الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاتحاد الأفريقي.. واختبار صلابة مصر

15 ابريل 2014 00:09
حلمي شعراوي مدير معهد البحوث العربية والأفريقية - القاهرة لأول مرة تحظى «بعثة متابعة» لحدث ما، بكل هذا الاهتمام الإعلامي أو الدولي، مع زيارة بعثة «الاتحاد الأفريقي» لمصر للمرة الثالثة بين 6-9 أبريل 2014. ولأن الرجل -رئيس البعثة- خطيب ثورة شعب مالي السابق، ورئيس جمهوريتها عقب استقرار النظام له عام 1992، فإنه يحب أن يعطي مهمته كل هذا القدر من الأهمية والإعلامية. وجاء “كوناري” إلى مصر بأدب رئاسي واضح. ومن حسن الحظ أنه وجد كل الاستقبال اللائق، والتيسيرات لمهمته، من قبل وزارة الخارجية، وفى استقبال المسؤولين، ومرشحي الرئاسة والقوى السياسية المختلفة له ، حتى ممثلي ائتلاف دعم الشرعية، كما سره في لقاء بمقر «حزب الوفد» -الذي حضرته- أن يقابل ممثلي حزب «النور» مع كافة القوى الليبرالية واليسارية. في هذه الزيارة الثالثة، كان لابد أن يبدو عليه مدى تطوير موقفه إيجاباً أو سلباً، بل وكان عليه أن يقابل شيئاً آخر مثيراً للابتسام، فكثير من الشخصيات السياسية والعامة يصممون على البدء في كلماتهم بالاندهاش – ما لم يكن «الاستنكار» لاستبعاد مصر من الاتحاد الأفريقي، وهي من أكبر دوله وأخطرها، والمنشئة لمنظمة الوحدة الأفريقية قبل الاتحاد، وقائدة التحرر الأفريقي. مهما قضى مبارك على هذا الدور…الخ ! فكان على الرجل باعتباره وطنياً قديماً، ومنذ أيام «موديبو كيتا»، ويعرف - كأستاذ في تواريخ الرجال والأمصار أن يؤكد أن أفريقيا تعظم بوجود مصر، وانهما تحتاجان بعضهما بالتأكيد..الخ أما الإعلام المصري، فقام بعضه بدوره الدرامي التقليدي، الذي يؤكد قبل مقابلة الرجل وبعدها أن مصر عائدة للاتحاد، ولا مشكلة في «العودة القريبة»، لأن كل شيئ تمام مع الرجل ! والرجل مهما كبر، ومهما حب أو كره، لا يستطيع في إطار لوائح «نقابة الرؤساء الأفريقيين»وحرفيتها أن يخالف قواعدها، ولهذا الاتحاد سوابقه منذ لحظة تأسيسه في الالتزام بحرفية القرارات، وروتينيتها إرضاء لكل عضو صغر أم كبر. أقول ذلك للسادة الإعلاميين المصريين والعرب عموما الذين يتصورون أن «كوناري» سيعود «ليأمر بعودة مصر» حالًا للاتحاد ما دام كله تمام ! لكن أظننا جميعاً حاولنا في القاهرة – وبأمل - أن نجعل من اجتماع «مجلس السلم والأمن» الأفريقي المقرر عقده أواخر أبريل في أديس أبابا، آخر مجال لمناقشة تقريره الإيجابي، وأن يقرر ذلك ـ مثلا - مجلس الوزراء الأفريقي القادم أواخر يونيو، وقد يؤدي ذلك لدعوة مصر إلى القمة الأفريقية القادمة أوائل يوليو 2014، خاصة مع الالتزام بـ «خريطة الطريق»، التي بدا الوفد متفهما ومقدراً لخطواتها، وهي تمثل التحول إلى الدستورية المنشودة عنده، وهذا إيجابي تماماً، حيث ستكون على وشك «التمام» لقرب الانتخابات البرلمانية في أواخر يوليو 2014. لكن حتى ذلك ليس نهاية الخطوات. فقد بدا الوفد الأفريقي ـ مثلاً - متسائلاً (قلقاً) على حالة حقوق الإنسان من اعتقالات إلى محاكمات إلى أحكام