الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

?الإصلاح ?بين ?الناس.. عبادة جليلة

?الإصلاح ?بين ?الناس.. عبادة جليلة
22 يوليو 2016 20:57
الإصلاح عبادة جليلة وخُلُق جميل، وهو من أفضل القربات إلى الله سبحانه وتعالى، وإصلاح ذات البين هو أن نسعى لإصلاح البُعْدِ والتنافر الذي حدث بين فردين أو أكثر من أفراد المجتمع الإسلامي، ويكون الإصلاح بين الأفراد والجماعات، والأزواج والزوجات، والأقارب والأرحام، والعشائر والقبائل، والمتداينين، فالإصلاح عمل جليل وخُلُق كريم يحبه الله ورسوله، وديننا الإسلامي يحث دائماً على ضرورة الإصلاح بين المتخاصمين، و جمع شمل الأمة، وإزالة الخلافات بين أفراد المجتمع، فبالإصلاح يصلح المجتمع وتأتلف القلوب، وتجتمع الكلمة وينبَذ الخلاف، وتُزرع المحبة والمودة، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ، فَأُخْبرَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بذَلِكَ، فَقَالَ: «اذْهَبُوا بنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ» ( أخرجه البخاري). مبادئ الأخوة ومن المعلوم أنّ من أهم المبادئ التي تُقَوِّي الأخوَّة وتحفظها بين المؤمنين، الإصلاح بين المسلم وأخيه المسلم، إذا حدث بينهما ما من شأنه أن يؤدي إلى خلاف وشقاق، أو قطيعة ونزاع، والسعي في إعادة العلاقة الطيبة بينهما إلى ما كانت عليه من الصفاء والوئام، سعياً في الحفاظ على الأخوَّة والمودة، ورغبة في تحصيل الأجر والثواب على ذلك من الله سبحانه وتعالى، عملاً بقوله تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} سورة النساء الآية (114). هذا هو المجتمع الفاضل الذي ينشده الإسلام، مجتمع حب وود، ومروءة وخير، مجتمع متماسك البنيان، متوحد الصفوف والأهداف، كما قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} سورة الفتح الآية (29). منهج إسلامي لقد حَثَّ القرآن الكريم على وجوب الإصلاح بين المتخاصمين في آيات كثيرة من القرآن الكريم منها، قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} سورة الأنفال الآية (1)، وقوله تعالى: ?وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا? سورة الحجرات الآية (9). كما حثت السنة النبوية الشريفة على ذلك في مواضع كثيرة منها قوله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): «أَلا أُخْبرُكُمْ بأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: إِصْلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ: الْحَالِقَةُ» أخرجه أبو داود، وقوله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): «مَا عُمِلَ شيٌء أفضلَ من الصَّلاةِ، وإصْلاح ذَاتِ الْبَيْنِ» أخرجه الأصبهاني. كما سار الصحابة الكرام (رضي الله عنهم أجمعين) على نفس المنهج الإسلامي، فهذه وصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) إلى أبي موسى الأشعري (رضي الله عنه) عندما كتب له: «الصُّلْحَ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلالاً». مجتمع متماسك من المعلوم أن ديننا الإسلامي الحنيف حرص على تقوية الصلات بين المسلمين، لأنهم إخوة كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، لهذا أمرهم القرآن الكريم بالوحدة، ونهاهم عن التنازع، لأنه يُضعف القوة ويقطع روابط الإخاء، كما في قوله تعالى: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابرِينَ} سورة الأنفال الآية (46)، فالمجتمع الإسلامي متماسك و مبنيٌ على الأخوّة والمحبة. لذلك فإننا نجد إذا وقع أي خلاف بين المسلم وأخيه المسلم فإن الصلة بينهما لا تنتهي، وكما جاء في الحديث الشريف: «لا تَقَاطَعُوا وَلا تَدَابَرُوا وَلا تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثٍ» أخرجه البخاري، وقوله (صلى الله عليه وسلم) أيضاً: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، إِلاَّ رَجُلاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا» أخرجه مسلم. دَعْ للصلحِ موضعاً ورد في كتب السيرة والتاريخ أن رجلاً شتم أبا ذر الغفاري (رضي الله عنه) فقال له أبو ذر (رضي الله عنه): «يا هذا، لا تستغرق في شتمنا ودع للصلح موضعاً، فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه»، فهدأ الرجل وكفَّ عن الشتم. هذا الموقف يدل على حُسْنِ خُلُقِ المسلم في تعامله مع الآخرين، فهو لا يقابل الإساءة بالإساءة امتثالاً لقوله سبحانه وتعالى: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (18). بقلم الشيخ الدكتور / يوسف جمعة خطيب المسجد الأقصى المبارك info@yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©