الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانقلابات.. هل تثبط النمو الاقتصادي؟

22 يوليو 2016 22:28
بينما تتراجع حالة الفوضى التي سادت تركيا، يتساءل المستثمرون عما يمكن أن يعنيه حدوث انقلاب فاشل لمستقبل الدولة الاقتصادي؟ وتظهر القصص الإخبارية العديد من العناصر المتضاربة في هذا الصدد، ومن الصعب الآن تقديم مزاعم محددة عما يمكن أن تتوقعه البلاد. ولكن على رغم ذلك نستطيع التحول إلى السجل التاريخي الأوسع، الذي يشير إلى أن القيام بمحاولات انقلاب فاشلة ضد الحكومات الديمقراطية لا يؤدي إلى انخفاض معدلات النمو بشكل كبير في هذه البلدان. وقد خرج «إيريك ميريسون»، وهو أستاذ مساعد بمعهد استوكهولم للتحولات الاقتصادية، بالرؤية الأكثر شمولًا حول هذا السؤال، وذلك في بحث بعنوان «الرجل السياسي يمتطي حصان الانقلابات والتنمية». والبيانات التي يقدمها تسمح لنا بالنظر إلى الانقلابات الاستبدادية مقابل الانقلابات الديمقراطية، وأيضاً إلى الانقلابات الناجحة مقابل الانقلابات الفاشلة خلال الفترة من 1955- 2001. ونقطة الفصل المبدئية ضرورية لتقييم تأثيرات النمو اللاحقة للانقلابات. وفي الأنظمة الاستبدادية، غالباً ما تؤدي الانقلابات الناجحة إلى تحسين الأداء الاقتصادي، ربما من خلال تغيير زعيم غير كفؤ أو حاقد. وفي الدول الديمقراطية، على رغم ذلك، يرتبط الانقلاب الناجح بانخفاض في معدلات النمو للفرد بمتوسط 1- 1,3 في المئة سنوياً خلال العقد التالي. وفي المتوسط، فإن هذه الانقلابات تؤثر على الإصلاحات الاقتصادية المفيدة، ولاسيما بالنسبة للقطاع المالي. وعندما ينجح انقلاب في الإطاحة بحكومة منتخبة، فهو يؤدي عادة إلى جلب قائد عسكري وإحداث تغييرات كبيرة في السياسة، لا تكون دائماً إلى الأفضل. وهناك علاقات على المدى الطويل لمثل هذه الانقلابات الناجحة ضد الديمقراطيات مع انخفاض معدلات الاستثمار، والتعليم وارتفاع معدل الوفيات بين المواليد. وقد فشل الانقلاب الأخير في تركيا في غضون أقل من 24 ساعة. وبالنسبة للانقلابات الفاشلة في الديمقراطيات تكون النتائج العامة مختلفة تماماً. وفي الواقع، فمن الصعب تمييزها عن آثار عدم وجود نمو اقتصادي على الإطلاق. ونظراً لعدم دقة البيانات الإحصائية، فإن هذا لا يثبت أن الانقلابات الفاشلة لا تكون لها تأثيرات على النمو، ولكن يمكن القول إن الأرقام لا تعطينا سبباً واضحاً للقلق، أو على الأقل بالنسبة للأفق الزمني الذي اختاره «ميريسون» ويمتد لعشر سنوات. وربما يكون هذا سبباً في أن أسواق الأصول لا يبدو أنها تشعر بالذعر جراء محاولة الانقلاب الفاشلة الأخيرة في تركيا. ولاشك أن هناك بعض الآثار الممكنة أو حتى المحتملة للاضطرابات الأخيرة على المدى القصير، مثل انخفاض معدلات السياحة أو الاستثمار الأجنبي. ومع ذلك، فإن البيانات، ككل، تظهر أن الأسس طويلة الأجل للديمقراطيات في مواجهة تحدي الانقلابات الفاشلة تميل إلى إعادة تأكيد نفسها خلال عشر سنوات، وتلك الاضطرابات قصيرة المدى تنتهي بأن تكون أقل أهمية مما قد نعتقد. ومن ناحية أخرى، فإن الانقلابات في الأنظمة الاستبدادية والأنظمة الديمقراطية ذات عواقب مختلفة في المتوسط. ففي نظام استبدادي، يكون الانقلاب في بعض الأحيان وسيلة عادية أو مقبولة لتغيير السلطة من مجموعة إلى أخرى. ولكن عندما ينجح انقلاب في نظام ديمقراطي، فإن هذا يكون إشارة إلى أن المؤسسات العادية الناظمة لانتقال السلطة مؤسسات مختلة، ويكون الانقلاب أيضاً إشارة إلى أنه لا يمكن إصلاحها ببساطة. ولذلك، فإن انقلاباً في نظام ديمقراطي يكون حدثاً أكثر إثارة، على الأقل بالنسبة للنمو الاقتصادي، ولذا يكون من المهم بشكل خاص أن تفشل مثل هذه المحاولة. وعندما يفشل انقلاب في نظام ديمقراطي، تكون هناك إشارتان متضاربتان. فالخبر السلبي يتمثل في أن مثل هذا الانقلاب ما كان يعتقد أنه ممكن على الإطلاق. والخبر الإيجابي، على الأقل بالنسبة للاستقرار، هو أن الحكومة الديمقراطية كانت في الواقع قادرة على صد التمرد، كما كان الوضع حقاً في تركيا. وعلى الأقل في المتوسط، يبدو أن هناك تأثيراً متوازناً هنا. وهناك أسطورة واحدة عن الانقلابات هي أنها تتبع فترات طويلة من التراجع الاقتصادي. وهذا غالباً ما يكون صحيحاً بالنسبة للانقلابات التي تحدث في الأنظمة الاستبدادية، ولكن ليس الحال كذلك بالنسبة لتلك التي تحدث في الأنظمة الديمقراطية. وعلى النقيض، فإن ما تحدث في الأنظمة الديمقراطية غالباً ما تتبع فترات من النمو الاقتصادي الكبير، على رغم أنه أحياناً يكون مصحوباً بأزمة في نهاية سباق إيجابي. وكان هذا هو الوضع بالنسبة للانقلاب الذي حدث في تشيلي عام 1973 وأيضاً الانقلاب التركي عام 1980. ومؤخراً، كانت تركيا تحقق نمواً بمعدلات تبلغ 4 في المئة، وهذا ليس بالأداء السيئ. والمعطيات الاقتصادية قد لا تعبر بالضرورة عن كل الآثار الاجتماعية والسياسية للانقلابات، بما في ذلك على سبيل المثال التأثير على الدين والنوع والأنظمة القانونية والمكانة الدولية وكثير من المتغيرات الأخرى. * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©