الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

القطاع الصناعي المصري مهدد بالشلل التام بسبب أزمة تمويل

القطاع الصناعي المصري مهدد بالشلل التام بسبب أزمة تمويل
9 ابريل 2011 20:37
(القاهرة) - يواجه القطاع الصناعي المصري أزمة تمويل حادة خلال الفترة الحالية بسبب إحجام البنوك عن ضخ قروض جديدة للشركات الصناعية الكبرى أو المتوسطة وتوقفت عمليات صرف شرائح معظم القروض المشتركة التي تم الاتفاق عليها وتوقيع عقودها قبل ثورة 25 يناير، فيما فشلت حكومة عصام شرف حتى الآن في إيجاد حلول. وساهمت الضبابية والغموض حول مستقبل العديد من الشركات الصناعية الكبرى التي تعود ملكيتها الى رجال أعمال تم التحفظ على أموالهم في إطار التحقيقات القضائية الجارية في دفع البنوك الى التوقف مرحليا عن الدخول في أي مفاوضات لتدبير قروض جديدة للشركات ووقف صرف القروض القديمة لحين اتضاح الأوضاع على الصعيدين السياسي والاقتصادي. ودفعت تقارير مصرفية بشأن تراجع معدلات السيولة، سواء المتداولة في الأسواق أو المتاحة لدى الجهاز المصرفي المصري خلال الشهور القليلة المقبلة، البنوك إلى التريث في منح القروض واتباع سياسات ائتمانية حذرة ومتحفظة مما انعكس سلباً على حجم التمويل المتاح للشركات الصناعية. وكشفت التقارير عن توقعات بتراجع حجم الودائع العائلية في البنوك في المرحلة المقبلة وتعثر بعض الشركات المقترضة من البنوك بسبب صعوبات تواجه أنشطتها مما قد يدفعها الى التوقف عن السداد وبالتالي اضطرار البنوك الى تكوين مخصصات لهذه القروض مما يمثل مزيدا من الضغوط على السيولة المتاحة لهذه البنوك. وتواجه الشركات الصناعية شحاً في قدرتها على توفير التمويل الذاتي لأنشطتها في المرحلة الراهنة لتراجع عملياتها التصديرية للأسواق الخارجية والتأثر السلبي لمبيعاتها في السوق المحلية بسبب الركود ويمثل اللجوء الى بورصة الأوراق المالية للحصول على تمويل أقل تكلفة نوعاً من المخاطرة غير المأمونة لعدم قدرة البورصة على استيعاب وضمان نجاح أي عمليات طرح أسهم أو اكتتابات جديدة في هذه المرحلة. وانعكس نقص التمويل للشركات الصناعية المصرية على الأنشطة المالية المكملة لها حيث تواجه هذه الشركات صعوبات بالغة في فتح اعتمادات مستندية أو خطابات ضمان لتمويل استيراد مكونات الإنتاج من الخارج مما اثر سلبا على التشغيل والقدرة على الوصول الى معدلات الإنتاجية الى مستويات ما قبل الثورة. وجاء نقص تمويل المستهلكين من جانب البنوك ليضرب معظم الشركات الصناعية العاملة في انتاج مستلزمات صناعية ذات طبيعة جماهيرية مثل الأجهزة المنزلية المعمرة حيث كانت الشركات تعتمد على القروض الاستهلاكية التي يحصل عليها الأفراد من البنوك لتصريف جانب مهم من انتاجها وأقدمت البنوك الآن على وقف خطوط التمويل الاستهلاكي والقروض الشخصية بمعظم أنواعها مما ساهم في زيادة أزمة السيولة في الأسواق وأدى الى تراجع أداء ومبيعات الشركات. وبدأت منظمات الأعمال من جمعيات مستثمرين واتحاد صناعات ممارسة ضغوط على الحكومة المصرية للبحث عن مخرج واسفر ذلك عن تحرك حكومي سريع تمثل في اجتماع موسع عقده رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف مع محافظ البنك المركزي الدكتور فاروق العقدة ورؤساء البنوك للتوصل الى آليات عمل جديدة لتحفيز البنوك على استعادة دورها التمويلي، لاسيما للقطاع الصناعي بينما جاء التحرك الثاني عبر تشكيل لجنة حكومية تضم ممثلين عن أصحاب المصانع وإدارات الائتمان بالبنوك وتحددت مهمة هذه اللجنة في بحث أسباب إحجام البنوك عن التمويل أو ضخ قروض جديدة في الفترة الأخيرة وسبل التعامل مع هذه المشكلة. وتنتهي اللجنة من أعمالها اخر أبريل الجاري تمهيدا لتنفيذ قراراتها عقب اجتماع مشترك يضم رئيس الحكومة مع محافظ البنك المركزي ووزير التجارة والصناعة الدكتور سمير الصياد. وجاءت عمليات سحب الأراضي الصناعية من بعض الشركات غير الجادة التي حصلت على أراض بهدف اقامة مصانع عليها ثم تقاعست أملا