الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

التيسير في الإسلام منهج ديني وأسلوب حياة

التيسير في الإسلام منهج ديني وأسلوب حياة
21 يوليو 2016 23:37
أحمد مراد (القاهرة) وصف علماء في الأزهر، الشريعة الإسلامية بالوسطية والسماحة التي تميل في جميع قيمها ومبادئها وتعاليمها وقواعدها إلى اليسر والتيسير، وتدعو المسلم في كل مواقف حياته إلى أن يختار الأيسر والأسهل له، مؤكدين أن دعوة الإسلام إلى التيسير لا تقتصر على الجوانب الحياتية للمسلم بل تمتد أيضاً إلى العبادة والطاعة لله تعالى، حيث يرفض الدين الحنيف الغلو في العبادة والإفتاء بغير علم حتى لا يتحمل العبد ما لا يطيق، وهو ما يؤكد أن التيسير في الإسلام منهج ديني وأسلوب حياة يسهم في التخفيف على الناس في سائر أمور حياتهم. شريعة وسطية توضح د. إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن الإسلام الحنيف جاء بشريعة وسطية سمحاء تميل في جميع قيمها ومبادئها وتعاليمها إلى اليسر والتيسير في كل جوانب الحياة، وتدعو المسلم في كل مواقف حياته إلى أن يختار الأيسر والأسهل له، وأن يكون متسامحاً سهلاً بسيطاً حتى في أصعب المواقف الحياتية، مشيرةً إلى أن دعوة الإسلام إلى التيسير لا تقتصر على الجوانب الحياتية للمسلم بل تمتد أيضاً إلى العبادة والطاعة لله تعالى، حيث يرفض الدين الحنيف الغلو في العبادة، وتشدد الكثير من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية على ضرورة التيسير في العبادة والطاعة والإفتاء بغير علم حتى لا يتحمل العبد ما لا يستطيع أن يتحمله، وحتى لا تضيق الحياة بالمسلم. وقالت أستاذ العقيدة والفلسفة: الإسلام لم يعرف يوماً تطرفاً ولا غلواً، وفي نفس الوقت لا يعرف تهاوناً أو تقصيراً أو إهمالاً، فهو دين الوسطية والسماحة والاعتدال، وبالتالي فإن دعوته إلى التيسير ورفضه للغلو والتشدد لا تعني بأي حال من الأحوال التفريط والتهاون والتقصير والإهمال، ويخطئ من يعتقد أن مقولة «الدين يسر لا عسر» تسمح بالتهاون أو التقصير أو التساهل، فدعوة الإسلام إلى التيسير دعوة مسؤولة، لا يصل إليها تفريط أو تقصير، والحقيقة أن تحديد مفهوم اليسر والتوسعة فيه يعود إلى الشارع الحكيم لا إلى أهواء الناس ورغباتهم، فالتيسير مسؤولية والتزام قبل كل شيء. مبادئ فقهية وأضافت د. إلهام: تتضمن الشريعة الإسلامية العديد من القواعد والمبادئ الفقهية التي تحث على التيسير والتخفيف على الناس حتى لا يتحملوا ما هو فوق طاقتهم، وهذه القواعد الشرعية تحفظ للإنسان حياته وتجنّبه الهلاك، وعلى رأس هذه القواعد قاعدة «ارتكاب أخف الضررين»، وقاعدة «الضرورة تقدَّر بقدرها»، وغير ذلك من القواعد التي تتيح للمسلم بدائل تحفظ له حياته، وتجعله يختار ما هو أيسر له وما هو أنسب، ولكن الأخذ بهذه القواعد له ضوابط وحدود والحبل ليس متروكاً على غاربه، وبالتالي لا يمكن أن تكون هذه القواعد مدخلاً للتفريط والتهاون. وفي السياق ذاته، توضح د. آمنة نصير، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن منهج الإسلام في التيسير واضح وصريح، وقد جاءت الشريعة الإسلامية بعدة قواعد تدخل في مضمون التيسير والتخفيف على الناس مثل قاعدة «الضرورات تبيح المحظورات»، وقاعدة «الحاجة تنزل منزلة الضرورة»، والتوسع في مصادر التشريع في ما لا نص فيه، والأخذ بالاستصلاح، والاستحسان، ورعاية العرف، وسد الذريعة، ولكن هذه القواعد لا ينبغي أن يستغلها البعض في غير أهدافها ومعانيها ومقاصدها الحقيقية لتبرير مواقف تحمل قدراً كبيراً من التساهل والتهاون والتقصير أيضاً. دعوة عالمية بينما قالت د. آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر: يروى أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لأبي موسى ومعاذ (رضي الله عنهما) حين أرسلهما إلى اليمن: «يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا»، وفي هذا الحديث النبوي دعوة صريحة لكل داعية في كل عصر ومكان إلى الأخذ بمبدأ التيسير وتجنب كل أشكال التشديد والتعسير، ومن هنا ينبغي أن نعمل على تطوير منهج هذه الدعوة المبشرة إلى الإسلام للمسلمين ولغير المسلمين، للمسلمين تفقيهاً للتعاليم وتصحيحاً للمفاهيم، وبياناً لحقائق الإسلام، ورداً على أباطيل خصومه، ولغير المسلمين باعتبار دعوة الإسلام دعوةً عالمية موجهةً للناس كافة «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» مع ضرورة استخدام آليات العصر الحديث في تبليغها إلى العالمين بلغاتهم المختلفة، ودعوة المسلمين تكون كما رسمها القرآن بالحكمة والموعظة الحسنة، ودعوة المخالفين عن طريق الحوار بالتي هي أحسن، وتبنّي منهج التبشير في الدعوة إلى جوار منهج التيسير في الفتوى، والتبشير في الدعوة يكون بأن نذكّر بالرجاء مع الخوف أو قبل الخوف، وبالوعد مع الوعيد أو قبل الوعيد، ونؤكد بواعث الأمل بدل المثبطات والمحبطات، ونعرّف بالإسلام بأنه دين التفاؤل لا التشاؤم، دين الأمل لا القنوط، دين الحب لا البغض، دين التعارف لا التناكر، دين الحوار لا الصدام، دين الرفق لا العنف، دين الرحمة لا القسوة، دين السلام لا الحرب، دين البناء لا الهدم، دين الجمع لا التفريق. سمة أساسية في الدين أما د. منصور مندور، من علماء الأزهر، فقال: التيسير سمة أساسية من سمات الدين الإسلامي الوسطي الذي لا غلو فيه ولا جفاء، ولا إفراط، قال تعالى «وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى?»، وقال جل شأنه «سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً»، وقال «يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ»، وقال القاسمي في تفسيره لهذه الآية، إذا اختلف عليك أمران، فإن أيسرهما أقربهما إلى الحق. وقد روت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله، قال: «إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً، ولكن بعثني معلماً ميسراً»، وهذا كله يثبت سماحة هذا الدين ويسره، وبعده عن الغلو والتشدد، وما يؤدي إلى المشقة والعسر، لكن هذا لا يعني التفريط والتساهل والتهاون بحجة أن الدين يسر، فإن تحديد مفهوم اليسر والتوسعة إلى الشرع لا إلى أهواء الناس ورغباتهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©