الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما ونوبل للسلام

14 أكتوبر 2009 23:36
القرار الجريء الذي اتخذته لجنة جائزة نوبل للسلام بمنح الجائزة لأوباما هذا العام، يبدو أنه جاء تجاوباً مع المشاعر العامة الإنسانية التي بعثها انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، والذي اعتبره كثير من الكتاب والمفكرين أشبه بثورة في تاريخ الولايات المتحدة بمثل ما أعتبر قرار إلغاء الرق وتحرير العبيد وإعلان استقلال «المستعمرات» الأميركية من التاج البريطاني. هذا القرار الجريء الذي أثار - وما يزال - نقاشاً عالمياً ليس له سابقة في تاريخ هذه الجائزة العالمية رفيعة الشأن، خاصة وأن الجائزة ذات المعاني الكبيرة مُنحت لرئيس لم يكمل الشهر العاشر من رئاسته. لكن الحيثيات التي أذاعها رئيس اللجنة المحترمة في تبريره قرار اللجنة منح أوباما جائزة هذا العام للسلام، تمثل رسالة موجهة للرئيس وإدارته وشعبه بأن العالم قد أنهكته وأخافته السياسات العسكرية - الاستعمارية والحروب التي أدخلت فيه الإدارة «الجمهورية» السابقة المجتمع الدولي وجو الرعب والتخويف وانتهاك القوانين الدولية والأعراف الإنسانية التي عاشها العالم تحت إدارة بوش- تشيني. كان انتخاب أوباما والتأييد الواسع الذي وجدته رسالته وبرنامجه الانتخابي وخطبه وأحاديثه بعد أن تولى مسؤولية الرئاسة الأولى في بلده وآخره دعوته في مجلس الأمن - الذي كان أول رئيس أميركي يتولى رئاسة جلسته لإنهاء عصر التهديد المستمر بالأسلحة النووية وأسلحة الدمار وتعهده بأن تبدأ الولايات المتحدة صفحة جديدة في علاقاتها مع منظمة الأمم المتحدة ومع الدول التي ناصبتها الإدارة اليمينية الجمهورية العداء وبخاصة خطابه للعالم العربي - الإسلامي، الذي قال فيه بنبرة صادقة وصوت عال أن ليس هنالك حرب بين أميركا والإسلام. وكما قيل عن قرار اللجنة منح جائزة السلام للرئيس أوباما ليس لإنجازاته في طريق السلام الدولي، فهو لم يجد من الوقت بعد ما يمكن اعتباره إنجازاً كبيراً إنما استحق به أن يُـمنح الجائزة نتيجة تعهده أن يعمل من أجل سلام العالم. بمعنى آخر أنه مُنح الجائزة مقدماً تأكيداً وتشجيعاً له للسعي والعمل من أجل نواياه الحسنة التي أفصح عنها في برنامجه الانتخابي. فالجائزة الرفيعة التي وصفها البعض أنها أشبه «بالدفع المقدم» في بعض معانيها هي إعلان برفض ومعارضة سياسات الإدارة السابقة، وهي سياسات مخيفة، ورفضها بعض السياسيين العالميين الذين انضموا إلى بوش في غزواته وحروبه التي انتهكت قواعد القانون الدولي والأعراف والتقاليد في معاملة الأعداء والأسرى. منح الجائزة العالمية للسلام لأوباما قد عزز موقفه، لكنها أيضاً قد حملته أعباءً ومسؤوليات أكثر. وأتصور أنه الآن يشعر بأن مسؤوليته الأخلاقية وتطلعه لمكانة تاريخية تدعوه أكثر وأكثر للعمل لتحقيق الأمل الذي بعث روحه في العالم وبخاصة في عالمنا العربي الإسلامي الذي ينتظر منه العمل الجاد والصادق لسياسة أميركية عادلة ومواقف عادلة في قضاياه الذي ينظر إليها بلده بأن مسؤوليته عن المظالم الفظيعة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد إخواننا الفلسطينيين. وأول امتحان سيواجهه هو وإدارته موقفه من محقق الأمم المتحدة ريتشارد جولدستون حول حرب إسرائيل في غزة، والذي أدان إسرائيل بجرائم حرب ضد المدنيين. فموقف الإدارة الديمقراطية من تقرير جولدستون، سيوضح ويحدد لنا هل فعلا أن التغيير الذي بشر به أوباما وتعهد في تصريحاته بموقف متوازٍ وعادل من الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني سيتحقق أم لا؟ عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©