الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وجوه مياسة السويدي.. المتحولة

وجوه مياسة السويدي.. المتحولة
2 مايو 2018 19:46
منذ مشاركتها الأولى في مطلع الألفية الثالثة وهي تقدم العديد من الوجوه، بالإضافة إلى تجارب أخرى.. لوحات أطلق عليها البعض تجريدية، ويراها آخرون بأنها نسوية في عمق الرؤية الفكرية من خلال أعمال متعددة الملامح تحمل روحاً فنية مختلفة دائماً. حملت التشكيلية البحرينية مياسة السويدي المرأة معها في العديد من المحافل، وفي كل مرة كانت تقدمها بشكل مختلف عن سابقاتها سواء كان في مملكة البحرين أو عواصم عربية وعالمية. كان لها مشاركات مختلفة خلال عام 2017 والربع الأول من عام 2018، أي بعد مضي ما يزيد عن عشرة أعوام تحركت فيها تلك اللوحات بين جدران المتاحف ودور العرض المحلية والعالمية. شاركت في معرض «فن البحرين عابر للحدود» (مارس 2018م) بعملين حملا روح الأنثي. وفي لندن وأميركا والهند كانت انطلاقة الأبيض والأسود للسويدي بتقديم لوحة «الباركود» أو (الشفرة التعريفية)، قدمتها في معرض خاص بالمرأة. واستقبلتها عدة دول في معرض حمل عنوان: (أنا – I AM)، وكان بداية لأعمال فنية قد ركزت على الذات وفكرة التحولات التي تصيب الإنسان وتجعله قابلاً للاستهلاك من خلال الرقم أو الشفرة التعريفية. عبّرت لوحة «الباركود» عن المرأة التي تحوَّلت إلى سلعة في بعض المجتمعات.. انطلقت السويدي بعد ذلك في مجموعة فنية تحمل عنوان «الساعة الخامسة والعشرون» صنعت من خلالها كتاباً فنياً وعدداً من اللوحات، مستوحاة من رواية قسطنطين جيورجيو، حيث استخدمت أوراق الرواية نفسها بطريقة فنية استبقت من خلالها بعض الصفحات التي استوقفتها في الرواية. وقد تم تقديم هذه المجموعة في معرض البحرين السنوي والمعرض العالمي للفنون في الهند عام 2018م. مؤخراً، وتحديداً في البحرين قدمت التشكيلية مياسة السويدي خلال شهر أبريل 2018 تجربة مختلفة جداً عن الأعمال السابقة، إذ استخدمت خلالها الورق الفني لإنجاز عدد من المشاريع، منها جدارية تتكون من 21 لوحة استوحت لوحاتها من شذرات الشاعر قاسم حداد التي تحمل عنوان «مثل وردة تقلّد عطراً»، بالإضافة إلى 14 لوحة أخرى بعنوان «ملامح»، تمثل عدداً من الوجوه تحمل في داخلها العديد من المشاعر والأحاسيس الإنسانية. جرأة لونية واعتبرت الناقدة والتشكيلية البحرينية بلقيس فخرو تجربة السويدي هذه، بأنها «ناجحة وجميلة على المستويات كافة»، وقالت إن السويدي «تعمدت الابتعاد عن الواقعية في رسم الوجه وذهبت للتعبيرية، وقامت من خلالها بتركيب ملامح للوجه تعبّر عن فكرة ما بداخلها، وآخر ما سيذهب له المتلقي حينما يشاهد تلك الأعمال هو البحث عن الشبه. جاء ذلك من خلال الذهاب في أعماق المدرسة التعبيرية، مما جعل أعمالها تحمل خصوصية فنية من خلال تحوير ملامح الوجه الواقعي لإبراز الفكرة التي تريد تطرحها في تلك الوجوه». وتقول بلقيس فخرو إن السويدي قدمت «جدارية» استوحت لوحاتها من «شذرات الشاعر قاسم حداد (مثل وردة تقلّد عطراً)». وقالت إن مياسة استخرجت تعابير الرجل في تلك اللوحات بشكل مختلف، كما قامت بتوظيفها ضمن عمل