الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زوجان على المشنقة

زوجان على المشنقة
7 ابريل 2011 20:37
أحمد محمد (القاهرة) - الخلافات بين «ماجدة» و»حاتم» ظهرت مبكرا في الأشهر الأولى من زواجهما، وقبل أن يكملا عاما في حياتهما معا، عرف الجيران بكل تفاصيلها، ليس من قبيل التلصص والتنصت وإنما كانت المعارك بينهما يوميا بأعلى صوت أو بأنكر الأصوات، وهما يتبادلان الشتائم والسباب بعبارات وكلمات من قاموس رديء، لم يتورعا خجلا من ترديدها واستخدامها في كل وقت وحين. ضاق كل من حولهما ذرعا بهذه التصرفات الخارجة عن جميع الأعراف والأخلاقيات والعادات والتقاليد، ويصيبهم الأذى أكثر عندما تصل تلك العبارات البذيئة إلى آذان أبنائهم، وهم غير قادرين على حجبها عنهم، حتى لو أغلقوا كافة النوافذ والأبواب، ولا يريد أي منهم أن يقحم نفسه في تلك الخلافات وقد ينال من يتدخل شرر تلك التجاوزات غير المقبولة، لذا فكل واحد ينأى بنفسه عنها، وهذا شأن أبناء كل المدن لا أحد منهم يعرف جاره، ولا يسأل من أين أتى، ولا يعنيه ماذا يعمل، الجميع في قطيعة تجنبا للمشاكل، بل قد لا يتبادلون التحية عند أي لقاء في أي وقت من الليل أو النهار، وهكذا كان شأن جيران «ماجدة وحاتم» بعدما آثروا السلامة بالابتعاد، وإن لم يكونوا قادرين على اتخاذ أي قرار، لكن المؤكد أنهم يعرفون أدق التفاصيل في حياة الزوجين، لأنهما يعلنانها عند كل مشاجرة وفي أي حوار. الواضح أن المرأة ساخطة دائما، لا يرضيها أي شيء يفعله زوجها، كثيرة المطالب ولديها قائمة لا تنتهي، حتى إذا استجاب لواحد منها كان أمامه ما لا يعد ولا يحصى، فهي تضعه في مقارنات ظالمة مع الأثرياء والأغنياء وأصحاب المحال والأعمال وتريده أن يصبح كواحد منهم، وتعتبر هذا عيبا فيه وهو المسؤول عن حياة الفقر التي يعيشانها، فهي تريد ملابس غالية الثمن، وسيارة والخروج إلى المتنزهات وقضاء أوقات ممتعة، وهو عاجز عن تحقيق أي مطلب، بل تصف الشقة التي تقيم فيها بأنها قبر وليست سكنا وتحلم بتغييرها في القريب العاجل، وليس لديها صبر، ولا خطة لتحقيق الحلم، فقط مجرد أمنيات وأحلام يقظة، وهو يصفها بأنها امرأة زنانة، صاحبة نفس لا تشبع، ولا تعرف إلى القناعة سبيلا. الرجل موظف بسيط، ولم يتزوج إلا بعد أن تخطى الأربعين من عمره، وما تأخر إلا لضيق ذات اليد، وقضى كل سنوات شبابه كادحا من أجل توفير تكاليف الزواج وثمن الشقة، وهي لم تكن أحسن منه حالا فهي الأخرى ركبت قطار العنوسة وتقاربه في السن، وما تقدم لها أحد إلا هو، وكانت كل ظروفه واضحة أمام عينيها ولم يخف أي معلومة عن تفاصيل حياته، لذلك يتعجب من تصرفاتها وهو يعلم أنها ليست لديها أي مميزات تجعلها تتبطر على معيشتها معه، وتتحول إلى مارد يريد أن يفجر القمقم ليخرج إلى الحرية، واستطاعت بتصرفاتها أن تجعله يشعر فعلا بالنقيصة، وأنه نصف رجل، فشل في تحقيق أمنيات زوجته، وهي تضرب على هذا الوتر باستمرار. قبل مرور عامين من زواجهما، وبين عشية وضحاها، وبعدما تأكدت من أنه ليس فتى أحلامها وأنها ستعيش ما تبقى من حياتها على الهامش، وتأكد هو انه لا أمل في إصلاحها وسيبقى في هذا الجحيم المستمر، تم الطلاق، وهدأت المنطقة واستراحت من شرورها، ونعم الجيران بالتخلص من معاركهما وبذاءتهما، ولا يصدقون أنهم تخلصوا من هذا الكابوس الجاثم فوق صدورهم، وقد جاءهم الفرج بأكثر مما كانوا يتوقعون. لم تكتمل سعادة الجيران، فلم يمر سوى شهرين على طلاق الزوجين المزعجين حتى ظهر ما هو أسوأ بكثير، المطلقة تتردد على بيت طليقها، بين الحين والآخر من دون أن يردها أو يعيدها إلى عصمته، بما يتنافى مع الشرع والدين والقانون والأخلاق والعادات والتقاليد، حتى لو لم يحدث بينهما التقاء محرم، فمجرد وجودهما وحيدين أمر غير مقبول، بجانب أنهما مازالا في غيهما القديم من الشجار والشقاق، وهذه الحال زادت الجيران دهشة، لأنهم لا يعرفون سببا لهذه العودة المشبوهة الممقوتة، وهم متأكدون من أن الزوجين لا يطيق أي منهما الآخر، ومنفصلان وليس بينهما أطفال، ومع نفس المبدأ القديم أثر الجيران السلامة ولاذوا بالصمت المطلق وإن كان الغيظ يأكلهم. مضى شهران كاملان على هذا الوضع المرفوض، ووقعت