السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء: الأصوات المنادية بالدولة المدنية تستهدف الإرباك والفوضى

العلماء: الأصوات المنادية بالدولة المدنية تستهدف الإرباك والفوضى
7 ابريل 2011 20:37
أكد علماء الدين أن دولة الإسلام تدار بالشورى والديمقراطية ويحكمها الإسلام وكتاب الله وسنة رسوله، ولا داعي للأصوات التي تطالب بالدولة المدنية لأن هذه الدولة قائمة بالفعل وتحكمها قوانين وتشريعات إسلامية أرسى مبادئها الرسول – صلى الله عليه وسلم– في وثيقة المدينة والتي كفلت حق المواطنة وبها أكثر مما تطالب به الأمم المتحدة خاصة فيما يتعلق بالتعايش واحترام الآخر وحقوق الإنسان. وطالب العلماء بعدم الانغماس في الدولة الدينية بلا فقه ولا وعي. كانت قد ظهرت في الفترة الأخيرة بعض الأصوات التي تطالب بالدولة المدنية في كثير من الدول العربية والإسلامية، وصاحب ذلك ظهور مصطلح الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية بالرغم من أن الإسلام كان دائماً يؤيد الدولة المدنية التي تستمد قوانينها من الشريعة الإسلامية والإسلام يتعاون مع كل الحضارات والشعوب ومِن أهم قيمه الحرية والمساواة والعدالة والتعاون ويرفض الدولة القائمة على قوانين عسكرية، الأمر الذي جعل البعض يطالب بشيوع الدولة المدنية بهدف فصل الدين عن الدولة. تدار بالشورى ويقول الشيخ محمود عاشور- وكيل الأزهر السابق- إن دولة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عندما بدأت كانت دينية؛ لأنه كان رسولاً نبياً يأتيه الوحي من الله عز وجل وكانت أيضاً دولة مدنية قائمة على الشورى، فقد كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يشاور أصحابه في كثير من الأمور مثلما فعل عند اختيار الموقع الخاص بغزوة بدر ووقف الصحابة- رضوان الله عليهم- يتشاورون مع رسول الله، وقال لهم أشيروا عليّ وكان النبي ينزل على رأي أصحابه وهذا دليل قاطع على ان الدولة الإسلامية مدنية وليست عسكرية تنفرد بالرأي. وأضاف: وعندما تولى أبوبكر الخلافة بالانتخاب، قال خطبته المشهورة: «إني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني». وقال: «أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم». وقال عمر بن الخطاب عندما تولى: من رأى منكم فيّ اعوجاجاً فليقومني. فقال له أحد الرعية لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا. فقال: الحمد لله الذي جعل في رعية عمر من يقوم اعوجاجه بحد سيفه. ولما قيل له اتق الله يا أمير المؤمنين في كذا وكذا أنكر بعض أصحابه على القائل فقال: دعه لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير فينا اذا لم نسمعها. فهذه دولة الإسلام الأولى التي لا قداسة ولا تسلط لحاكم فيها؛ لأن الدولة تدار بالشورى والديمقراطية، ويحكمها الإسلام وكتاب الله وسنة رسوله، وبالتالي فليس هناك داع لتلك الأصوات التي تطالب بالدولة المدنية لأنها قائمة بالفعل. حقوق غير المسلمين وأكد الدكتور أحمد طه ريان- أستاذ الفقه بجامعة الأزهر ـ أنه لا يوجد في الإسلام ما يسمى الدولة الدينية وإنما منذ بدأ الإسلام كانت دولته مدنية تراعي جميع الحقوق لمواطنيها سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، كما قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «لهم ما لنا وعليهم ما علينا»، فالدولة الإسلامية تراعي حقوق غير المسلمين في الحقوق والواجبات والمعاملات، وفي القضاء والأحوال الشخصية؛ لأن هؤلاء هم الذين انضموا للواء الإسلام وبينهم وبين المسلمين عقد ذمة، وهو ما يسمى الآن المواطنة والإسلام يعطي هؤلاء الحق في تنظيم أمورهم المتعلقة بأحوالهم الشخصية من زواج وطلاق إلا إذا أراد بعضهم أن يلجأ إلى المحاكم الإسلامية مع التزامه بالتشريع الذي قامت عليه هذه المحاكم. والقرآن الكريم أشار إلى هذا المعنى قال تعالى: «فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وان تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين»، والخطاب هنا موجه لرسول الله بأن يحكم بينهم بشريعة الله أو يعيدهم إلى ملتهم. وحذر الدكتور ريان من هؤلاء الذين يريدون خلط الأوراق وإشاعة البلبلة والذين يقولون إن حقوقهم مهددة لو قامت دولة مدنية على مرجعية دينية إسلامية. فهؤلاء بين الله تعالى لهم حقوقهم في نطاق الشريعة الإسلامية. وفي كلية الشريعة الإسلامية يتم تدريس مادة للأحوال الشخصية للمسلمين ومادة أخرى لغير المسلمين مما يؤكد أن جميع الحقوق مكفولة في نطاق الشريعة الإسلامية ولذلك فإن الرسول- صلى الله عليه وسلم- بعد انتهائه من نشر