متكامل البنية والرؤية، ويكمن جمال وقوة تلك الجدارية من خلال التدرج اللوني (الأحمر) الذي استخدمت معظم درجاته. حيث رسمت باللون الأحمر ولكن ليس الأحمر الساذج بل (المعقد) الذي يميل أحياناً إلى (التونة) الحارة والباردة، من خلال الإضافات المستخدمة في الظلال ليكون لوناً عميّقاً وليس بسيطاً. وأضافت فخرو أن الوجوه التي احتوتها «الجدارية» جميلة وتعبيرية، حيث ألبست الرجل في بعضها عمامة عثمانية، كما قامت بالاشتغال على العيون في بعض الأعمال، ولم تلتزم بأي مدرسة فنية، بل ذهبت لأبعد من ذلك وجعلت (الأحمر) يقوم بالتعبير ويشدنا قبل أن نشاهد ملامح الوجوه، التي تجذبنا من خلال اللون»، وتضيف فخرو أن «مياسة كانت جريئة جداً في استخدام القوة اللونية، وذهبت في بعض التعابير إلى أقصى الحدود من خلال تحوير الملامح وخاصة العيون. كما وأنها لم تترك مساحات بين الوجوه، وتركت اللون الأسود ليكون فارقاً وفاصلاً في تلك الجدارية بين كل عملٍ وآخر». الناقدة بلقيس فخرو التي تابعت تجربة السويدي منذ انطلاقتها ختمت حديثها بالقول «وصلت مياسة لدرجة من النضج والثقة لأن تقول ما تريد». بساطة وعمق نادية الحاج، ناقدة وأكاديمية فلسطينية، قالت إن تجربة (ملامح) جريئة جداً من خلال خروجها عن المألوف، ولا يوجد بها تقليد لأي عمل فني آخر، وتعتبر الحاج بأن هذه الأعمال جديدة ولم يسبق تناولها بهذه الطريقة من قبل، كما أن استخدام الخلفية بألوان مختلفة جعلها تتحول إلى جزء من اللوحة الذي يتداخل ما بين الخلفية والشخصية المرسومة. وتضيف أن هذه الأعمال تجعل المتلقي في الوهلة الأولى يعتقد بأنها بسيطة وتحمل رسوم الأطفال، وحينما يقترب منها يكتشف العمق وتلك البساطة الجاذبة من خلال التدرج في الألوان، ويعتبر هذا النوع من البورترية مركباً، كما تمكنت السويدي من دمج تكنيك خاص بها في إنجاز العمل من خلال بعض العناصر التي استخدمتها، كما يلاحظ وجود بناء متكامل في اللوحة، وتتميز هذه الأعمال بأنها تحمل بيئة وحضارة الفنانة، وهي أعمال غير مقتبسة من الخارج، كما تقول الحاج بأن الكولاج المستخدم جاء بطريقة مبتكرة جداً مما جعله يعطي إيحاء بأن هذه الأعمال مطبوعة على الحرير، لكنه تكنيك آخر يمنح الجمال في الانتقال ما بين الخلفية والبورترية. وتضيف الحاج أن هذه الأعمال أثبتت قدرة الفنانة على استخدام التكنيكات الفنية ونقلها بشكل مريح بين العمل والآخر، وهذا ما جعلها تخلق تقنيتها الخاصة، وهنا يكمن الفرق بين استخدام الألوان الزيتية ودمجها بتقنيات أخرى، بينما قامت السويدي بأخذ مميزات التكنيك وخلقت خصوصيتها الجديدة المميزة، وليس استخدام تقنية بقوالب جاهزة كما يفعل البعض، واستطاعات أيضاً صياغة رؤيتها الحضارية والحميمية، فكلما اقتربت من جدارية (مثل وردة تقلّد عطراً) تجد بأن تلك البساطة تتحول إلى عمق من دون أن يكون هناك إجبار بل إيماءة خاصة بالفنان تشد المتلقي للذهاب إلى عمق اللوحة. تعابير ومشاعر وحول هذه التجربة قالت التشكيلية مياسة السويدي إنها «تجربة مختلفة بدأت بها منذ سنوات لكنها لم تكن جاهزة للعرض»، مضيفة أنها «مجرد تجارب، حاولت من خلال تلك الأعمال التعبير