الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في الشرق الأوسط... تراجع حاد لشعبية أوباما

في الشرق الأوسط... تراجع حاد لشعبية أوباما
7 يونيو 2010 21:16
بعد مرور عام على تعهد الرئيس أوباما ببدء صفحة جديدة من علاقات بلاده بالعالم الإسلامي، عبر خطاب تاريخي ألقاه بهذا الخصوص في القاهرة، تحول معظم الحماس الذي رافق ذلك الخطاب إلى مشاعر إحباط عام في منطقة الشرق الأوسط. فقد أنعش خطاب أوباما في القاهرة الذي حدد فيه الخطوط العامة لعلاقة جديدة لأميركا بالعالم الإسلامي، تقوم على الاحترام والمصالح المتبادلة، آمال الكثيرين في المنطقة في أن تجري إدارته تغييراً كبيراً في سياسات سلفه السابق بوش. ولكن على رغم أن الكثيرين لا يزالون يقتنعون بحسن نوايا أوباما إزاء المنطقة، فقد تبددت تلك الآمال شيئاً فشيئاً بسبب عجزه عن الوفاء بما وعد به، إلى درجة دفعت البعض للاعتقاد بأن أوباما بدأ يتراجع فعلاً عن المواقف التي أطلقها في خطاب الرابع من يونيو في القاهرة، العام الماضي. ومن بين هؤلاء ترى رنا جبور، وهي مختصة في الاستثمار المصرفي، أنه ليس هناك من مواقف أوباما العملية حتى الآن ما يتوافق و"البداية الجديدة" التي تعهد بها فيما يتصل بعلاقات أميركا بالعالم الإسلامي. وتشعر رنا بالإحباط مما تراه عودة إلى خطابية بوش عن الإرهاب. وتخشى من أن يستخدم الإرهاب مجدداً كذريعة من أجل توجيه ضربة عسكرية أخرى في المنطقة. كما انتقدت رنا ما وصفته بكونه قراراً أحاديّاً من جانب أوباما مشيرة بذلك إلى قرار إرسال قوات إضافية إلى أفغانستان. أما بشأن حل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، والحديث لا يزال لرنا، فلم تتخذ خطوات عملية ملموسة بعد، ومما لاشك فيه أن المنطقة بكاملها تتأثر بهذا النزاع. وأكدت، في هذا المقام، أن المراقب ليس الآن بحاجة إلى بذل أي مجهود يذكر في ملاحظة المواقف المتناقضة التي تنسب لأوباما أو تصدر عن إدارته. يجدر بالذكر أن هجوم إسرائيل الأخير على "أسطول الحرية" في الحادي والثلاثين من شهر مايو المنصرم، الذي سقط جراءه تسعة من ناشطي السلام، وما أعقب ذلك من ردة فعل دولية غاضبة من مختلف حكومات العالم على ما حدث، أصبح محكّاً آخر جديداً يطالب فيه أوباما بإثبات كونه حليفاً للعالم الإسلامي وليس عدوّاً له. وحسب رأي "سوات كنكلوج" نائب رئيس العلاقات الخارجية بـ"حزب العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا- فإن مما لاشك فيه أن استخدام إسرائيل المفرط للقوة في مواجهة مدنيين أبرياء على متن تلك السفينة التي تعرضت للهجوم، يمثل اختباراً جديداً لمصداقية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وقال "كنكلوج" في مقال الرأي الذي نشره بهذا الشأن إن الولايات المتحدة نفسها هي التي تحدد طبيعة الشرق الأوسط الذي تتعامل معه مستقبلاً، من خلال استجابتها لأفعال إسرائيل وممارساتها العدوانية ضد شعوب المنطقة. يذكر أن أوباما كان قد وعد في خطاب القاهرة بمكافحة التطرف والعنف على نحو يفتح الطريق أمام مشاركة العالم الإسلامي في هذا الجهد