الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأعضاء هم الأعداء!

1 مايو 2018 21:45
الفرقة الناجية من بين الفرق الثلاث والسبعين الهالكة التي تحدث عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي بكل بساطة الفرقة التي ليست فرقة، هي التي لا تعمل تحت لافتة، ولا عنوان، ولا شعار، ولا خيمة، ولا فسطاط، ليست جماعة، ولا منظمة، ولا تنظيماً. ليست «إخواناً»، ولا سلفيين، ولا «داعش»، ولا نُصرة، ولا «حزب الله»، ولا«أنصار الله»، ولا «نصرة»، ولا «فتح الشام»، ولا «جيش الإسلام، ولا«القاعدة»، ولا «ليبراليين»، ولا «قوميين»، ولا «ناصريين»، ولا اشتراكيين ثوريين.. هي الفرقة «اللي ما تتسماش» على رأي المصريين.. وأحسبني أنا وأنت وهو وهي منها إن شاء الله، لا سُنة ولا شيعة، ولا حنابلة ولا شافعيين، ولا أحناف ولا مالكيين، هي عامة المسلمين أو جماعة المسلمين بشرط ألا تسمى نفسها «الجماعة الإسلامية». مسلم وكفى، والمسلم إذا تسمى تسمم وسمم من حوله، إذا وُصف قصف وقصف من حوله. أنا مسلم وكفى.. لا إخواني، ولا سلفي، ولا سُني، ولا شيعي.. ودمي معصوم وحرام، لأنني أشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.. وإذا انتميت مت.. وإذا التحقت بفرقة.. أي فرقة وإذا ناصرتها وأيدتها وتعاطفت معها فسوف أكون من الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً. وإذا اعتزلت اعتدلت، لأنني سأتبع قرآني وسُنة رسولي، ليس لي مرشد ولا نائب مرشد ولا أمير جماعة ولا زعيم حركة. الدين ثم الوطن وكفى. ليس بيني وبين ربي وسيط، لا طاعة لمخلوق، ولكن الطاعة لله ورسوله ولأولي الأمر، حتى طاعة أولي الأمر تكليف إلهي وليست من عندي، وإذا سألت فسأسأل الله، وإذا استعنت فسأستعينُ بالله. لا أحد يعالجني بالقرآن، ولكني أداوي به نفسي، لا ملجأ من الله إلا إليه، ولا مفر من قضائه إلا إليه. لا أتقرب إلى الله بوسيط، فهو قريب وأقرب ما يكون إليّ وأنا ساجد لا وأنا في حضرة مرشد أو داعية أو أمير جماعة. الفرقة فُرقَةٌ.. كل الفرق على باطل إلا فرقتي التي ليست فرقة ولا جماعة ولا منظمة ولا تنظيماً ولا تياراً.. والفِرق شرك بالله والانتماء إليها شرك بالله عز وجل.. ولا أقول هو أقرب إلى الشرك.. بل هو شرك صراح بواح.. والشرك ليس فقط عبادة أصنام وأوثان من حجر أو شجر، بل الأخطر عبادة البشر من دون الله أو مع الله. فالذي يعبدُ من دون الله كافر، والذي يعبد مع الله مشرك، والله تعالى يقول: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ)، «سورة يوسف: الآية 106».. انتبهوا.. قال أكثرهم.. فأكثر الناس مشركون، ولا يشعرون مثل المفسدين، ولا يشعرون.. وفي عصرنا هذا تطور الشرك إلى عبادة البشر بدلاً من عبادة الحجر.. وكما كان المشركون يقولون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تبريراً لعبادة الأصنام: (... مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى...)، «سورة الزمر: الآية 3».. يقول أتباع الفرق والتيارات والتنظيمات.. إننا ننضم أو نناصر أو نتعاطف مع الإخوان أو غيرهم ليقربونا إلى الله زلفى.. هي نفسها وبكل تفاصيلها عبادة الأصنام.. تتبدل الأصنام، والفكر واحد، والغباء واحد، والحماقة واحدة.. حتى أن كثيراً من المصريين كانوا يقولون: إننا نعطي أصواتنا لـ«الإخوان» لكي نكفر عن ذنوبنا، فأصواتنا للإسلاميين، أو المتأسلمين، أو للفرق الهالكة في رأيهم كفارة للذنوب، فهم يتبركون بالأصنام البشرية لتقربهم إلى الله زلفى، وهم يناصرون المتسربلين بالدين ليتقربوا إلى الله، فأصواتهم وتعاطفهم قرابين تماماً، مثل طريقة صكوك الغفران قبل عصر النهضة في أوروبا. والذين أطلقوا شعار «الإسلام هو الحل»، اكتسبوا التعاطف والأنصار الحمقى الذين يؤخذون إلى الهاوية بكلام حق يراد به باطل. ولم يسأل أحد: أي إسلام هو الحل؟ فقد جعلت الفرق الإسلام ألف إسلام يضاد بعضها بعضاً.. هؤلاء الذين قالوا إن «الإسلام هو الحل»، يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.. وهم الذين فرقوا ديننا وجعلونا شيعاً، وهم الذين اتخذوا إلههم هواهم، فضلوا وأضلوا الناس بعلم. هم الذين جعلوا الأمة شظايا متناثرة. إذا اشتكى منها عضو تداعى له سائر الأعضاء والأعداء بالقتل والذبح والإجهاز عليه، لا بالسهر والحمى من أجله، وصار المسلمون والعرب أعداء أنفسهم، وراحوا يرمون الشرق والغرب بأنهم أعداء العرب والمسلمين.. الأعضاء هم الأعداء وليس العدو من الخارج أبداً.. وقتلانا بأيدينا أضعاف أضعاف قتلانا بأيدي من نسميهم أعداء العروبة والإسلام.. وكل الفرق قامت على الكراهية لا على الحب. ليس حباً لله ولا للإسلام وإنما كراهية في الآخر المسلم أو غير المسلم... وهذه الفرق هي التي تزعم أن غيرها على باطل، وأن غيرها كافر وأن من ليس معها فهو ضدها وهو مرتد.. والجسد الإسلامي والعربي لم يعد واحداً. صار واحداً في الصورة، ولكن في الأصل كل الأعضاء فيه أعداء. الجسد العربي والإسلامي يقتل نفسه بأعضائه الذين تحولوا إلى خلايا سرطانية تدمره كله. وكل هذا بسبب الفرق الهالكة المهلكة. وهذه الفرق التي تزعم أن الكتب السماوية غير القرآن تعرضت للتحريف، هي التي عرضت القرآن الكريم لتحريف أخطر. فإذا قيل إن الإنجيل والتوراة تعرضاً لتحريف النص، فإن القرآن الكريم تعرض على أيدي تلك الفرق الهالكة إلى تحريف التأويل والتفسير، وجعله قراطيس يخفون بعضه، ويبدون بعضه وتحريف المعنى أخطر مئات المرات من تحريف المبنى.. حتى صار القرآن بالمعنى ألف قرآن رغم أن النص لم يتعرض لأي تبديل أو تعديل أو تحريف.. القرآن الكريم صار مجرد رقيات.. وكتاب موتى تتلوه في المآتم وسرادقات العزاء ولا تتلوه في سرادقات الأفراح.. كل هذا على أيدي الفرق الهالكة المهلكة. والجسد الإسلامي والعربي واحد في الصورة، ولكن في الأصل.. الأعضاء هم الأعداء! *كاتب صحفي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©