الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

سيطرة أميركية قوية وسط الأحداث الدامية! 1968 مكسيكو

سيطرة أميركية قوية وسط الأحداث الدامية! 1968 مكسيكو
23 يوليو 2016 20:58
نيقوسيا (أ ف ب) شيئاً فشيئاً أصبحت الألعاب الأولمبية «فاصلة» بين الأحداث العالمية الكبيرة، لا بل جسدت معاني الهدنة الأولمبية القديمة، فبدت وكأنها فترة التقاط أنفاس بين جولة سياسية ومطلبية وأخرى. فقد صادفت ألعاب الأولمبياد التاسع عشر التي أقيمت من 12 إلى 27 أكتوبر في مكسيكو وسط أحداث دامية: حرب فيتنام، اجتياح الاتحاد السوفييتي لتشيكوسلوفاكيا، اغتيال مارتن لوثر كينج والسيناتور الأميركي روبرت كينيدي، تفاقم الحركات الثورية والطلابية في أنحاء العالم، الثورة الثقافية الصينية وتداعيات الحرب العربية-الإسرائيلية. وقبل الدورة بعشرة أيام، شهدت ساحة الثقافات الثلاث وسط العاصمة المكسيكية اعتصامات واحتجاجات طلابية وإضرابات وتظاهرات وصدامات مع الشرطة. وبلغت الحصيلة 267 قتيلاً و1200 جريح. وأوكل الرئيس المكسيكي جاستوفو دياز إورداز مهمة القمع لثلاثة آلاف شرطي أعادوا الهدوء إلى العاصمة، وتمكن من إعلان افتتاح الألعاب في هذا البلد النامي، في ظل الحراب. وكانت المرة الأولى التي تقام فيها الدورة في أميركا الجنوبية وشارك فيها 5516 رياضياً بينهم 781 امرأة من 112 دولة، تباروا في 172 مسابقة ضمن 18 لعبة هي: كرة القدم والخماسي الحديث والزوارق الشراعية والجمباز والسباحة والمبارزة والتجذيف وكرة السلة والرماية وألعاب القوى والمصارعة والكرة الطائرة والدراجات ورفع الأثقال والهوكي على العشب والملاكمة والكانوي كاياك والفروسية. وشارك للمرة الأولى كل من الكويت وليبيا وباربادوس وهندوراس البريطانية وجويانا وهندوراس وجمهورية الكونغو الديموقراطية (زائير) وباراجواي وسلفادور وسورينام وسيراليون وجمهورية أفريقيا الوسطى، كما بدأت المشاركة الألمانية الشرقية. وأسهم إقامة المسابقات في أماكن على ارتفاع 2250 م عن سطح البحر، حيث تقل كمية الأوكسجين وتخف الأوزان في تدحرج الأرقام القياسية، وبعضها كان إعجازياً. فلا عجب أن يسقط 34 رقماً عالمياً و38 رقماً أولمبياً وبفوارق كبيرة ولافتة، وأن يتمكن مثلاً سبعة من المشاركين في مسابقة الوثبة الثلاثية من «كسر» الرقم الأولمبي وخمسة من «تحطيم» الرقم العالمي، وفي مقدمهم الفائز بالميدالية الذهبية السوفييتي فيكتور سانييف (39ر17 م)، في حين اكتفى الأول في دورة طوكيو عام 1964 البولندي جوزف شميدت بـ85ر16 م. واعتمد التوقيت الإلكتروني رسمياً في الألعاب للمرة الأولى علماً أن ضبط الوقت أخذ يدوياً وإلكترونياً في مسابقات ألعاب القوى والدراجات والتجذيف والكانوي كاياك والسباحة والفروسية. وأزال استخدام أرضية الترتان على مضمار ألعاب القوى أي عائق «طبيعي» أمام العدائين، وأجريت فحوصات للتأكد من الأنوثة، وكان السويدي هانز جونار ليلينوال، المشارك في الخماسية الحديثة أول المقصيين من الألعاب بداعي تعاطيه منشطاً، إذ وجدت آثار كحول في فحص بوله. وجمعت الولايات المتحدة 107 ميداليات بينها 45 ذهبية، وتصدرت الترتيب أمام الاتحاد السوفييتي الذي حصد مشاركوه 91 ميدالية (29 ذهبية). وحلت اليابان ثالثة 25 (11)، والمجر رابعة 32 (10) وألمانيا الشرقية خامسة 25 (9). ماراثون درامي ولمع الذهب في عنق العداء التونسي محمد القمودي بطل سباق 5 آلاف م (00ر05ر14 دقيقة)، وهو تقدم على الكينيين كيبكوش كينو (2ر5ر14 د) ونافتالي تومو (4ر06ر14 د). وحصد القمودي البرونزية في سباق 10 آلاف م (2ر34ر29 د) خلف تومو (4ر27ر29 د) والإثيوبي مامو وولدي (00ر28ر29 د)، ووجد وولدي مشاركته في سباق الماراتون مناسبة جداً، وهو القادم من بلد يتميز بوفرة السفوح العالية والهضاب المسطحة المحفزة للجري والخصبة بإنجاب العدائين الجيدين، ففاز مسجلاً 