وليس من خلال إقصائه، خاصة فيما يتعلق بالتعاون المشترك من أجل حل الأزمة النووية الإيرانية، فضلاً عن تعهده بدعم عمليات التحول الديمقراطي في المنطقة. بيد أن التعهد الأهم الذي قطعه أوباما على نفسه في ذلك الخطاب يتمثل في اتخاذ خطوات جدية نحو حل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. ولكنه في الحقيقة اكتفى بمجرد الدفع بهذه العملية، على حد قول "جوشوا لانديز" -مدير مركز الدراسات الشرق أوسطية بجامعة أوكلاهوما، والخبير البارز في الشؤون السورية- وطالما استمر هذا الاتجاه فإن المتوقع هو أن تمضي الأمور نحو الأسوأ. ووفقاً لنتائج آخر استطلاعات الرأي التي أجرتها YouGov فإن نسبة 60 في المئة من عينة الاستطلاع تعتقد اليوم أن أوباما ضعيف للغاية إلى درجة يعجز معها عن إبرام صفقة سلام بين الطرفين المتنازعين. هذا مع أن نتائج الاستطلاع نفسه توصلت إلى أن نسبة 58 في المئة من المستطلعة آراؤهم تعتقد بحسن نوايا أوباما. ويرى لانديز أن أوباما سرعان ما أدرك تكلفة إبرام صفقة للسلام تقوم على حل الدولتين المستقلتين، فقرر التراجع عن ذلك التعهد برمته. ولكن المشكلة أن هذا التراجع بدأ يكلف الولايات المتحدة ثمناً باهظاً في علاقاتها مع حلفائها الإقليميين، لاسيما تركيا ودول الاعتدال العربية، وقد بدأت هذه الدول الابتعاد نوعاً ما، وأخذ مسافة أمان مناسبة من بعض سياسات واشنطن. وهذا ما دفع "لانديز" إلى القول: "إذا ما نظرنا في نهاية الأمر إلى حصاد سياسات واشنطن في المنطقة، فسيتضح لنا أننا خسرنا من الأصدقاء والحلفاء أكثر مما نكسب بكثير"! غير أن هذه النظرة التشاؤمية إلى صورة أميركا في المنطقة ليست عامة على أية حال. فالباحث عمرو حمزاوي -مدير المركز الإقليمي لمؤسسة كارنيجي بالشرق الأوسط في بيروت- يرى أن إدارة أوباما أبلت بلاءً حسناً في الكثير من الوعود التي قطعتها لشعوب المنطقة. ففيما يتصل بعملية السلام على سبيل المثال، لابد من الاعتراف بحسن أداء الإدارة فيها، إذا ما أخذنا في الاعتبار الظروف الواقعية على الأرض، كما يقول. ويشير حمزاوي كذلك إلى إيجابية أداء الإدارة في العراق، حيث عقدت انتخابات حرة نزيهة، بينما التزمت واشنطن بالجدول الزمني المقرر لانسحاب جميع قواتها المرابطة هناك. ويمكن القول كذلك إن واشنطن قد بادرت بالتفاوض الدبلوماسي مع طهران بغية حل أزمتها النووية، قبل أن تقرر العودة إلى طريق فرض العقوبات الدولية عليها. ولكن على عكس هذه النظرة الإيجابية، يشكو ناشطو الديمقراطية الإقليميون من عدم بذل إدارة أوباما ما يكفي من جهد أو عزم في مواجهة بعض أنظمة المنطقة، خلافاً لمواقف إدارة بوش السابقة التي ضغطت على بعض هذه الأنظمة للمضي قدماً نحو الإصلاح السياسي خلال عامي 2004 - 2005 قبل أن تتراجع عن تلك السياسات فيما بعد. وهناك طبعاً عدد كبير من المحللين السياسيين الإقليميين ممن يعتقدون أن الولايات المتحدة أضعفت بالفعل مواقفها جراء عدم وفائها بالتعهدات التي قطعها رئيسها لشعوب المنطقة. كريستين تشيك - القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©