عن الوجوه التي تصادفنا وهي مصحوبة بمشاعر وصراعات تؤثر في ملامحها». وحول طبيعة تقنيتها الخاصة في الأعمال قالت «استخدمت تقنية الرسم والكولاج وأحياناً كنت أرسم نفس الوجه مرة تلو أخرى لاستخدم ذات الرسمة كطبقات في الكولاج على أوراق مختلفة وشفافة في بعض الأحيان، مستفيدة من بعض الصحف والمجلات»، وتقول السويدي إنها تعمدت إخفاء «العيون في بعضها أو أغلق الفم تعبيراً عن الصمت والكلمات التي نعجز عن قولها، أغلب العيون كان فيها تساؤل، وكنت ابتعد عن الواقعية تماماً في رسم تلك الوجوه بل أردتها أن تعبر عن حالات نفسية مختلفة». وتضيف السويدي «قدمت أكثر من 14 عملاً مختلفاً للوجوه كما تعمدت في الإخراج أن تكون في إطارات خارج المعتاد، من حيث اللون والتركيب وحتى في ترتيبها تقصدت العشوائية لأنها ذات أحجام مختلفة ومتفاوتة». وعن اختلاف التجارب في تقديمها ما بين معرض وآخر، قالت السويدي: «لا أحب التكرار، الفن بالنسبة لي حالة بحث مستمرة، لذا أقدم في كل معرض تجارب مختلفة تماماً عن السابق، ومن أكثر التعليقات التي وصلتني من الحضور إنني أقدم شيئاً مختلفاً كل مرة». وأضافت: «كانت تلك الوجوه في لوحاتي السابقة حاضرة لكنها من دون ملامح واضحة وصريحة، كما أن التعبير بالرسم هو حالة انفعالية إبداعية، لهذا أجدني في كل مرحلة أقدم تجربة مختلفة عن سابقتها، كما أن المادة المستخدمة أيضاً تؤثر في العمل، وقد اعتمدت في هذا المعرض على الورق، ولاحظت بأن التعامل معه يختلف تماماً عن الكانفس العادي، لذا تكون الأعمال الفنية أيضا مختلفة من حيث الموضوع والمادة». وعن جدارية «مثل وردة تقلّد عطراً»، قالت إنها وضعت عدداً من الأعمال في لوحة مربعة لها ثيمة واحدة وتدرجات لون واحد هو الأحمر.. رسمت فيها وجوهاً كثيرة، وتوقفت عن إكمالها لصعوبة التعامل مع عدد كبير من اللوحات الصغيرة والمتماثلة في اللون والحجم، إلى «أن وصلتني دعوة لحضور معرض الكتاب الذي أقيم في مارس 2018م مرفقاً معها كتاب للشاعر قاسم حداد.. ألهمتني تلك القصائد والشذرات، مما دفعتني لاستكمال اللوحة وذهبت أقتطع بعض المقتطفات من الكتاب في تلك اللوحات ووضعتها بخط غير واضح»، وقالت السويدي إن «الكتاب ساعدني على إكمال تلك الجدارية». وحول حديث الجرأة في تجربة «ملامح» قالت السويدي: «تكرر هذا الوصف من قبل المهتمين والنقاد، وبالفعل كنت أرسم تلك الوجوه بمتعة خالصة، ولَم أخطط لعرضها، كنت أرسم وأقطع من الأوراق التي أمامي بطفولة وعفوية.. كانت الألوان قوية وجريئة وفيها عمق، علماً بأنني لَم أخطط مسبقاً لاختيار لون أو ثيمة واحدة.. فقط كنت أستشعر مشاعر وأحاسيس لوجوه عابرة». وتضيف أن «التعامل مع الوجوه كان مختلفاً من ناحية استحضار وتذكر بعض الوجوه العابرة التي تحمل أقنعة تحاول أن تقنعنا بحقيقتها بينما الحقيقة مخبأة تحت أوراق وطبقات ملونة رسمتها على تلك الوجوه». يذكر بأن تجربة «ملامح» تم عرضها خلال شهر أبريل الماضي في جمعية البحرين للفن المعصر، وافتتح المعرض برعاية الشيخ راشد آل خليفة ومشاركة مروة آل خليفة، زكية زاد وطيبة الفرج.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©