أم المعارك، معركة حامية الوطيس استخدم فيها «ماجدة وحاتم» قاموسهما المعتاد، وزادا عليه تبادل الضرب بالأحذية واللكمات، وتبادل الضربات بكل ما يقع في أيديهما، وأيضا كما كان في السابق، كان الخلاف في هذه المعركة واضح السبب، فهما مختلفان على تقسيم بعض الأموال والمجوهرات وسيارة، وهذا ما جعل الجيران يسترقون السمع ليتأكدوا من صحة ما تناهى إلى أسماعهم ويتساءلون من أين لهما بهذه الأشياء وهما لا يملكان أقل القليل من متاع الدنيا، غير أن الحقيقة أن ما سمعوه كان صحيحا، والى هنا لا يمكن السكوت لان ذلك يعني أن هناك جريمة وراء حصولهما على الأموال والمجوهرات والسيارة. هرع الجيران وتحركوا إيجابيا لأول مرة وان كان الخوف لا يفارقهم، وأتجه بعضهم إلى قسم الشرطة للإبلاغ عما سمعوه وأدلوا بكل المعلومات التي لديهم في محضر رسمي، لكن ذلك لم يكن وحده، كافيا من الناحية القانونية للقبض على «المطلقين» إذ لابد أن يكون هناك الدليل القاطع حتى لا يؤخذ الناس بالشبهات، وتمت مراقبة المشبوهين ووضعهما تحت الأعين على مدار الساعة، غير أن يومين فقط كانا كافيين للتأكد من صحة ما ذكره الجيران كاملا وتم الحصول على إذن من النيابة العامة للقبض عليهما. فوجئ «حاتم وماجدة» برجال البوليس يلقون القبض عليهما ويضبطون الأموال والمجوهرات والسيارة التي كانت الخيط الأول للوصول إلى الجريمة الأكبر، فهذه كلها متحصلات من جريمة قتل لامرأة وحيدة تقيم بمفردها ولم يكن هناك أي مجال للإنكار أو التنصل من الجريمة، فكل الدلائل قاطعة وحاسمة. بدأ التحقيق مع «حاتم» وعاد إلى الحديث عن حياته السابقة مع مطلقته وأسباب انفصالهما وقال إنه بعد أن استراح منها لمدة شهرين عرف خلالهما راحة البال والاستقرار فوجئ بها تتصل به وتطلب لقاءه لأمر مهم، اعتقد في البداية أنها قد تكون «حاملا» وتريده أن يعيدها لعصمته من أجل الطفل القادم، وحتى لا يتربى يتيما وأبواه على قيد الحياة، ولكن عندما التقى بها لم يكن تقديره صحيحا بالمرة فهي لا تفكر أبدا في أن تعود إليه، بل وترفض ذلك جملة وتفصيلا، وانما كان سبب اللقاء أنها تمر بضائقة مالية وفي حاجة إلى المال بأي شكل، فأكد لها أن حاله أسوأ من حالها وأنه في أشد الحاجة وهي اكثر العارفين بظروفه. وقال «حاتم» إن تلك الأفعى استطاعت أن تجره بحديث ناعم إلى أحلام الثراء، وأن هذا ممكن لو استعمل عقله قليلا، ولأول مرة تسمعه كلمات حانية وتشحذ همته، وتشعره بأنه قادر على الانضمام إلى فئة ذوي الأموال لو سمع كلامها ونفذ خطتها الشيطانية فجارتهما تقيم بمفردها وتمتلك الكثير من الأموال وتتحلى بكميات كبيرة من المجوهرات غير تلك التي تكنزها، ويبدو ثراؤها واضحا من خلال السيارة الفاخرة التي تستقلها وتوقفها أمام البناية التي يقيمون فيها، وجعلت الأمر في عينيه هينا، بأن كل ما سيفعلانه أنهما سيستدرجانها بحجة الإصلاح بينهما وأعادتهما إلى حياتهما الزوجية ويقومان بقتلها والاستيلاء على هذه الأشياء كلها. لم ير «حاتم» إلا ما سيحصل عليه، ولم يفكر في غير ذلك من حرمة ولا سجن، وبالفعل تمت الخطة كما أرادا وتوجها إلى جارتهما التي استاءت من الزيارة لأنها غير معتادة، ولأنها لا ترغب في التعامل معهما، ولكن عندما علمت أنهما قصدا خيرا رحبت بهما وقامت لتحضر لهما مشروبا، فتبعاها إلى المطبخ وقاما بذبحها وترك جثتها في مكانها، وتسللا بالمسروقات من دون أن يراهما أحد، وفي المساء نقلا السيارة إلى مكان بعيد حتى لا تحوم حولهما الشبهات، وانتصرا إلى أن هدأت الأمور وبعد ما تأكدا أنهما بعيدان عن الاتهام قررا تقسيم المسروقات وليأخذ كل واحد نصيبه وتعود «ماجدة» الى حيث أتت، لكن الطمع مازال يسيطر عليها، فقد أرادت أن تحصل على الأموال النقدية، وهو يحصل على السيارة، بينما المجوهرات من حقها وحدها بحجة أن هذه أشياء نسائية، بالطبع كانت القسمة ظالمة ولم يتفقا فحدث الخلاف وتعالت الأصوات ولم يدركا أنهما يتحدثان عن جريمة فسقطا. وبنفس الكلمات اعترفت «ماجدة» التي حاول «حاتم» أن يفتك بها، خاصة بعدما علم في نهاية التحقيقات أن عقوبتهما ستصل إلى الإعدام والنهاية هي حبل المشنقة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©