتصار الطبيب على التجارب دون القياس وقراءة الكتب خذل،. رائد الفضاء عرض صلاح الشهاوي في “عباس بن فرناس العالم الموسوعي وأول رائد فضاء في التاريخ” ضمن الفصل الرابع، وتناول السقوط من أعلى هاجس أقلق الإنسان على مرّ العصور، ليصل إلى ترجمة حياة رائد الطيران العربي عباس بن فرناس الأندلس القرطبي، ثم ليعرّج لذكر أثاره العلمية كالميقاتة، وذات الحلق، والقبة السماوية، ومحاولته المبكرة للطيران، وبيان الاعتراف الغربي بسبق ابن فرناس في محاولته للطيران... الجزري والتكنولوجيا جاء الفصل الخامس من كتاب الشهاوي ليتناول “الجزري في مجال التكنولوجيا”، وليشير إلى ريادة العرب في النهج التجريبي والتكنولوجيا العلمية” علم الحِيَل/ الميكانيكا”، كما أشار إلى سيرة العالم أبي بكر الجزري، وبيان علم الحِيل العربي، وأبرز انجازاته ومؤلفاته في هذا العلم خاصة في دائرة الاختراعات الميكانيكية وصناعة الآلات... ابن الهيثم والبصريات العالِم العربي الحسن بن الهيثم نصيب في الكتاب ضمن الفصل السادس منه “الحسن بن الهيثم في مجال علم المناظر البصريات”، حيث طور العلماء العرب هذا العلم تطويراً كبيراً بعد أن كان مجرد مجموعة من الحقائق المتفرقة، وأسسوا فيه فروعاً متخصصة أهمها علم المناظر المعروف الآن بعلم البصريات الذي برع فيه الحسن بن الهيثم براعة كبيرة وأنجزوا قدراً هائلاً من الاكتشافات المهمة في دائرته، وأضافوا الكثير إلى علم الأيدروستاتيكا الذي أسسه الأغريق. وأثر ذلك حدثنا الشهاوي عن حياة العالم الحسن بن الهيثم، المولود بمدينة البصرة بالعراق، ذاكراً أبرز معاصريه، وأهم ما ألفّ نحو: كتاب المناظر، رسالة في العين والإبصار،... النبات والفلاحة عرض الفصل السابع من الكتاب لـ”ابن البيطار في مجال النبات والفلاحة”، لعلم الفلاحة والنبات العربي وإنجازات العلماء في هذا المقام خلال العصرين الأموي والعباسي، ثم في المغرب العربي والأندلس، والإشارة إلى المؤلفات العربية في مجال الزراعة والحرث والريّ، وعملهم في مكافحة الأمراض الزراعية في الحضارة العربية الإسلامية، الطعوم السامة، المبيدات المرشوشة، المواد الكيميائية الطيّارة/ التدخين، المبيدات الحيوية، ثم الحديث علماء العرب في مجال الزراعة والفلاحة والريّ والنبات. أعقب ذلك الحديث عن سيرة حياة ابن البيطار الذي درس في مدينة أشبيلية بالأندلس، وأهم مؤلفاته في هذا الجانب ومن أهمها” الجامع لمفردات الأدوية والأغذية”. المقدسي والجغرافيا أما “المقدسي في مجال الجغرافيا” فخصصه المؤلف مادة للفصل الثامن، موضحاً فيه لريادة العرب في علم الجغرافيا الذي افترشوا الصحراء بمفازاتها الواسعة بوصف جزيرتهم وبمشاهداتهم لأماكنها المتشعبة، وبيان انجازاتهم في العلوم الجغرافية لأبرز العلماء الجغرافيين العرب أمثال البيروني، والإدريسي، والمقدسي المولود بمدينة القدس، الذي عرض لجوانب من سيرته وأهم ما قدم في مجال الجغرافية. الخوارزمي والرياضيات ذكر صلاح الشهاوي في الفصل التاسع لـ”الخوارزمي في مجال الرياضيات”، إلى