الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المستشفيات السورية.. أهداف عسكرية

6 يونيو 2017 00:56
أصبح التهديم الممنهج للمستشفيات واحداً من أهم الأسباب التي تدفع السوريين للنزوح عن وطنهم، وهو الذي ساهم في نشوء أضخم حركة هجرة شهدها العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ومن أجل إسعاف المرضى والمصابين، اضطرت الطواقم الطبية السورية لنقل المستشفيات الميدانية إلى الملاجئ والكهوف المقامة تحت الأرض، وبنوا في بعض الحالات منشآت محصنة حتى يستطيعوا مواصلة العمل. وقالت كاتلين فالون التي شاركت في وضع تقرير مطوّل بعنوان «الحملة السورية»، أثناء استضافتها في «معهد الشرق الأوسط» في واشنطن: «لقد تمت عسكرة الرعاية الصحية في سوريا بعد نقل المستشفيات الميدانية إلى ملاجئ وكهوف مقامة تحت الأرض». وحتى هذه الحلول أصبحت معرضة للخطر. وحاولت الولايات المتحدة والأمم المتحدة بذل جهود لتأمين ما تبقى من المنشآت الطبية في أماكن الصراع في سوريا، لكن تمويل المساعدات الأميركية يواجه مشكلة الاقتطاعات في الميزانية، في إطار خطة الرئيس دونالد ترامب التي أطلقها تحت شعار «أميركا أولاً». ونتيجة لذلك، أصبحت مجموعات وهيئات المساعدة الطبية تتخوف من أن تؤدي هذه الاقتطاعات في ميزانية التمويل لتعريض حياة الأبرياء للخطر وإلى تفاقم أزمة الهجرة والسماح للمجموعات المتطرفة بملء الفراغ. ومعلوم الآن أن «الحرب الأهلية» التي تشهدها سوريا أصبحت تمثل الصراع الأكثر دمويّة في القرن الـ21 بعد سقوط أكثر من 450 ألف قتيل ونزوح ما يزيد على 12 مليون مواطن عن بيوتهم، ولجوء أكثر من 4.8 مليون سوري إلى بلدان الشتات. وبالتوازي مع الحملات العسكرية التي تشنها قوات الأسد على التنظيمات المعارضة، فقد كانت تستهدف أيضاً المنشآت الطبية والمدارس والبنى التحتية في كل المناطق الخاضعة للمعارضة. ومنذ عام 2011، تم استهداف وتدمير 454 منشأة صحية، وفقاً لتقرير رسمي صدر في مايو 2016 عن «الحملة السورية»، وهي مجموعة مدافعة عن حقوق الإنسان تعمل على حماية المدنيين السوريين. وكانت قوات الأسد والقوات الروسية وراء 91% من هذه الهجمات، وفقاً لما جاء في ذلك التقرير. وكان تنظيم «داعش» الإرهابي يقوم أحياناً باختطاف الأطباء، لكنّه لا يمتلك القوة الجوية لتدمير المنشآت الطبية. وسجلت زيادة كبيرة في الضربات الجوية للمستشفيات منذ الوقت الذي شاركت فيه روسيا في الحرب السورية في خريف 2015. وفي أبريل الماضي، كان أحد المستشفيات يتعرض لغارة جوية كل 29 ساعة. ولهذا السبب، فضل العديد من المستشفيات الميدانية الانتقال إلى ملاجئ تحت الأرض لتجنب تلك الضربات، لكن الغارات الجوية الروسية باستخدام قنابل وصواريخ أكثر قوة، واصلت استهداف المستشفيات. وليس ثمة شك في أن هذه الضربات الجوية تمثل عملاً وحشياً يهدف لقتل المزيد من المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. وقالت جومانة قدّور، وهي ناشطة ساهمت في تأسيس «جمعية إغاثة وتنمية سوريا»، وهي منظمة غير ربحية تشرف على تنفيذ برامج للمساعدة الإنسانية في سوريا منذ 2011: «إنهم يستهدفون المدارس والبنى التحتية وأرواح الناس». وشددت جومانة على ضرورة حماية الأماكن التي يمكنها أن توفر الأمان للناس وتضمن بقاءهم على قيد الحياة، وقالت: «إنهم يريدون جعل الحياة في المناطق الخارجة عن سلطة الحكومة أمراً مستحيلاً». وكان الحل المفضل لحماية المستشفيات الميدانية هو حفر الملاجئ تحت الأرض. لكن تكلفة بناء «مستشفى كهفي» قد تبلغ 800 ألف دولار، وتبلغ تكلفة تجهيزاته الطبية الأساسية 1.5 مليون دولار، وفقاً لما جاء في التقرير. إلا أن هذه التكاليف أقل من تلك التي تتطلبها إعادة تأهيل المستشفيات التي دمرتها القنابل، وخاصة لأن التجهيزات الطبية فيها تكون قد تعطلت وخرجت من الخدمة. وتوجد في سوريا الآن أربعة مستشفيات ميدانية مبنية في الكهوف و21 مستشفى أقيمت في الطوابق الأرضية، وهي ذات تحصين ضعيف، حيث تتم حمايتها باستخدام أكياس الرمل، كما أن بعضها غير محصّن على الإطلاق. وعندما علمت قوات النظام والقوات الروسية بتحصين المستشفيات، لجأت لاستخدام قنابل الطائرات الخاصة باختراق الحصون الإسمنتية، بالإضافة للأسلحة الكيميائية للقضاء على كل من يدخل هذه المؤسسات لتلقي الرعاية الطبية أو كل من يعمل فيها. *نائب رئيس تحرير مجلة «فورين بوليسي» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©