الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سياسيات أميركا» وثقافة المظلومية

1 مايو 2018 21:46
يتعرض «جونثان تشايت» من مجلة «نيويورك لهجوم كاسح على «تويتر»، أما جريمته، فهي أنه كتب عن صعود نخبة النساء السياسيات داخل الحزب «الديمقراطي» ملمحاً إلى أنه ينبغي على اليسار – إنْ أراد مساعدة ذاك الصعود – أن ينفق وقتاً أكثر في الحديث عن نقاط قوة هؤلاء النساء وإنجازاتهن، ووقتاً أقل في الشكوى من أن السيناتورة «كمالا هاريس» (الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا) قوطعت عندما كانت تتحدث خلال جلسة استماع من قبل زملاء ذكور، أو أن زملاء كرستن جيليبراند (الديمقراطية عن ولاية نيويورك) أبدوا تعليقات مازحة عن وزنها ومظهرها. المنتقدون لم يعجبهم ذلك. ومعظم الردود كانت من قبيل: كيف يجرأ رجل، ليست لديه أي فكرة عن المعاناة، على إسكات شكاوى محقة ومبرَّرة حول هيمنة المجتمع الذكوري. وفي هذا السياق، قالت مستشارة الإعلام الرقمي «هايدي مور» على «تويتر»: «إن جونثان يكشف عن رغبته في مهاجمة النساء بدلاً من الاستماع إلى ما لديهن ليقلنه عن شخصياتهن». وكانت ترد على محاولة تشايت الدفاع عن نفسه من تهمة أنه لا يعرف كيف تشعر النساء من خلال الإشارة - على نحو معقول - إلى أن مقاله استشهد بآراء أستاذتين متخصصتين في دراسة النساء اللاتي يعملن في مجال السياسة. وهكذا، أنيطت بامرأة أخرى – كاتبة هذه السطور – مهمة الإشارة إلى أن «تشايت» محق تماما. فثقافة المظلومية وتقمص دور الضحية موجودة بالفعل، مثلما وثّق ذلك عالما الاجتماع «برادلي كامبل» و«جايسون مانينغ» بشكل كاف. وهي منتشرة على الخصوص في المؤسسات اليسارية، مثل الوسط الأكاديمي. ولكنها ربما لا تسدي خدمة للنساء السياسيات. وربما سيكون من الجيد لو كان الناخبون يختارون السياسيين بناء على مدى الإجحاف الذي يعامَلون به - أو تعامَل به مجموعتهم - من قبل المجتمع. كان ذلك سيؤدي بكل تأكيد إلى تغيير مهم، ولكن يبدو أن الناخبين الأميركيين ليسوا مهتمين باختيار مرشحين بناء على قدرتهم على تصحيح حالات الإجحاف الديموغرافية التاريخية، ناهيك عن أن يختاروهم على أساس حجم سوء المعاملة الذي تعرضوا له شخصياً. وبشكل عام، يبدو أنهم معجبون في معظمهم بالمرشحين طويلي القامة والجذابين، والذين يعطون الانطباع بالقوة - بطل مقاتل يستطيع هزم أعدائه في معركة واحدة،وجلب الغنيمة إلى البيت. ومما لا شك فيه أن ثمة قدراً كبيراً من التمييز ضد النساء في هذا النوع من التفضيلات. هل هذا أمر مجحف؟ أجل. وللأسف، فإنه حقيقة أيضاً. ولكن الحقائق السياسية المجحفة لا تنتهي فقط لأن مجموعة على «تويتر» انبرت لانتقاد ومهاجمة أي شخص يلاحظها. وهو ما كان يحدث كثيرا كلما أشار أحد إلى أن هيلاري كلينتون مرشحة تفتقر للجاذبية بالكامل. وهذا يحدث من جديد لـ«تشايت» فقط لأنه أشار إلى أنه ينبغي علينا أن نبرز ونركز على نقاط قوة النساء السياسيات، بدلاً من نقاط ضعفهن. إنها طريقة فظيعة للتعاطي مع النقاشات السياسية. وشخصياً، أتفقُ مع «تشايت»، ولكن حتى إنْ كان مخطئاً، فإن الاعتقاد بأن الناخبين يُعجبون بالمرشحين الذين يبدون أقوياء ليس جنونياً ولا رجعياً. ولا يستحق رد الفعل الذي أثاره. كما أن قضية المدافعين عن الحركة النسوية المتمثلة في وضع مزيد من السيدات في المناصب السياسية تتطلب التركيز على الجوانب الإيجابية في المشاركة النسائية، وليس الانهماك في التركيز على تجاوز حدث أثناء جلسة استماع في الحزب «الديمقراطي». *محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©