الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكومة «كان»... عهد جديد في اليابان

حكومة «كان»... عهد جديد في اليابان
4 يونيو 2010 23:21
قبل ساعات قليلة على توليه منصبه الجديد رئيس وزراء لليابان تلقى "ناوتو كان" مذكرة من سلفه المستقيل، يوكيو هاتوياما، يسدي له فيها بعض النصائح التي يبدو أن هاتوياما نفسه فشل في الأخذ بها، فقد كتب رئيس الوزراء المستقيل مخاطباً "كان" قائلاً: "أرجو أن تهتم بالعلاقات اليابانية- الأميركية، واليابانية- الصينية، فضلا عن العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية". ولكن هاتوياما الذي قدم هذه النصائح لم يتمكن هو نفسه، خلال فترته القصيرة التي قضاها على رأس الحكومة، من الموازنة بين حاجيات مواطنيه المعارضين لاستمرار القاعدة العسكرية الأميركية في جزيرة إكيناوا وبين حليف بلاده الأوثق، الولايات المتحدة. واليوم سيتسلم "كان"، رئيس الوزراء الياباني الخامس في غضون أربع سنوات، تركة ثقيلة زاخرة بالمشاكل والصعوبات التي حاول رؤساء الوزراء السابقون حلها دون جدوى، وهي مشاكل تتراوح بين حجم الديون المتنامي والحاجة الملحة لتقليصها قبل تفاقم أضرارها الاقتصادية، هذا زيادة على سجل طويل من الفضائح المالية، فضلا عن الأسئلة التي تثيرها قضية القاعدة الأميركية والمعارضة الشعبية الواسعة لاستمرارها فوق التراب الياباني. وكان الحزب الديمقراطي الياباني الحاكم قد انتخب بأغلبية كاسحة "كان" الذي شغل منصب وزير المالية في حكومة "هاتوياما" المستقيل، وبالنظر إلى الأغلبية المريحة التي يتمتع بها الحزب في البرلمان الياباني استطاع بسهولة تثبيت "كان" رئيساً للوزراء، هذا وسيتولى "كان" رسميّاً مقاليد السلطة بعد تصويت البرلمان على ذلك. ويرى المحللون والمتابعون للشأن الياباني أنه يتعين على رئيس الوزراء الجديد التصرف بسرعة، والمبادرة بتسمية حكومة جديدة دون إضاعة الوقت، وذلك قبل وصول موعد الانتخابات التي ستجرى في شهر يوليو المقبل. كما سيحتاج أيضاً في هذه اللحظة الدقيقة التي يتعرض فيها الحزب الديمقراطي الياباني لاختبار حقيقي، إلى إعادة الاستقرار لهياكل الحزب والاستعداد لخوض الاستحقاق القادم. ولكن الأهم من كل ذلك هو إعداد نفسه والحزب أيضاً لبلورة موقف واضح خلال الأشهر القليلة المقبلة حول موضوع القاعدة البحرية التي هيمنت على السجالات السياسية اليابانية وطغت على العلاقات الأميركية- اليابانية لشهور عديدة، ففي الخطاب الذي ألقاه "كان" أمام أعضاء الحزب يوم الجمعة الماضي شدد على "العلاقات اليابانية- الأميركية وضرورة تعزيزها فضلا عن تطوير التعاون مع باقي دول آسيا المجاورة". غير أن "كان" يستند إلى خلفية لا تشبه كثيراً رؤساء الوزراء السابقين، فهو ينحدر من وسط متواضع ولكن بسجل حافل من النضال السياسي، كما أنه يعد أول رئيس وزراء منذ عام 1996 لا ينتمي إلى عائلة احترفت العمل السياسي، وقد صعد إلى الواجهة أواسط التسعينيات عندما أجرى تحقيقاً كوزير للصحة وقتها كشف من خلاله أن وزارته متورطة في استخدام دم ملوث بفيروس الإيدز. ومؤخراً عبر عن موقف معارض لرئيس الوزراء المستقيل بالدعوة إلى التفكير في فرض ضريبة على الاستهلاك كجزء من الإجراءات اللازم اتخاذها للحد من الدَّين العام وتقليص نسبته. وعن رئيس الوزراء الجديد قالت "شيلا سميث"، الباحثة البارزة في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، خلال لقاء هاتفي أجري معها حول الموضوع إن "كان" يعتبر "رمزاً سياسيّاً نظيفاً وناشطاً في أوساط المواطنين، وخاصة أنه صعد بتألق من القاعدة إلى القمة. كما هاجم المؤسسة البيروقراطية التقليدية في أواسط التسعينيات. وأعتقد شخصياً أنه أثبت نفسه كرجل يمارس السياسة بتروٍّ، ولاسيما خلال الستة أشهر التي قضاها وزيراً للمالية في حكومة رئيس الوزراء المستقيل". وعندما استقال هاتوياما ومعه الرجل الثاني "إيشيرو أوزاوا" يوم الأربعاء الماضي تركا حزباً في وضعية صعبة للغاية بعدما تراجعت نسبة شعبيته إلى الحضيض، هذا في الوقت الذي كان يتمتع فيه بشعبية طاغية قبل ثمانية أشهر. وفي استطلاع للرأي أجرته صحيفة "يوميوري" اليابانية ظهر أن "كان" هو الأوفر حظّاً بين باقي المرشحين داخل الحزب للفوز بتزكيته ليصبح رئيساً للوزراء. وفي الأخير اضطر المنافسان الآخران اللذان كانا يتطلعان إلى خلافة "هاتوياما" إلى مؤازرة "كان" ودعمه في الوصول إلى رئاسة الوزراء. وقد جاءت استقالة "هاتوياما" فرصة سانحة لاستعادة الحزب الديمقراطي الياباني لجزء من شعبيته قبل حلول موعد انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة العليا في البرلمان الياباني) في 11 يوليو المقبل، بحيث سيحاول الحزب المحافظة على أغلبيته المريحة، وهذا ما عبر عنه "كان" قائلا "إن أول شيء يتعين القيام به هو استعادة الثقة الشعبية"، مضيفاً "لقد وصلنا كمجتمع واقتصاد إلى طريق مسدود"، في إشارة إلى مشاكل الرعاية الاجتماعية وسوق العمل الذي يعاني من انكماش، مؤكداً أن هذه المشاكل "ليست ظواهر طبيعية، بل هي نتاج سياسات خاطئة". تشيكو هارلان - طوكيو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©