الإسلام كانت قوانينه وتشريعاته كلها مدنية. وناشد الدكتور ريان وسائل الإعلام التركيز على مبدأ المواطنة في ظل الدولة المدنية وتوضيح الحقائق للناس بأن الإسلام يتعايش مع الديانات الأخرى وأن غير المسلمين يعيشون في أمان وحرية في عهد الدولة الإسلامية. مدني بطبعه وشكك الدكتور زكي عثمان - أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر - في مصطلح الدولة المدنية، وقال إن وراء هذا المصطلح غموضاً، كما أن الدولة الدينية يعتريها الغموض أيضا والخلافات إلا أن مصطلح الدولة المدنية يكشف الغموض عنه حينما نأخذ ايجابيات هذا المصطلح ونترك سلبياته. والإنسان مدني بطبعه محب للاستقرار والأمان ويسعى للتعامل مع غيره من خلال المنافع المتبادلة التي تحقق التعاون والبر والتكاتف والتناصح. وتحدد الدولة المدنية من خلال منظومة سياسية العلاقة بين الحكام والمحكومين من خلال دساتير أو برلمانات تصب في هيكل يجعل للدولة سلطات ممثلة في السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. وأضاف: ربما تكون الدولة المدنية أفضل حالا من الدولة الدينية لأن الدين فيه من المذاهب التي تؤدي الى صراعات سواء ما بين سنة وسنة أو بين سنة وشيعة وما بين سلف واخوان وجهاد مما يخلق اضطرابا في الفكر. وهذا لا يعني حينما نقول بدولة مدنية أن نستغني عن الدين لأن الدين حينما يرتبط بالحضارة والثقافة والمدنية تسود العلاقات بين المسلمين بعضهم بعضا وبين المسلمين والآخر كالمسيحية واليهودية، بحيث لا يكون هناك إجبار من أحد لأحد والدولة المدنية لا يمكن أن تكون دولة ملحدة لأن قيمنا وشريعتنا الإسلامية واضحة ولا يمكن أن ينفصل الإنسان أو ينقطع عن دينه لأن ديننا الحنيف يبث الروح الوطنية بالحب والألفة وتحريك الطاقات من أجل أن يربط الإنسان بين دنياه وأخرته. وطالب الدكتور زكي الذين ينادون بالدولة الدينية بأن يصلحوا من أفكارهم أولا وأن يكونوا منظومين في سلك واحد، وأن يكون لهم برنامج يكون فيه الإنسان فاعلا لأنه قد نرى بعض الدول القائمة على مرجعيات دينية وتسبب الإرباك والفوضى. ويجب ألا ننغمس في الدولة الدينية بلا فقه ولا وعي وألا ننغمس في الدنيويات بلا تطلع إلى تحقيق السعادة التي ينشدها الجميع وهى رضا الله. وبالتالي لا يعتقد إنسان أننا نريد فصل الدين عن الدولة بل هما صنوان وهجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة تثبت حقيقة الارتباط بين الدين والدولة. ولاية المرأة ويشير الدكتور محمد عبدالغني شامة ـ الأستاذ بجامعة الأزهر ـ إلى أن ظهور مصطلح الدولة المدنية ناتج عن عدم فهم للذين يقولون بالدولة المدنية والذين يقولون بالدولة الدينية لأن الذين يقولون بالدولة الدينية لا يفهمون الإسلام لأنهم يضعون في بداية مطالبهم عدم تولي المرأة والقبطي الحكم وتنفيذ الحدود وكون المرأة لا تتولى الحكم ليس هناك نص صريح في القرآن على هذا. والذي ورد في الحديث الشريف عندما تولت ابنة فارس الحكم قوله –صلى الله عليه وسلم- «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» وهذا الحديث خاص بأهل الفرس على أساس أن حكمهم سوف يزول . وبعض الفقهاء قالوا بعدم ولاية المرأة لأن الوالي كان يؤم الناس للصلاة ويخطب الجمعة والمرأة لا يجوز لها أن تؤم الناس وهذا التعليل ليس موجود الآن. وأضاف: القبطي في الدولة الحديثة لا يحكم بما يعتقد وإنما يحكم بما أمامه من قوانين اختارتها الأمة التي لن ترضى بأن تكون هناك قوانين تخالف الشريعة خاصة إذا كانت بها غالبية إسلامية. أما بالنسبة لتنفيذ الحدود وهي تساوي 5 بالمئة من التشريع الإسلامي فإذا أردنا أن نطبقها في هذا العصر فلن تطبق مثل قطع يد السارق فعمر بن الخطاب رفع هذا الحد في عام الرمادة بسبب المجاعة. ورسول الله قال: «أدرؤوا الحدود بالشبهات»، ولذلك تطبق قوانين التعزير لأن الحدود فيها من الشروط ما لا يمكن أن ينفذ مثل جريمة الزنا فلا توجد واقعة زنا يستطيع أن يشهد عليها 4 شهود. إقرار مبدأ المواطنة قال الدكتور محمد عبدالغني شامة إن الرسول –صلى الله عليه وسلم– أقر مبدأ المواطنة قبل 14 قرنا عندما ذهب إلى المدينة المنورة وفيها مهاجرون وأنصار ومشركون ويهود، وأصدر وثيقة المدينة وهي التي يطالب بها الآن الجميع وبها أكثر مما تطالب به الأمم المتحدة خاصة فيما يتعلق بالتعايش واحترام الآخر وحقوق الإنسان، وهذه الوثيقة دليل قوي على وجود الدولة المدنية في ظل الإسلام ولكن البعض يخرج الدولة المدنية من مضمونها في الحديث عن ولاية المرأة والأقباط وتنفيذ الحدود
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©