بالإعدام ( تساءل عن ذلك فعلاً) ثم إلى مدى «مشاركة الأطراف جميعاً» في أية عملية ديمقراطية! وهى أمور تتعلق بتمام «العملية السياسية» لتحقيق الديمقراطية كما هي في كراسة إعلان لومي عام 2000 عن «الديمقراطية والانتخابات والمحكومية» ! ولابد أن «الحكومة» أكدت له حرصها على العدل في ذلك، كما لابد أن يقدم المرشحون للرئاسة وعودهم لطمأنته. وللإنصاف فقد أبدى الرجل قلقه أيضاً من مظاهر العنف والإرهاب من قبل المعارضة، وكان لدهشتي يكرر ذكر الإرهاب في سيناء! أعود لتأكيدي للإعلاميين والباحثين أن هذه هي الاعتبارات التي ستحكم تقرير الرجل، وتلك هي ظروف تقديمه للتقرير، وهنا فقط تبقى بعض الأمور خارج النص، والتي يمكن أن يظل العنصر الدبلوماسي والشعبي عامل ضاغطاً عليها. وأتصور أن أطرافاً عربية وأفريقية صديقة ستقوم بدور في هذا الصدد، فلابد من الحد من دور الانحياز المتشنج لدى «مدام زوما» في إدارة المفوضية وترتيب تقديم التقارير، ما دامت السفارة المصرية بأديس أبابا لم توفق بعد في ذلك، وأظن أن وصول مبعوث الرئيس «زوما» نفسه ، وهو وزير الأمن في جنوب أفريقيا، إلى مصر وقت زيارة «كوناري» للقاهرة.. لن يخلو من دلالة ، وإشارته إلى دعم «الانتقال الديمقراطي»، ومواجهة الإرهاب في مصر، مما يمكن تقديره مستقبلاً، حتى في السياسة المصرية عموما تجاه أفريقيا. هناك أيضاً ضرورة أن يعلن الحكم، ومرشحو الرئاسة، كيف سيتعاملون مع العملية السياسية التي أكد عليها «كوناري» وغيره بحكمة وعقل مختلف، وما معنى «الحوار السياسي» في المجتمع، مقابل رعب كلمات «المصالحة» و«الوفاق» التي تهيمن على العقل المصري الآن، من دون وضوح لاختلاف المفاهيم والرؤى؟ علينا أن نواصل «العتاب الودي» المستمر للسيد «كوناري»، إذ إننا لم نفهم معنى أنه بعد الزيارتين في أغسطس 2013، ومقابلة كل الأطراف بما فيهم الرئيس المعزول، وإذ به يزور تركيا، وقطر في أكتوبر! ثم يزور الإمارات، وترفض السعودية زيارته! فهل كان ذلك معقولا؟ هل من حق الاتحاد الأفريقي أن يحقق في علاقات مصر الدولية، أم أنه كان على الاتحاد ودوائر المجتمع المدني الأفريقي كلها أن تستنكر لجوء الشخصيات والمنظمات الإسلامية للعمل من الخارج بهذا الشكل التآمري الذي لا يليق بأبناء دولة مثلهم لها احترامها في العالم مثل مصر، ووفق أي إطار دولي ووطني يتم ذلك؟ إن كثيرين يستنكرون فجاجة هذا السلوك من موفد أفريقي لمنظمة إقليمية أفريقية إلى القاهرة.. وإذ به في اسطنبول! وأنا أفهم الصراع الداخلي وأتصور مناقشته مع كل الأطراف – لكني لا أفهم الصراع من الخارج إلا مع الاستعمار مثلا ولمصر دور بارز سابق في العمل ضده. أظن أن السيد «كوناري» وصله بعض العتاب في مصر، وأرجو أن يصله وأصحاب «اللوائح الأفريقية»، أن بعثة الاتحاد هي لمتابعة تطور«الموقف الديمقراطي والمحكومية»، ومدى الانتقال من«التغيير اللادستوري»، إلى الوضع الدستوري المستقر حسب اللوائح، وليست للتحقيق في الشؤون السياسية للدولة المصرية موضع النظر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©