الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ابتسام عبدالعزيز تلتقط صوراً تتأرجح بين الحلم واليقظة

ابتسام عبدالعزيز تلتقط صوراً تتأرجح بين الحلم واليقظة
8 ابريل 2011 22:40
يُقام في إطار المعارض التي يشتمل عليها بينالي الشارقة لدورته العاشرة في متحف الشارقة للفنون بالشارقة القديمة، ومواقع فنية أخرى بالمنطقة نفسها، المعرض الفوتوغرافي للفنانة ابتسام عبد العزيز “دوائر المرأة” الذي يستمر حتى السادس عشر من الشهر الجاري موعد انتهاء البينالي الذي تقيمه مؤسسة الشارقة للفنون. ينتمي معرض “دوائر المرأة” إلى ما يسمى بالأداء الحركي، لكن ابتسام عبد العزيز اختارت نوعاً من هذا الأداء بعينه الذي يعتمد على التقاط أوضاع محددة للمرأة في فضاء خاص بواسطة الكاميرا، أي أن هذا الاداء الحركي لا ينتمي إلى فن تصميم الرقص، بل بالجسد في ثباته ضمن وضع غير متحرك، بحيث يعطي للناظر إلى الصورة، أو إلى الصور بأكملها فكرة محددة. وبحسب العنوان “دوائر المرأة” فإن المرأة هي محور الأعمال جميعاً التي تدور حولها الفكرة الأساسية للمعرض في فضاء واحد من ثلاثة ألوان لا تتغير في الصور كلها هي: الأزرق بتدرجاته الذي يشكل خلفية كل عمل فوتوغرافي وبالتالي ما يحمله الأزرق من معانٍ تشير غالبا إلى الفضاءات الواسعة والتوق والرغبة مثلما يشير إلى نوع من الإحساس بالكآبة أو ما شابه ذلك من مشاعر يمنحها للمتفرج الوضع الذي تبدو فيه المرأة كما أرادت لها ابتسام عبد العزيز أن تظهر عليه. أيضاً ثمة الأسود الذي ترتديه المرأة بكامل جسدها فلا يبين منه شيئاً بحيث لا يرى الناظر إلى أي عمل ملمحاً لوجه أو لأخمص قدم، والأسود هنا ليس بأسود الحداد او ما شابه بل أسود الداخل والخارج معا إذ يتقاطعان على جسد المرأة فتغيب هويته لتصبح المرأة أيَّ امرأة كانت، وربما ستكون، فاللون هنا، الإحساس الذي يصنعه لدى الناظر إلى العمل سابق على التشكيل، وربما هو إشارة إلى أن التغييب قد جرى تقصّده فلا يعود هناك شعور لدى المرأة بفرديتها ولا يعود لها الحقّ بالاحتفاظ بقَدْرٍ من الخصوصية بوصفها كائناً. أما الأبيض الذي يظهر في الصورة على شكل حَلَقات تمسك بالجسد من جذعه تماماً وقد شلّت من حركته، فلا يدري المرء لماذا تخطر في ذهنه مباشرة فكرة “حزام العفة” التي كانت سائدة في أوروبا الاقطاعية في القرون الوسطى، غير أن الأبيض أحياناً هو رديف الموت أيضا، لكنه هنا موت لا يُميت إنما لديه المقدرة على أنْ يُبقي الميّت مرتدياً ثياب العيش اليومي والعادي. والجسد في الأعمال جميعاً لا يفارقه هذا الأبيض بل هو في تناقضه مع الأسود وتباينه مع الازرق يصنع ذلك التوازن والتناغم في أعمال “دوائر المرأة” ويجعل منها لافتة للعين بمفارقتها اللونية التي تقود الناظر إلى العمل إلى التأمل فيه ومراقبته. لكنّ ما يلفت الانتباه للوهلة الأولى هو أن ابتسام عبد العزيز تقدم أطروحتها الجمالية والفكرية في “دوائر المرأة” بعيداً عن الشعار والإيديولوجية سواء اكانت نسوية أم غير ذلك، بل إنها بلا موقف “ثوري” أو “تثويري” أو حتى تنويري، إنما تطرح مشروعها وفقاً لمعنيين: الأول منهما هو التشكيلي المحض مثلما هو متعارف عليه في فن التصوير الفوتوغرافي الذي تجري فيه صناعة الصورة بتقصّد يخلو من أية عفوية، وهي مدرسة قائمة بحد ذاتها في التصوير الفوتوغرافي فتبرز عبر أداء راقصة باليه استعانت بها لتنفيذ أفكارها، والهدف هو إعادة تشكيل جسد المرأة بما يعبّر جمالياً عن حركاته وسكناته ورغباته وأشواقه العليا في سياق متصل من الأوضاع التي تحمل طابعاً خاصاً يوحي بما هو عليه حال المرأة في المجتمعات العربية إجمالًا، ومثلما هي كائنة عليه أو مثلما تراها الفنانة إنما بتوازن دقيق بين ما يُراد قوله صراحة ودون مواربة وبين مجموعة المُثُل والقيم السائدة اجتماعياً تجاه المرأة عموماً وتجاه جسدها على وجه التحديد، حيث لا أفكار مسبقة أو موروثة سلباً أو إيجاباً عن المرأة وبما لا يحدّ من طاقة الخيال على الابداع. كما لو أن الأعمال في صمتها الذي يقول الكثير من الصُراخ، هو “حالة” مسرحية في حدّ ذاتها إنما تنتمي إلى ذلك النوع من التمثيل الذي يُعى بالبانتومايم، أي التمثيل الصامت حيث ليس بوسع المرأة التي تعيش في قيدها سوى أن تبقى جاثية على أربع باستثناء صورة واحدة فقط، إنما تقف فيها على قدم واحدة فتبدو كما لو أنها على وشك السقوط في اليقظة أو الحلم.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©