في اعادة بيع هذه الأراضي بأسعار مرتفعة مثلما كان متبعا في وقت سابق لتلقي بمزيد من التعقيد على أزمة التمويل حيث كانت هذه الشركات قد حصلت على قروض من الجهاز المصرفي بضمان هذه الأراضي، الأمر الذي خلق مواقف قانونية ومالية صعبة لهذه الشركات حيث أصبح يتعين عليها سداد هذه القروض في الوقت الذي تعاني فيه أزمة تمويلية. وبحثاً عن حل خارجي لهذه الأزمة، اتجهت الشركات إلى دول الخليج لإجراء مفاوضات مع مؤسسات مالية وصناديق استثمار سيادية ومستثمرين أفراد بهدف الحصول على تمويل عبر شراكات مع هذه المؤسسات في شكل زيادة رؤوس أموال على أن تقتصر عمليات الاكتتاب في أسهم زيادة رؤوس الأموال على هذه المؤسسات المالية الخليجية وتقود كل من المجموعة المالية “هيرمس القابضة” ومجموعة “القلعة” الاستثمارية وبنك الاستثمار “بلتون” هذا التوجه بغرض مساعدة شركات صناعية مصرية كبرى على عبور هذه المرحلة لاسيما وأن هذه الشركات لاتزال تمتلك قواعد انتاجية قوية وحصص سوقية مؤثرة في مجال أعمالها الى جانب تنامي قدرتها المستقبلية على صعيد التصدير أو زيادة مبيعاتها في السوق المحلية. وحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد” فإن جهود “هيرمس” و”القلعة” و”بلتون” أسفرت عن جذب العديد من الشركات الخليجية الكبرى لضخ مزيد من السيولة في القطاع الصناعي المصري، لاسيما من جانب مؤسسات الاستثمار المباشر مثل بيت التمويل العالمي “جلوبل” وصناديق سيادية استثمارية قطرية الى جانب بعض المؤسسات المالية الأخرى في البحرين حيث من المنتظر أن تشهد الفترة المقبلة الكشف عن العديد من صفقات الشراكة مع كيانات صناعية مصرية كبرى بعد أن نجحت الجهود الترويجية التي قامت بها هذه المؤسسات الثلاث في إقناع الاستثمارات الخليجية بأهمية التوجه الى القطاع الصناعي الواعد بدلا من التركيز على الاستثمار العقاري الذي قد يواجه مشكلات عديدة في السوق المصرية مستقبلا لأسباب متنوعة. وأكد محمد كفافي، رئيس بنك القاهرة، أن ما حدث من جانب بعض البنوك في الفترة الأخيرة كان بمثابة نوع من مراجعة السياسات الائتمانية وليس التوقف عن التمويل فلا يوجد بنك في العالم يقرر وقف التمويل لأن ذلك ضد طبيعة دوره ووظيفته مشيرا الى أن هذه المرحلة هي مرحلة التقاط أنفاس وتقييم موقف تقوم به البنوك تجاه عملائها وهذا لا يعني التوقف عن التمويل بدليل أن القروض المشتركة للعديد من الشركات الكبرى يجري صرف شرائحها المختلفة لهذه الشركات حاليا وكذلك هناك العديد من المفاوضات التي تجري بين البنوك وشركات راغبة في الحصول على تمويل. ويضيف أن تعزيز الدور التنموي للجهاز المصرفي المصري في المرحلة القادمة أمر حيوي لدفع عجلة النشاط الاقتصادي وهو الأمر الذي يحرص عليه البنك المركزي حيث يعمل على تحفيز البنوك على تنشيط دورها التمويلي في المرحلة المقبلة بما يسهم في الوصول الى معدل نمو معقول. أما محمد المرشدي، رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات المصري، فيؤكد عودة ظاهرة الأيدي المرتعشة الى البنوك لأسباب عديدة واصبح اتخاذ القرار الائتماني صعباً وبطيئاً وانعكس ذلك سلباً على العديد من الأنشطة الصناعية وفي مقدمتها الصناعات النسيجية التي أصبحت تعاني معاناة شديدة في الحصول على تمويل مما يهدد بتوقف العمل. ويشير الى أهمية دور الصناديق الاستثمارية، خاصة العربية في توفير تمويل للقطاع الصناعي المصري في المرحلة المقبلة عبر آليات ونظم تمويل غير تقليدية وغير مكلفة بعد أن بدأت البنوك رفع أسعار الفائدة على القروض مؤخراً بدعوى ارتفاع المخاطر وغيرها من الإجراءات التي جعلت التمويل المصرفي مكلفاً للغاية خاصة للنشاط الصناعي الذي يواجه صعوبات تسويقية وتصريف المخزون من البضائع لديه واصبح يعمل بنصف طاقته التشغيلية في أفضل الأحوال بعد أن تراجعت فرص التصدير للأسواق الخارجية في المرحلة الراهنة لضياع مواسم تصديرية مهمة على المصدرين المصريين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©