الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المدوِّنون العرب: لاجئون افتراضيون!

7 يونيو 2010 21:22
عندما تواجَه بعض الأنظمة بحرّية التعبير الذاتي، تلجأ إلى الرقابة. وحتى يتسنى تحقيق ذلك، قد يتعين على الرقيب أن يكون أسرع من القلم. وكانت تلك المهمة سهلة نسبيّاً في عهد الكلمة المطبوعة، إلا أن ثورة الإنترنت اليوم، وخاصة عالم المدونات وغيرها من الإعلام الاجتماعي على الشبكة، حوّلت مهمّة الرقابة إلى كابوس حقيقي يعاني منه الرقيب. لقد ولّت الأيام التي كانت فيها الصحف اليومية تُصادَر قبل وصولها إلى أكشاك البيع، ويوم كانت الكتب تُختَم بختم المنع وهي ما زالت في المطبعة. لقد أصبحت الكلمة بفضل البريد الإلكتروني والمدوّنات أسهل نفاذاً وأقل تكلفة، وأهم من ذلك كله أنها أصبحت تنشر وتبث بصورة أسهل وأسرع إلى القراء حول العالم. ويمكن القول إن المدوّنات تشكل أسلوب تعبير مميزاً، نظراً لسهولتها وفرص انتشارها وكونها أمراً شخصيّاً، حيث إنها تشكل دفتر ملاحظات يمكن لأي كان أن يخطّ فيه أفكاره ليراها الجميع. وتتراوح اهتمامات المدوّنين من لون لباس البحر أثناء الإجازة الصيفية إلى القضايا الاجتماعية المحلية ومصير آخر مُعارِض سياسي اعتُقل في بلد ما. وهنا تحديداً قد تلاقي الرقابة ما لا تريد. وقد أصيب المدونون في أحد البلدان المغاربية بالذهول نتيجة اعتقال فاطمة الريحاني في نوفمبر 2009، وهي صاحبة مدوَّنة مشهورة، مما أدى إلى إطلاق موجة من التضامن في أوساط مستخدمي الإنترنت في ذلك البلد. وفي يناير الماضي في بلد مغاربي آخر، وبعد سلسلة من الاعتقالات التي تعرّض لها المدونون الذين كانوا يكتبون عن المظاهرات الطلابية، أعربوا عن عدم رضاهم من خلال تنظيم "أسبوع الحزن" لتآكل سقوف حرية التعبير في بلدهم. إلا أن الرقابة على المدونات قد لا تنجح دائماً في حجب المعلومات. وحتى لو نجحت في المدى القصير، فإن النتيجة في المحصلة النهائية تكون عادة على العكس تماماً، ويعود معظم الفضل في ذلك الاختراق إلى "سحر" الإنترنت. فعلى رغم الصعوبات التي تخلقها الرقابة، حلّقتَ بعض المدونات إلى سقوف ليست لها سابقة من الشعبية، واستقطبت عدداً لا يحصى من الزيارات بعد عودتها من الاحتجاب بسبب الرقابة. وكذلك هناك أساليب أخرى يستطيع المدونون من خلالها توفير معلومات قد يحاول الرقباء تغطيتها، فالإنترنت أصبحت توفر إمكانات لا حدود لها. ويُظهِر تطوران أو تدبيران حدثا مؤخراً قدرات المدوّنين على الابتكار لتجنّب الرقابة، أولهما تحوّل المدوِّن إلى "لاجئ افتراضي"، وهو أسلوب ازدادت شعبيته في مجال التدوين. فإذا جرت مراقبة مدونته، على سبيل المثال، يستطيع طلب "وضع لاجئ" من مدوّن زميل، بحيث يعطيه وضعاً بمميزات إدارية، يستطيع به نشر مدونته من خلال صفحة زميله. وإذا انتشر هذا الترتيب فلن يكون هناك بديل على المستوى الحكومي سوى حجب كامل للمدونات على مستوى البلد كله، الأمر الذي قد يثير نقمة شعبية عارمة وتغطية إعلامية عالمية. أما التدبير الثاني فيقوم فيه المدونون بتطويق الرقابة المحتملة من خلال "النشر المتبادل"، وهي مناورة تجعل من الممكن المشاركة في المضمون نفسه على عدة مواقع أو شبكات. وعلى سبيل المثال، يمكن لآخر مقال تمت رقابته على مدونة ما أن يُنشر على صفحة "الفيسبوك" الخاصة بصاحبها، مع إضافة رابط إلى صفحة "التويتر" الخاصة به أيضاً، مما قد يحقّق تأثيراً متناميّاً مثل كرة الثلج في مشاهدة الموقع. ولا شك، أخيراً، أن المدونات قد تساعد على إزالة الحواجز أمام حرية التعبير وتسمح بالوصول السهل إلى المعلومات ونشرها. ولهذا السبب وحده، تنفتح إمكانات لا حصر لها للمدونين العرب الجادين والملتزمين بالقيم الاجتماعية والدينية، وبالقوانين الشرعية النافذة، الذين نتمنى لهم مستقبلاً مزدهراً، على كل حال. سارة قريرة - باحثة وصحفية تونسية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©