الريادة العربية في علم الرياضيات، ثم إشارته عن الخوارزمي المولود بآسية الصغرى والمتوفى ببغداد، وإنجازاته مؤلفاته الوافرة في هذا التخصص، حيث كتب في الحساب والجبر والهندسة، وفي علم الهيئة “الفلك” وفي الجغرافية... المقريزي والتاريخ الفصل العاشر هو “المقريزي في مجال التاريخ” الذي جاء فيه الإشارة إلى ريادة العرب في هذا المقام لأن مصطلح علم التاريخ أنشئ وظهر على أيدي المسلمين الأوائل، فقد نُسِبَ إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضيّ الله عنته وضع التاريخ. أما تقي الدين المقريزي فحدثنا صاحب الكتاب بأنه أحد أعلام التاريخ الذي عُرِفَ نسبة لحارة بمدينة بعلبك بلبنان تُعرف بحارة المقارزة، ولأبرز مؤلفاته التاريخية المهمة كالسلوك لمعرفة دول الملوك، عقد جواهر الأسفاط في تاريخ مدينة الفسطاط، الإعلام بمَن مَلَك أرض الحبشة في الإسلام.... الكندي والفلسفة “الكندي في مجال الفلسفة” عنوان الفصل الحادي عشر الذي وقف فيه صلاح الشهاوي ليشيد فيه بريادة علماء الحضارة العربية الإسلامية في مجال الفلسفة، وتطلعهم إلى استخدام القياس العقلي في الأمور المستحدثة التي وجدت في الواقع الإسلامي ولم يكن لها نصّ صريح في القرآن الكريم والسُنة النبوية الشريفة. ثم تحدث عن سيرة حياة أبي يوسف يعقوب الكندي، وتعمقه في الفلسفة الإغريقية وترجمته للعديد من كتبها ودراسته للتنجيم وعلم الفلك، علم الكونيات، الرياضيات، الكيمياء وصناعة العطور، الفيزياء والبصريات، الطب، الموسيقى، وأخيراً أهم ما ترك من مؤلفات في المجالات التي أشتغل بها. الأنطاكي والصيدلة ذكر الفصل الثاني عشر ريادة العرب في مجال الصيدلة من خلال “داود الأنطاكي في مجال الصيدلة”، موضحاً لتاريخ موجز عن الصيدلة العربية, أبرز الإنجازات وأهم العلماء الذين اشتغلوا فيها، ثم تناول الأنطاكي المولود بأنطاكية بسورية، وآثاره ومؤلفاته في الطب والصيدلة، الفلك، المنطق وعلم الكلام... طب الأسنان أفرد الفصل الثالث عشر لموضوع “ابن سينا في مجال طب الأسنان”، لأن العرب اهتموا بالأسنان اهتماماً كبيراً، واعتبروها من الأعضاء النبيلة والأصلية في الجسم، وكانوا رواداً في تخدير المرضى لخلع الأسنان. وتناول في الفصل الطبيب ابن سينا ومؤلفاته وجهوده في مجال طب الأسنان، وقواعده التي أرساها للحفاظ على الأسنان مما يندرج تحت باب الطب الوقائي. التيفاشي والجيولوجيا للعرب الفضل في الجيولوجيا لذا خصّ المؤلف هذا العلم الفصل الرابع عشر للحديث عن “التيفاشي في مجال الجيولوجيا” موضحاً لحياته ومسقط رأسه في قرية تيفاش بالقرب من قفصة التونسية، ولانجازاته العلمية حيث وضع أول تصنيف علمي صحيح للمعادن، ولبيان أشهر مؤلفاته في الجيولوجيا وعلم المعادن وهو “أزهار الأفكار في جواهر الأحجار”، ثم مصنفاته في الطب، الجغرافية، علم الأرصاد الجوي، التاريخ، الشعر، الأدب والفنون، الموسوعات التفسير وفنون شتى... الكتاب: التراث العلميّ العربيّ وقاماته المؤلف: صلاح الشهاوي الناشر: المجلة العربية ـ السعودية