4ر26ر20ر2 س. لكن السباق المكسيكي كان دراما حقيقية بسبب اختلاف المناخ ومقومات الارتفاع، فمن أصل 82 عداء أخذوا إشارة الانطلاق أكمل أقل من نصفهم المسافة وبلغوا خط النهاية، وكثرت خلاله حالات الإغماء. وأفرزت دورة مكسيكو «باقة» من الأسماء التي أنهت مسيرتها أو غيرت مجرى ومفهوم المسابقات، أو أرست قواعد جديدة، ولفتت الأنظار بتصرفاتها، ونجوماً صمدوا في تاريخ الألعاب. والتمهيد السابق لا يمنعنا من الإشارة إلى الزنوج الأميركيين «ملوك» سباقات جري المسابقات القصيرة جيم هاينز وطومي سميت ولي إيفانز، ومواطنهم بطل الوثب العالي ديك فوسبيري ومايسترو رمي القرص آل أورتر، «وشهب» الوثب الطويل بوب بيمون، وجيش العدائين الكينيين بقيادة «الضابط» كينو الذي حصد بداية ذهب 1500 م، والتألق الأميركي- الأسترالي في السباحة، وقصص الأحلام في الجمباز و«عروساتها» الروسيات والتشيكوسلوفاكيات. وإذا كان العناء في جري المسافات الطويلة بسبب الارتفاع عن سطح البحر شكل عائقاً أمام كثيرين فإن خفة الأوزان سمحت بإنجازات وأرقام في الرمي والوثب، فقد توج أورتر أولمبياده الرابع بذهبية رابعة في رمي القرص، وحسن رقمه نحو أربعة أمتار مسجلاً 78ر64 م. وها هو الطالب الأميركي الممشوق القوام فوسبيري يقلب موازين الوثب العالي ومعادلاته المتعارف عليها وتقنياته المعتمدة، فقد تخطى العارضة مرتقياً على ظهره ومسجلاً رقماً جديداً مقداره 24ر2 م، مسطراً نقلة جديدة في التطور الرياضي. وأسهم انتشار استخدام الزانة المصنوعة من الألياف الزجاجية في تصاعد مؤشر أرقام القفز بالزانة على غرار ارتفاع مؤشرات أسهم البورصة، وهي باتت مثل الرفاص الذي يرفع المشاركين إلى أعلى. مسابقة افتتحها الروسي بليزنتزوف برقم مبشر (30ر5 م) أي أكثر بـ20 سنتيمتراً من الرقم الأولمبي المحقق في طوكيو بفضل الأميركي فريديريك هانسن، ثم سجل الأميركي بينيل (35ر5 م)، واختتم المهرجان الأميركي الآخر روبرت سيجرين على ارتفاع 40ر5 م، وبفارق المحاولات عن الألماني كلاوس سشبروسكي والألماني الشرقي فولفجانج نوردويج. و«بقبضة سوداء» وعزيمة لا تلين تفوق الأميركي طومي سميث في سباق 200 م، وكانت الحصيلة رقماً عالمياً جديداً دون 20 ثانية، إذ سجل 83ر19 ثانية، أي أقل بنحو نصف ثانية من الرقم المسجل في دورة طوكيو 1964. ويبدو أن انتشار النقل التلفزيوني المباشر عبر الأقمار الاصطناعية فتح شهية «أصحاب القضايا» والمناضلين لإيصال رسائلهم وكانت المسابقات الأولمبية مسرحاً مناسباً وجاذباً لهم. وذكرت صحيفة «أزفيستيا» السوفييتية أن السلطات الأميركية قررت منح كل فائز بميدالية ذهبية أولمبية مبلغ 20 ألف دولار «لإطفاء لهب الثوريين». بيمون يحلق وفي 18 أكتوبر 1968، كان استاد «أزتيك» في مكسيكو شاهداً حياً على محطة أسطورية في الوثب الطويل هي عنوان الألعاب كماً ونوعاً، جملة وتفصيلاً، بطلها الأميركي بوب بيمون، والحكام لم يحسبوا حسابها ولم تكن عندهم أساساً أجهزة قياس لتحديد مسافتها، ظن الجميع أن الفائز بالمركز الأول لن تتعدى وثبته 50ر8 م أو 60ر8 م على أبعد تقدير، لكن بيمون تخطى الخيال، فالرقم الأولمبي مقداره 07ر8 م، والرقم العالمي 35ر8 م، ورقم بيمون 90ر8 م وهو نفسه لم يصدق ذلك! يومها قيل إن على الجميع الانتظار حتى العام 2000 ربما لكسر الرقم الفلكي الجديد، لكن الأميركي مايك باول فاجأ الجميع ووثب 91ر8 م عام 1991 في بطولة العالم لألعاب القوى في طوكيو. حل بيمون بالمركز الأول، واكتفى بوثبتين فقط 90ر8 م و04ر8 م، وحل ثانياً الألماني الشرقي كلاوس بير 19ر8 م. والمفاجأة الأخرى على المضمار كانت بطلتها ابنة مدينة بوردو كوليت بوسون في سباق 400 م، التي أصبحت أول فرنسية تحرز ذهباً أولمبياً في ألعاب القوى منذ تألق ميشلين أوسترماير في دورة لندن 1948.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©