الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوروبا وتحديات الذكاء الاصطناعي

1 مايو 2018 21:46
في مختبر «بريستول» للروبوتات جنوب غرب بريطانيا، كانت العشرات من الآلات المعدنية الصغيرة مهيأة للرقص على سطح أبيض لامع في تجارب على «الاحتشاد» لتتبع كيفية تنظيم نفسها والعمل معاً. يعكس المشهد في هذه المنشأة الممولة من الاتحاد الأوروبي ما تحاول القارة القيام به حالياً للتنافس مع الولايات المتحدة والصين في مجال الذكاء الاصطناعي. وقالت المفوضية الأوروبية إنها ترغب في إنشاء شبكة تضم مئات مما يطلق عليه مراكز الابتكار الرقمية التي تشبه مختبر «بريستول»، ويهدف ذلك إلى مساعدة الشركات والعلماء في أوروبا على العمل معاً لتعزيز البحث واستخدام التكنولوجيات الجديدة بين الآلاف من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد. وأوروبا لديها بالفعل اثنان من أكبر شركات الروبوتات في العالم، وهما شركتا «إيه بي بي» المحدودة في سويسرا، و«كوكا إيه جي» في ألمانيا. ورغم ذلك، ليس لديها منصات إنترنت بنفس حجم شركة «جوجل» أو شركة «تينسينت هولدينجز» المحدودة في الصين لاستيعاب البيانات التي تشكل الأساس للعديد من التطورات التكنولوجية الحالية في الذكاء الاصطناعي. والأسوأ من ذلك، أن شركات التكنولوجيا الأميركية والصينية هذه تتمتع بحجم هائل من الأموال تسمح لها ليس فقط بتمويل الأبحاث باهظة التكلفة، بل أيضاً جذب الشركات الناشئة الناجحة في أوروبا. واشترت شركة صينية «كوكا» الألمانية، بينما استحوذت «جوجل» على شركة «ديب مايند»، النجم الناشئ في مجال الذكاء الاصطناعي داخل المملكة المتحدة. وهناك مشكلة، وهي أنه على الرغم من الجهود المبذولة لبناء سوق رقمية موحدة، فإن عدد سكان الاتحاد الأوروبي البالغ 500 مليون نسمة مقسم بين 28 دولة. ولذا، فإن الجامعات، والتمويل والشبكات الأخرى التي تدعم البحث مفككة. أما الصين وشركاتها، في المقابل، فيمكنها استخدام بيانات 1.4 مليار مستخدم محتمل في سوق واحد. كما أن شركة «فيسبوك» وحدها لديها أكثر من ملياري مستخدم في جميع أنحاء العالم. يقول «أندروس أنسيب»، نائب رئيس المفوضية الأوروبية لشؤون السوق الرقمية الموحدة: «تتطلب المنافسة الدولية الشرسة عملاً منسقاً ليكون الاتحاد الأوروبي في طليعة طفرة الذكاء الاصطناعي». ومن المحتمل أن يزداد هذا الوضع سوءاً بعد أن تترك المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي العام القادم. يقول «ديليمي» إنه قد طُلب منه مواصلة العمل كالمعتاد في الوقت الحالي، ولكن ليس من الواضح ما إذا كان التمويل الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي سيكون قادراً على إضافة مختبرات المملكة المتحدة إلى شبكته الجديدة. ويشير مسؤولو المفوضية إلى البيئة البحثية الأوروبية، لكنهم قلقون من أنه عندما يتعلق الأمر بتمويل هذه الأفكار ستتخلف القارة عن الركب. وتعد الهواتف المحمولة مثالاً على ذلك. فالشركات الأوروبية أخذت زمام المبادرة، لكنها لم تدخل في صناعة الهواتف الذكية، بينما أصبحت أنظمة التشغيل غير الأوروبية – «أندرويد» و «أي أو إس» – هي معايير الصناعة. وبينما توجد في العالم أكثر من 230 شركة ناشئة يتجاوز تمويلها المليار دولار، والمعروفة باسم الشركات «أحادية القرن» - مثل «جوجل» و«تينيست» - يبلغ عدد الشركات المماثلة في الاتحاد الأوروبي 23 شركة فقط، نصفها في المملكة المتحدة. أما الصين، فلديها 65 شركة، أما الولايات المتحدة، فلديها 115 شركة. وترى المفوضية أن الحل يتمثل في ضخ المزيد من الأموال لزيادة مخصصات البحث في مجال الذكاء الاصطناعي في القارة العجوز، والتي تبلغ قيمتها 20 مليار يورو، وتوفير مزيد من التدريب المهني، وحقوق أرخص للشركات لإعادة استخدام البيانات الضخمة التي يجمعها القطاع العام المتطور للغاية في أوروبا من خلال خدمات الصحة والنقل وغيرها، وإنشاء شبكة جديدة من مراكز التواصل البحثي والتجاري، على غرار عملية ديليمي في بريستول. *صحفي مقيم في لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©